يصوّت النواب البريطانيون الجمعة للمرة الثالثة على الاتفاق الذي أبرمته رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع بروكسل، في جلسة قد تضع حدًا لأزمة سياسية مستمرة منذ أشهر أو تعرّض البلاد لخطر الخروج من الاتحاد الأوروبي في غضون أسبوعين من دون اتّفاق.

إيلاف: رفض مجلس العموم حتى الآن مرّتين، وبغالبية كبيرة، الاتّفاق الذي أبرمته ماي مع الاتحاد الأوروبي لتنظيم خروج البلاد من التكتّل، لكنّه لم ينجح في التوصّل إلى اتّفاق على أي بديل، فيما الوقت بدأ ينفد.

يأتي التصويت في اليوم نفسه الذي كان يُفترض أن تخرج فيه بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنّ ماي طلبت في الأسبوع الماضي من قادة التكتّل إرجاء الموعد. ولعبت ماي ورقتها الأخيرة مساء الأربعاء عندما وضعت استقالتها على الطاولة لإقناع النواب بالموافقة على الاتفاق.&

لا اتفاق أو تأجيل طويل الأمد
طالبت مؤيدي بريكست بدعمها قائلة إنه في ظل خطة إرجاء موعد الانسحاب، من شأن إقرار اتّفاقها الجمعة أن يُخرج بريطانيا من التكتّل في 22 مايو.

لكن رفض الاتفاق مجددًا يفرض عليها إعداد خطة جديدة بحلول 12 أبريل، تتضمّن خيارات، من بينها بريكست من دون اتفاق أو تأجيل طويل الأمد.

نجحت بطرحها هذا في استمالة عدد من نقادها، بينهم وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، إلا أن أكثر من عشرة نواب محافظين لا يزالون يعارضون اتّفاقها.

كذلك يصر حليفها الإيرلندي الشمالي في البرلمان "الحزب الوحدوي الديموقراطي" على أن التدابير التي ينص عليها الاتّفاق في ما يتعلّق بالحدود الإيرلندية غير مقبولة.

وفي غياب دعم حلفائها، يتعيّن على ماي الاعتماد على أصوات حزب العمال المعارض لتمرير اتّفاقها، لكّن زعيم الحزب جيريمي كوربن أكد أنه سيصّوت ضدها.

حالة طوارئ وطنية
وكان البريطانيون قرّروا، بغالبية 52 بالمئة في استفتاء أجري في عام 2016، الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد عضوية استمرّت 46 عامًا. لكنّ البرلمان يبدو عاجزًا عن التوصّل إلى اتّفاق بشأن كيفية تنفيذ هذا القرار، ما يعكس الانقسام الحاصل في البلاد بشأن هذه المسألة.

دفعت الفوضى الناجمة من ذلك أصحاب الشركات والنقابات والاتحادات التجارية إلى التحذير من "حالة طوارئ وطنية"، فيما تراجع الجنيه الإسترليني مجددًا الخميس وسط مخاوف مما قد يحصل.

وتقرّ ماي بأن اتّفاقها الذي تم التوصّل إليه في نوفمبر الماضي، بعد مفاوضات استمرّت 18 شهرًا، هو تسوية شملت تنازلات، لكنّها تصر على أنه أفضل تسوية متاحة.

يشمل الاتفاق حقوق المواطنين والتسوية المالية وخططًا للحدود الإيرلندية ومرحلة انتقالية لتسهيل الانفصال بانتظار التوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة.

لطمأنة المستثمرين والشعب
وفيما يعتبر المؤيدون الأكثر تشددًا لبريكست أن الاتفاق يبقي بريطانيا مرتبطة بالاتحاد الأوروبي، يقول آخرون إنه لا يقدّم الحماية الكافية للعلاقات بين بريطانيا وأكبر شركائها التجاريين.

يأتي التصويت في ختام أسبوع صاخب في وستمنستر تولى فيه النواب البريطانيون استثنائيا الأربعاء السيطرة على عملية بريكست بتصويتهم على سلسلة بدائل للاتفاق. لكنّ أيًا من الخيارات الثمانية التي طرحت لم يحظَ بالغالبية، علمًا أن جلسة تصويت جديدة ستعقد الاثنين.

باتت كل مقاربة جديدة تفترض إرجاء لمدة أطول لموعد الخروج، وبالتالي إجبار بريطانيا على المشاركة في انتخابات المجلس الأوروبي المقررة في مايو.

وقالت وزيرة العلاقات مع مجلس العموم أندريا ليدسوم إن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على إرجاء حتى 22 مايو، إلا إذا تمت الموافقة على اتفاق الانسحاب في هذا الأسبوع.

وتابعت "أدعو كل النواب إلى تأييده (الاتفاق) وضمان خروجنا من الاتحاد الأوروبي... وإعطاء الشعب وقطاعات الأعمال اليقين الذي يحتاجونه".

بريكست "معصوب العينين"
لم تكن جلسة التصويت الجمعة مدرجة على جدول أعمال المجلس، لكن الحكومة دعت إلى جلسة طارئة اعتبارًا من الساعة 09:30 صباحًا (بالتوقيتين المحلي وغرينيتش) على أن يجري التصويت عند الساعة 14:30.

وجرت نقاشات حول ما إذا كان من الممكن عقد جلسة التصويت، بعد رفض رئيس مجلس العموم جون بيركو في الأسبوع الماضي عقد جلسة مماثلة، معتبرًا أن النواب قد رفضوا اتفاق ماي.

أجاز بيركو عقد الجلسة بعدما قررت الحكومة&أن يقتصر التصويت على جزء واحد من الاتفاق، بفصلها إجراءات الانسحاب عن الإعلان السياسي الذي يتناول مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

يأتي ذلك تلبية لطلب الاتحاد موافقة النواب على اتفاق الانسحاب، لكنه قد يفرض إجراء تصويت آخر على الإعلان السياسي قبل تطبيق الاتفاق. ووجّه زعيم حزب العمال كوربن انتقادات حادة إلى خطوة الحكومة، مؤكدًا أن حزبه لن يوافق على "بريكست معصوب العينين".