انقرة: رغم نزوله بكل ثقله في الإنتخابات البلدية التي جرت الأحد، فشل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تحقيق الفوز الذي كان يتمناه، ويتجه حزبه حاليا نحو هزيمة في مدينتي اسطنبول وأنقرة ما يشكل صفعة قويه له قبل حزبه.

ومع أن النتائج غير النهائية لهذه الانتخابات تعطي حزب العدالة والتنمية أكثرية نسبية بسيطة على المستوى الوطني، فإنها تكشف في المقابل هزيمة في هاتين المدينتين الكبيرتين اللتين سيطر عليهما الحزب طوال ربع قرن.

- لماذا هذه الهزيمة؟-
يبدو أن الوضع الإقتصادي المتراجع قضم كثيرا من شعبية حزب العدالة والتنمية في المدن الكبيرة، بعدما اعتمد طويلا منذ العام 2002 على ارتفاع مضطرد لنسبة النمو في البلاد ما أتاح له تحقيق انتصارات انتخابية متتالية.

ودخل الحزب الاسلامي المحافظ هذه المرة الانتخابات البلدية وهو يواجه انكماشا للمرة الاولى منذ عشر سنوات، فيما سجلت نسبة تضخم قياسية، والبطالة الى ارتفاع مضطرد.

وقال برك ايسين الاستاذ المساعد في جامعة بيلكنت في أنقرة، "حتى الان كان إردوغان يحصل على دعم قواعده الشعبية استنادا الى المقولة التي تعتبر أن الاستقرار السياسي يجلب الازدهار الاقتصادي (...) لكنه في النهاية لم يجلب الاستقرار السياسي ولا الازدهار الاقتصادي".

أما ايمري إردوغان الاستاذ في جامعة بيلغي في اسطنبول فرأى أن الاقتصاد "لعب بالتأكيد دورا" في تراجع حزب العدالة والتنمية، "لكن السبب الآخر والأهم هو دعم الناخبين الاكراد" للمعارضة.

فقد قرر حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد تقديم مرشحين في جنوب شرق البلاد حيث غالبية السكان من الاكراد، ولم يقدم مرشحين في المناطق الاخرى لتجنب تشتيت الاصوات المناهضة لإردوغان.

واضاف ايمري إردوغان "أن الارقام في شكل عام تكشف أن مرشحي المعارضة نجحوا في اجتذاب غالبية ناخبي حزب الشعوب الديموقراطي".

- هل بات الرئيس اردوغان في موقع هش؟-
تشير النتائج غير النهائية الى أن حزب العدالة والتنمية انهزم في ثلاث مدن كبيرة أمام مرشحي المعارضة هي أنقرة واسطنبول وانطاليا.

وفي حال تأكدت النتائج الجزئية فان حزب العدالة والتنمية سيسيطر على 15 مدينة كبيرة بدلا من 18 كانت معه حتى الان، في حين ان حزب الشعب الجمهوري سيفوز ب11 مدينة مقابل ست حاليا.

ومقرا بهذا التراجع، سارع إردوغان منذ ليلة الاحد الاثنين الى الكلام عن "نقاط ضعف" لدى الغالبية لا بد من العمل على مواجهتها.

واضاف المحلل إيمري إردوغان "إذا كانت هذه النتائج قد تضر بسمعة الرئيس، فانها لن تؤثر على تقسيم المقاعد في البرلمان ولا على السلطة التنفيذية بعد إقرار النظام الرئاسي".

إلا أن آيسي أياتا استاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الاوسط التقنية في أنقرة، رأت أن هذه النتائج مؤشر الى"بداية النهاية" للغالبية الحالية.

وأضافت "لقد لاحظ اردوغان خلال السنوات القليلة الماضية تراجع حزبه لذلك نزل شخصيا وبقوة الى المعركة مشاركا بكثافة في التجمعات الانتخابية".

- كيف سيتصرف حزب إردوغان ؟-
سارع حزب العدالة والتنمية الى الاعلان أنه سيقدم طعونا في العديد من المدن بينها أنقرة واسطنبول.

وقال الرئيس إردوغان مساء السبت "نعرف أننا كسبنا قلوب الناس حيث انتصرنا، ونقر بأننا لم نكن على المستوى حيث انهزمنا".

وتوقعت المحللة أياتا أن يكون رد فعل إردوغان "هادئا لحماية الاقتصاد (...) فهو لا يزال يملك غالبية الاحياء في اسطنبول وهذا ما سيشدد عليه".

في أنقرة فاز حزب العدالة والتنمية بغالبية اعضاء المجلس الانتخابي (40،96% بحسب النتائج غير النهائية) ويمكن بحسب المحللة أياتا "أن يستبدل رئيس البلدية من حزب الشعب الجمهوري بآخر من حزب العدالة والتنمية" عبر اجراء إقالة.

كما اعتبر ايمري إردوغان أن غالبية في المجالس البلدية يمكن أيضا "أن تحد من هامش المناورة" لرؤساء البلديات من المعارضة.

وبعيد الانتخابات المحلية التي جرت عام 2014 عينت الحكومة مسؤولين إداريين في 95 من البلديات ال102 التي فاز فيها مرشحون من الموالين للاكراد. وقال إردوغان خلال حملته الانتخابية إنه لن يتردد بالقيام بالمثل مجددا.

- المعارضة أقوى ؟-
واعتبر ايسين "أن هذه النتائج ستعطي زخما للمعارضة لانها خلقت سابقة لتحدي اردوغان وحزبه في الانتخابات المقبلة".

وخلص الى القول إن هذه النتائج بعد 16 سنة من هيمنة اردوغان وحزبه "تؤكد أن تركيا تملك نظاما سياسيا تنافسيا".