إيلاف من لندن: فيما اعلنت احصائية عراقية عن اعتقال 2334 متورطا بقضايا مخدرات خلال الشهرين الأولين من العام الحالي، كشف القضاء العراقي ان المخدرات تدخل العراق جوًا من لبنان وبرًا من إيران بالزوارق عبر الاهوار الجنوبية التي تشكل حدودا عراقية معها ويتم نقلها بين محافظات البلاد بنعوش الشهداء والموتى وأكد أنّ تجار المخدرات محميون من اصحاب النفوذ و"المليشيات".

وأوضح قاضي محكمة التحقيق المركزية المختص بنظر قضايا قسم مكافحة المخدرات بجانب الرصافة في بغداد انه بعد تكليف المحكمة بالإشراف والتحقيق في ملف مكافحة المخدرات الشائك فقد ازداد عدد المعتقلين من المدانين والموقوفين وارتفعت كميات المخدرات المضبوطة.&

وأشار إلى إن ذلك جاء نظرا للاحترافية المتبعة في طرق التحقيق من قبل هذه المحكمة إضافة إلى إتباع احدث الطرق التكنولوجية في تعقب المجرمين وتحديد أماكنهم ورسم قاعدة بيانات كاملة عن أسماء وأعداد والمطلوبين والمدانين.

إنتقاد وزارة الداخلية

وأوضح القاضي انه بالرغم من الجهود القضائية الاستثنائية في هذا الملف الخطيرإلا أن جرائم المخدرات في ازدياد بسبب "غياب الردع وقلة الوعي وضعف إمكانيات الأجهزة القائمة على مكافحتها" كما ابلغ صحيفة "القضاء" الصادرة عن مجلس القضاء الاعلى واطلعت "إيلاف" الثلاثاء على تصريحاته.. مضيفا ان "قسم مكافحة المخدرات لا يمتلك الإمكانات الكافية لمكافحة مثل هذه الجرائم ووزارة الداخلية لا تدرك مدى خطورة استفحال وانتشار المخدرات، فقد قامت بتجهيز قسم مكافحة المخدرات بعدد قليل من السيارات والتجهيزات، إضافة لعدم توفير الابنية الكافية لمنتسبي الأقسام، وعدم وجود مواقف نوعية للموقوفين في هذه الجرائم".

&

أفراد عصابة مخدرات لدى القبض عليهم في مدينة البصرة الجنوبية المحاذية لإيران

&

تجار المخدرات محميون من أصحاب النفوذ و"المليشيات"

وتابع أن "إجراءات سلبية تكتنف عمل الداخلية منها فتح شعب أمنية تابعة للأقسام الرئيسة أدت إلى تشتت في العمل والواجبات في ظل هذه التجهيزات المحدودة".. منوها إلى أن "اغلب تجار المخدرات هم من أصحاب النفوذ والعلاقات ويمتلكون دعما من قوات غير منضبطة تابعة إلى جهات متنفذة".. في إشارة إلى "المليشيات" محذرا انه بهذه التجهيزات لا يمكن تنفيذ اغلب أوامر القبض لاسيما الصادرة منها على التجار". وبين ان "وزارة الصحة هي الأخرى لم تقم بدورها في انشاء المصحات النموذجية ليتم إيداع المتعاطين ومعالجتهم فيها".

قانون مكافحة المخدرات أدى لاستفحالها

وعن فاعلية قانون مكافحة المخدرات أشار القاضي المختص ان "قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 احد أهم أسباب انتشار المخدرات في الآونة الأخيرة وبصدوره أصبحت اغلب الجرائم تجارة وحيازة وتعاطي المخدرات جنحة لا تتجاوز عقوبتها الخمس السنوات".. مشددا على ان "هذه العقوبات لا تتناسب ومثل هذه الجرائم، ولا توفر الردع المطلوب تحقيقه في المجتمع".

وأشار إلى سبب اخر في انتشار المخدرات وهو قلة الوعي المجتمعي موضحا أن "فئات المجتمع عانت ما عانته من انتشار للامية في كثير من مناطق البلاد فأغلب العائلات لا تعرف شكل هذه السموم او تأثيراتها السلبية على جميع الصعد، وهنا يجب التنبيه إلى دور الاعلام الضعيف في نشر الوعي وتحذير المجتمع من مخاطر المخدرات وآثارها الذي لا يرتقي ومستوى بشاعة هذه الجرائم المرتكبة بحق المجتمع".. مؤكدا ان "الغالبية العظمى من المتعاطين هم بسطاء الحال ومن الطبقات تحت المتوسطة بل بعضهم من المتسولين الذين يستدرجون ليكونوا مروجين جيدين لهذه المادة".

اعترافات تاجر مخدرات

وعن أهم طرق استدراج المتعاطين وتكوين دوائر عملية لتجارة هذه المادة كشف أحد أاكبر تجار المخدرات والحبوب المخدرة الملقى القبض عليهم في بغداد عن ان "اغلب المتعاطين نستدرجهم من خلال الكافيهات والمراقص ومحلات المساجات وبائعات الهوى المتعاطيات للمخدرات بإفهامهم بأنها منشط عام للجسم لنوفرها بأسعار زهيدة، بل في بعض الأحيان تعرض عليهم مجانا لحين الإدمان عليها، ليضطرون بعدها إلى طلب المادة وتخييرهم بين شرائها بأسعارها الباهظة او ترويجها وبيعها مقابل كمية محددة منها".

نقل وتوزيع المخدرات عبر المحافظات

وكشف التاجر عن طرق نقل وتوزيع المخدرات بين المحافظات والمناطق العراقية موضحا أن "نقل المواد المخدرة وتوزيعها يكون عن طريق ناقلين يتم استدراجهم بالطرق نفسها او إغراء بسطاء الحال وسواق سيارات الأجرة بالمال الكثير عن كل نقلة ينفذونها اضافة لمشاركة عدد من سواق شاحنات النقل البري من المدمنين على تعاطي مادة الكرستال او حبوب (الصفر-1) التي تمنعهم من النوم لعدة ايام".

واضاف القاضي ان "اغلب الناقلين يقومون باستغلال النساء او المعاقين في نقل المواد لتجاوز السيطرات الأمنية، أو بإدخال المواد المخدرة في توابيت الشهداء والمتوفين للحيلولة دون خضوعها للتفتيش". ونوه إلى أنّ "أكثر أنواع المخدرات انتشارا في العراق هي مادة الكرستال تليها مادة الحشيشة مع انتشار الأفيون والهروين والكوكايين بقلة إضافة إلى الانتشار الواسع للحبوب المخدرة المتمثلة والوردي والقبرصي والكيمادرين وغيرها".

انتشار المخدرات بين الموظفين وعناصر القوات الامنية

وأكد القاضي أن "هذا الانتشار دخل في جميع مفاصل الدولة والمجتمع ليصل إلى موظفي الدوائر الرسمية ومنتسبي الاجهزة الامنيةلابل في احدى الجرائم المعروضة امامي وصل انتشارها إلى طلاب المدارس المتوسطة حيث يقوم مروج يستقل سيارة بالوقوف في باب المدرسة ليجهز مادة الكرستال ويذوبها وبيع الشهقة الواحدة بعشرة آلاف دينار".

وحذر القاضي المختص من الكرستال وحبوب الصفر-1.. مؤكدا أنها "اسرع المخدرات ادمانا وتأثيرا بالنسبة لباقي انواع المخدرات فهي تعتبر منشطا جسديا ولا تظهر آثارها بسهولة على متعاطيها إضافة لاستمرار مفعولها مدة طويلة".

وفيما يخص تهريب المخدرات وطرق توريدها إلى العراق أوضح القاضي ان "اغلب أنواع المخدرات تدخل من حدود العراق المشتركة مع إيران عن طريق منطقة الاهوار والمحافظات الحدودية لتنقل برا او من خلال المشاحيف (الزوارق) إلى داخل المحافظات ليستورد الغرام الواحد من مادة الكرستال بسعر عشرة الاف دينار(10 دولارات) وتباع في داخل المحافظات الحدودية بخمسة عشر الف ديناروتصل بعدها إلى بغداد وباقي المحافظات بسعر ستون ألف دينار لذا يعتبرها الكثير من التجارات المربحة".

واوضح القاضي إلى أن المخدرات تصل كذلك عن طريق دولة لبنان والمهرب إليها من دول أميركا الجنوبية وفي الفترات التي سبقت تحرير محافظة الموصل كانت تهرب الكثير من المواد عن طريق سوريا ومن ثم إلى الصحراء والمناطق غير المحررة ومنها إلى داخل المحافظات".

اعتقال 2334 شخصا بقضايا المخدرات والمطلوب لوقف انتشارها

وعن امكانية وقف الانتشار الواسع لهذه الآفة بين معظم فئات المجتمع شدد القاضي المختص بمكافحة المخدرات على ضرورة تشريع مجلس النواب تشريع او تعديل قانون مكافحة المخدرات ليكون اشد في عقوباته وان توفر وزارة الداخلية قوة أمنية متخصصة مجهزة بأحدث التجهيزات والأسلحة لمجابهة المتاجرين بأرواح الناس إضافة إلى تعزيز دور الإعلام وتوجيهه ليقوم بدوره في نشر الوعي بين أفراد المجتمع.

وبالتزامن مع ذلك كشفت إحصائية ان عدد الموقوفين في قضيا المخدرات في العراق خلال الشهرين الاولين من العام الحالي 2019 قد بلغ 2334 شخصا.

وقال عضو مفوضية حقوق الانسان العراقية فاضل الغراوي في بيان اليوم تابعته "إيلاف" ان "عدد الموقوفين والمحكومين في قضايا تجارة وتعاطي المخدرات بلغ 2334 موقوفاً في عموم العراق للفترة من الاول من العام الحالي إلى الاول من الشهر الماضي.&

وكانت المفوضية كشفت نهاية العام الماضي 2018 عن احصائية تظهر مستوى ادمان المخدرات في العراق موضحة ان الذكور اكثر تعاطيا لها بنسبة (89.79%) وبواقع 6672 موقوفا في مراكز الاحتجاز فيما بلغت نسبة الأناث (10.2%) بواقع 134موقوفة.


&