غزة: قُتل فلسطينيان السبت واصيب عشرات بنيران القوات الإسرائيلية قرب الحدود بين غزة وإسرائيل حيث احتشد عشرات آلاف الفلسطينيين على طول السياج الحدودي لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق "مسيرات العودة" في اختبار لوقف إطلاق النار الهش بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة أشرف القدرة في مؤتمر صحافي "استشهد أدهم نضال عمارة (17 عاما) بعيار ناري بالرأس من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأصيب اليوم في جميع أنحاء القطاع 138 شخصا إصابات مختلفة".

وفي ساعة مبكرة من صباح السبت، قتل محمد جهاد سعد (20 عاما)جراء "إصابته بشظايا بالرأس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي شرق غزة" وفق بيان لوزارة الصحة في القطاع.

وتتزامن الاحتجاجات مع إعلان مسؤولين من الفصائل الفلسطينية التوصل الى تفاهمات جديدة مع اسرائيل عبر الوساطة المصرية للمحافظة على الهدوء على السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة واسرائيل.

وزار وفد أمني مصري مخيم العودة شرق مدينة غزة وتفقد الأوضاع قبل مغادرته المكان، بحسب ما أفاد مراسل فرانس برس الذي شاهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لدى وصوله إلى المخيم الواقع في منطقة ملكة شرق غزة.

في مرحلة اختبار

وقال عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية في كلمة امام الاف الفلسطينيين إن "رسالة شعبنا أنه مصمم على استمرار مسيرات العودة حتى تحقيق أهدافها"، لافتا &الى ان "مسيرات العودة حققت خلال عام بعضًا من أهدافها، وستحقق المزيد من الأهداف".

وشدد الحية على "أن الاحتلال في مرحلة اختبار، وشعبنا ومقاومتنا سيواصلان الضغط على الاحتلال حتى يذعن لمطالبنا المشروعة".

واكد ان "الوفد المصري أبلغنا بردود إيجابية".&

وشوهد مئات الفلسطينيين يقتربون من السياج الحدودي مع اسرائيل رغم هطول الأمطار بحلول الظهر شرق مدينة غزة قبل أن يتراجعوا لدى إطلاق القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع. وقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة وحرق الإطارات.

وأكد المتظاهر يوسف زيادة (21 عاما) الذي لوّن وجهه بألوان العلم الفلسطيني لوكالة فرانس برس شرق جباليا "سنتحرك نحو الحدود حتى لو متنا. لن نغادر، سنعود إلى أرضنا".

وأفاد الجيش الإسرائيلي قرابة الساعة 13,00 بالتوقيت المحلي "هناك نحو 5500 من مثيري الشغب تجمعوا في مواقع عدة على طول السياج".

وأضاف أن "بعضهم يلقي الحجارة ويضرم النار في الإطارات"، مشيرا إلى أن الجنود يردون "باستخدام وسائل مواجهة أعمال الشغب".&

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحماس إياد البزم إن الوزارة "تنشر 8000 عنصر من كافة الأجهزة الأمنية (...) والخدماتية في محافظات قطاع غزة" في إطار دعمها لإحياء فعاليات "مليونية الأرض والعودة".&

تعزيزات

وكان الجيش الإسرائيلي حشد عشرات المدرعات على طول الحدود، ووضع عشرات القناصة على أهبة الاستعداد، وفق مراسل وكالة فرانس برس الذي شاهد المدفعية والدبابات شرق غزة.

ويتزامن ذلك مع "يوم الأرض" الذي يتم إحياؤه سنويا في 30 آذار/مارس في ذكرى مقتل ستة عرب إسرائيليين على أيدي القوات الاسرائيلية خلال تظاهرات خرجت عام 1976 احتجاجا على مصادرة أراض. ودعت هيئة "مسيرات العودة" الى إضراب شامل السبت.

وبلغت المواجهات ذروتها في 14 أيار/مايو العام الماضي بالتزامن مع نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، فقتل يومها 62 فلسطينيا على الأقل برصاص الجيش إسرائيلي وأصيب المئات بجروح.

ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد، وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم أو غادروا لدى قيام دولة إسرائيل في 1948.

وتأتي المسيرات قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الإسرائيلية، وبعد أيام قليلة من اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحماس في تصعيد أثار مخاوف من وقوع حرب رابعة بين الطرفين.&

ويعيش مليونا فلسطيني في القطاع الفقير الذي تحاصره إسرائيل بينما تغلق مصر في كثير من الأحيان معبر رفح الحدودي مع غزة.

وينظم الفلسطينيون احتجاجات في كل أسبوع تشمل قيام متظاهرين بإحراق الإطارات وإلقاء الحجارة وإطلاق البالونات المحملة بمواد حارقة أو متفجرة وحتى محاولة البعض اقتحام السياج الحدودي مع اسرائيل.&

ومنذ 30 مارس/آذار 2018 ، قُتل ما لا يقل عن 261 فلسطينياً بنيران القوات إسرائيلية، الغالبية العظمى على طول الحدود فيما قتل جنديان إسرائيليان.

وتبرر إسرائيل عمليات إطلاق النار بأنها دفاع عن حدودها ليس إلا. ويتهمها الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان بالإفراط في استخدام القوة.

وأصاب صاروخ اطلق من غزة الاثنين منزلا شمال عاصمة اسرائيل التجارية تل أبيب ما أسفر عن إصابة سبعة إسرائيليين بجروح. ورداً على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية على مواقع حماس بينها مكتب رئيس الحركة في غزة قبل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية.

انذارات

وقال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في بيان "نحن مستعدون لكل السيناريوهات وكل البدائل ولن نتردد في اتخاذ القرار الذي يحقق مصالح شعبنا ويستثمر التضحيات الجسام التي قدمها شبابنا في مسيرات العودة وكسر الحصار".

وكان نتانياهو وجه إنذارات عدة باحتمال لجوء إسرائيل الى التصعيد، رغم أن محللين يعتبرون أنه سيكون حذرا في اللجوء الى عملية عسكرية واسعة قبل الانتخابات.

وقال نتانياهو الخميس إن إسرائيل مستعدة لحملة عسكرية واسعة في غزة لكن فقط "بعد استنفاد كافة الخيارات الأخرى".

وأضاف "إذا تمّ الدفع باسرائيل لشن حملة واسعة، ستقوم بذلك من موقع قوة وأمن بعد استنفاد كل الإمكانات الأخرى".

من جهته، أشار المحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات إلى أن "حماس تحاول استغلال التظاهرات لانتزاع تنازلات من إسرائيل".

وقال "يبدو أن حماس تعتقد أن اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية ورغبة نتانياهو في المحافظة على الهدوء في غزة، يشكلان ورقة ضغط إضافية".&

لكنه اعتبر أن "هذه قد تكون استراتيجية تحمل مخاطر" بالنظر إلى التعزيزات العسكرية الإسرائيلية عند الحدود مع القطاع.&