بدأت بروناي الأربعاء فرض قوانين تتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية، وتتضمن الرجم حتى الموت للمثليين ومرتكبي الزنى، رغم موجة تنديد عالمي من سياسيين ومشاهير ومنظمات حقوقية دولية.

إيلاف: تدخل هذه العقوبات المشددة، التي تتضمن أيضًا قطع أيدي وأرجل المدانين بالسرقة، حيز التنفيذ، مع تطبيق قانون عقوبات جديد بعد سنوات طويلة من التأجيل.

بذلك تصبح بروناي، الدولة الصغيرة شديدة الثراء، التي تضم 430 ألف نسمة يديرها السلطان حسن البلقية بقبضة من حديد منذ 1967، أولى دول شرق وجنوب شرق آسيا التي تطبّق الشريعة، لتنضم إلى عدد من الدول التي تطبقها، وغالبيتها في الشرق الأوسط.

ينص القانون الجديد على عقوبة الموت لمرتكبي جرائم، بينها الاغتصاب واللواط والسرقة وإهانة أو سبّ النبي محمد. تلحظ حزمة القوانين الجديدة أيضًا جلد المدانين بالإجهاض وقطع الأيدي والأرجل للمدانين بالسرقة وتجريم تعريض الأطفال المسلمين للممارسات والمعتقدات الدينية غير الإسلامية.&

أثار إقدام السلطنة الثرية على المضي قدمًا في تنفيذ هذه القوانين تنديدًا في العالم، فوصفتها الأمم المتحدة بأنها "وحشية وغير إنسانية"، فيما دعا الممثل الأميركي جورج كلوني والمغني البريطاني إلتون جون إلى مقاطعة فنادق فخمة مرتبطة بسلطان بروناي.&

وفي خطاب متلفز الأربعاء، دعا سلطان بروناي إلى تعاليم إسلامية "أقوى" في البلاد، لكنه لم يذكر القوانين الجديدة المثيرة للجدل، ولم يعلن ما إذا بدأ تطبيقها، كما كان من المتوقع على نطاق واسع.

قال السلطان حسن البلقية في خطاب قرب العاصمة بندر سري بيغاوان "أريد أن أرى التعاليم الإسلامية في هذا البلد تزداد قوة".
أضاف السلطان البلقية الذي يحكم بروناي الغنية بالنفط منذ 51 عامًا، إن بروناي "عادلة وسعيدة" في وجه الانتقادات الدولية المتزايدة للعقوبات الجديدة.

وقال أمام حضور في مركز مؤتمرات "كل من يأتي لزيارة هذا البلد ستكون له تجربة لطيفة ويتمتع بالبيئة الآمنة والمتناغمة".لاحقًا، أكّد مسؤولون حكوميون أنّ القوانين الجديدة دخلت حيز التنفيذ الأربعاء.

همجية حتى النخاع
ووصف نائب مدير قسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش فيل روبرتسون القانون بأنّه "همجي حتى النخاع، ويفرض عقوبات بائدة، لأفعال لا ينبغي حتى أن تكون جريمة".

بدوره، قال الاتحاد الاوروبي في بيان إنّ بعض العقوبات الجديدة "ترقى إلى التعذيب والأفعال الوحشية والمعاملة غير الإنسانية والمهينة". كما إن حزمة القوانين تعد مخيفة لمجموعة "إل جي بي تي" (وهو اختصار يشير إلى مجموعة المثليين والمثليات والمتحولين جنسيًا ومزدوجي الميول الجنسية).

تحدر الإشارة إلى أن المثلية ممنوعة قانونًا في بروناي، التي تمارس إسلامًا أكثر تشددًا مقارنة بجارتيها ماليزيا وأندونيسيا، وعقوبته السجن حتى 10 سنوات. وبموجب القوانين الجديدة، بات الرجم عقوبة المثلية، فيما باتت ممارسة الجنس بين النساء عقوبته الجلد 40 مرة أو السجن بحد أقصى 10 سنوات.

قال رجل مثلي من بروناي يبلغ 33 عامًا، طلب عدم كشف هويته، إنّ القوانين الجديدة "غير عادلة ووحشية، ويجب ألا تُطبق".
وتابع لوكالة فرانس برس إنّها "تسلب سعادتي وحريتي للتعبير عن نفسي، وتحبطني بشدة".

قالت زولهيلمي بن محمد، وهي شابة متحولة جنسيًا، فرت من بروناي في العام الفائت، وطلبت اللجوء في كندا، لفرانس برس، إنّ الأجواء ستكون مخيفة لمجتمع "إل جي بي تي" الصغير في البلاد والذين يعيشون بالفعل حياة "سرية للغاية".

تابعت الشابة البالغة 19 عامًا "البعض في قلق كبير، ويفضلون الفرار من البلاد، قبل أن يتم اكتشاف أنهم ليسوا... طبيعيين جنسيًا".

عاصفة انتقادات دولية
وقال مسؤول في وزارة الشؤون الدينية لفرانس برس إنّ "البيان من مكتب رئيس الوزراء في عطلة الأسبوع يشير إلى موعد تطبيق القانون في 3 إبريل". وأكّد مسؤول حكومي ثان دخول القانون حيز التنفيذ الأربعاء.

وكانت السلطان البلقية، أحد أغنى أغنياء العالم، والذي يعيش في قصر فسيح ذي قبة ذهبية، أعلن للمرة الأولى عن التدابير في عام 2013. تم تطبيق الجزء الأول من القانون في العام 2014، وقد تضمن عقوبات أقل تشددًا، مثل فرض غرامات وعقوبات سجن لتهم مثل سوء السلوك أو عدم حضور صلاة الجمعة.

وضعت دعوة كلوني إلى مقاطعة الفنادق التسعة المملوكة لسلطان بروناي في أوروبا والولايات المتحدة المسألة في طليعة الاهتمام العالمي، ليتبعه مشاهير آخرون نددوا بتطبيق القانون المثير للجدل.

قال محللون إنّ السلطان يحاول تلميع مرجعيته الإسلامية وسط أنصاره المحافظين، في وقت يتراجع فيه الأداء الاقتصادي للبلاد.
ورأى خبراء أنّه من الصعب تقييم حجم الدعم الشعبي لتطبيق الشريعة في البلاد، إذ إنّ غالبية السكان لا تعبّر علانية عن انتقاداتها للسلطان.

في الواقع، ليس واضحًا إذا كان أشد العقوبات، وهو الرجم حتى الموت، سيطبّق أم لا. عمليًا يبقى إثبات إدانة شخص قبل رجمه صعبًا. فالمتهم عليه الاعتراف بارتكاب الجريمة أو أن يشهدها أربعة أشخاص على الأقل، وعليهم جميعًا أن يشهدوا أمام المحكمة الشرعية بذلك. ونفذت السلطنة آخر حكم إعدام في العام 1957.
&