تستضيف تونس، البلد الوحيد الناجي من تداعيات "الربيع العربي"، الأحد، القمة العربية الثلاثين التي يشارك فيها حوالى عشرين رئيس دولة، يواجه العديد منهم انتقادات من منظمات حقوق الإنسان، أو احتجاجات شعبية تتعرّض للقمع في بلادهم.

إيلاف: من المنتظر أن يشارك في القمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الذي وصل الخميس إلى تونس وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقرّر الرئيس السوداني عمر البشير الذي تتّهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، والذي يواجه حركة احتجاجية تواجه بالقمع في بلاده، عدم المشاركة. وكانت منظمة حقوقية دولية طلبت من تونس توقيفه في حال مجيئه إلى البلاد. &

قال مسؤول دبلوماسي تونسي إن بلاده بين "الدول العربية القليلة التي باستطاعتها استقبال كل قادة الدول العربية"، مشيرًا إلى أن القمة ستكون مناسبة لاسترجاع مكانتها ضمن الدول العربية.

تجدر الإشارة إلى أن تونس من الدول العربية القليلة التي يتاح التظاهر فيها ضد القادة العرب. وتمكنت تونس، مهد الربيع العربي، من سلوك طريقها نحو الديمقراطية، على عكس تجارب بعض الدول الأخرى التي أفضت إلى أزمات.

ففي مصر، تلى ثورة 2011 وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة والإطاحة بهم على يد الجيش، يحكم اليوم السيسي بيد من حديد، وتلاحق الأجهزة الأمنية الصحافيين والناشطين والمعارضين الإسلاميين والعلمانيين. وفي سوريا، اندلعت حرب أهلية مدمرة بعد قمع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. في ليبيا، غرقت البلاد في الفوضى والصراع على السلطة بعد سقوط الزعيم معمر القذافي.&

أما في تونس، فمنذ سقوط الرئيس زيد العابدين بن علي تحت ضغط ثورة شعبية عارمة، تواصل البلاد سيرها بثبات نحو عملية ديموقراطية، إذ شهدت وضع دستور جديد وسلسلة عمليات انتخابية ناجحة.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية يوسف الشريف في هذا الصدد أن "تونس هُمشت" بين العرب. يضيف أن الدول العربية "لا تدعم التقدم الديمقراطي"، لكنه يلفت إلى أن القادة التونسيين لا يتقاسمون الخشية نفسها التي تعبّر عنها منظمات المجتمع المدني.

وتعتبر القمة العربية الثلاثون والأولى التي تنظمها تونس منذ 2004، امتحانًا حقيقًا لقدرات البلاد على الجمع بين الديموقراطية والدبلوماسية العربية.&

تظاهرات&
دعت 12 منظمة حقوقية ونقابية في تونس إلى التعبئة والاحتجاج يوم انعقاد القمة للدفاع عن الحق في التعبير وعن حقوق المرأة في دول العالم العربي. وأكدت السلطات التونسية السماح بالتظاهر كحق مكتسب في تونس، "الديموقراطية الناشئة".

يرى الشريف أن زيارة الرئيس المصري الأولى لتونس "ستزيد من انتقادات المقربين للنهضة"، الحزب الذي تربطه علاقات تاريخية مع الإخوان المسلمين في مصر. وتألف الوفد المرافق للعاهل السعودي الذي وصل الخميس الى تونس من حوالى ألف شخص.

يقول الشريف إن "تونس لا تملك الوسائل أو الرغبة في تصدير نموذجها الديموقراطي إلى الخارج، مضيفًا "ليست حريصة على قضايا حقوق الإنسان في بلاد عربية معينة".

لكن ستحرص تونس خلال أعمال القمة على وضع ملف ليبيا، جارتها الغارقة في النزاعات، ضمن أولويات الموضوعات التي ستناقش، خصوصًا إثر خارطة الطريق التي قدمتها الأمم المتحدة لوضع حد للفوضى في البلاد والتي تنص على إجراء انتخابات.

من المنتظر أن تجمع قمة رباعية السبت القادم ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش لتدارس الأزمة الليبية.

كما سيتطرق القادة العرب الى ملف الأزمة في سوريا، حيث تمّ القضاء على آخر معقل لتنظيم الدولة الاسلامية السبت، بالرغم من أن مسألة عودة دمشق الى الجامعة العربية ليس مدرجًا ضمن أعمال القمة.

وعلّقت الجامعة العربية في نهاية 2011 عضوية سوريا فيها، بسبب القمع الذي مارسه النظام على المحتجين في بداية النزاع.وأعلنت تونس أن مكان سوريا الطبيعي هو ضمن الجامعة، لكن لن تكون هناك مشاركة لوفد سوري في أعمال القمة الأحد. ويوضح المسؤول الدبلوماسي التونسي أن لا إجماعًا داخل الجامعة على استرجاع سوريا لمقعدها.