يهتف متظاهر أمام مقر القيادة العامة للجيش "فعلناها مرة يمكننا إعادة الكرّة" وسط إصرار المحتجين على إسقاط قادة المجلس العسكري بعد إطاحة عمر البشير الذي حكم البلاد على مدى ثلاثين عامًا.

إيلاف: على الرغم من حظر التجول قام السودانيون باعتصام ليلي آخر، واحتفلوا بانتصار جديد. فبعد إطاحة البشير تنحّى قائد المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عوض ابن عوف، وعيّن الفريق أول عبد الفتاح برهان عبد الرحمن خلفًا له.

أتت خطوة الفريق أول ابن عوف، الذي كان وزير دفاع في ظل حكم البشير، غداة إطاحة الجيش بالرئيس البشير وتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسته، في خطوة لم تلق ارتياحًا في صفوف المحتجين في شوارع الخرطوم، الذين يطالبون بأن تكون الحكومة المقبلة مدنية.

هتف متظاهرون من نساء ورجال يرتدون الزيّ التقليدي الأبيض "سيسقط آخرون"، مؤكدين مواصلة اعتصامهم لليلة السابعة.
وانطلق المتظاهرون في الشوارع وهم يرددون "مالها... سقطت" و"في يومين سقّطنا رئيسين".

كانت التظاهرات دخلت شهرها الرابع، وشملت مدنًا عدة. لكن المحتجّين صعّدوا تحرّكهم قبل أسبوع باعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش لمطالبة القوات المسلّحة بالانحياز لهم ضد البشير، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحقه في 2009 و2010 لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في غرب السودان.

وكانوا قد احتفلوا الخميس بالبيان التلفزيوني الذي أصدره ابن عوف، وأعلن فيه وضع حد لحكم البشير (75 عامًا) الذي تولى رئاسة البلاد لثلاثين عامًا بعدما وصل إلى السلطة بانقلاب.

حاكم مدني
لكن ابن عوف أعلن في بيانه الخميس أن المجلس العسكري الذي يترأسه سيدير البلاد خلال فترة انتقالية حدد مدّتها بسنتين. واعتبر متظاهرون كثر أن الوجوه والأسماء قد تغيّرت، لكن النظام لا يزال على حاله.

وقال أحدهم "لا نريد ابن عوف، لا نريد حكومة عسكرية"، مضيفًا أن كل الذين سيتولون إدارة المرحلة الانتقالية "تابعون لنظام البشير". وقال إن الجماهير تريد "حاكمًا مدنيًا".

للدفع باتجاه تحقيق هذا المطلب يبدو أن المحتجين قد قرروا مواصلة تحرّكهم. وفي مكان الاعتصام لا شيء تغيّر سوى الشعارات: فقد استبدلت مطالب رحيل البشير بالمطالبة برحيل ابن عوف والمجلس العسكري.

ومع حلول المساء بدأ تدفق حافلات المتظاهرين باتجاه مقر القيادة العامة للجيش، متحدّين حظر التجول المفروض من الساعة العاشرة ليلًا وحتى الرابعة فجرًا، بحسب ما أفاد شهود عيان، قالوا إنهم شاهدوا جنودًا يتحادثون مع المحتجين.

وقد شهد جسرا العاصمة الخرطوم زحمة سيارات باتّجاه مكان الاعتصام. وقال شاهد عيان إن "العديد من الفتيات توجّهن إلى نقطة التجمّع حاملات الأعلام السودانية".

بالتأكيد سأعود
وكان آلاف تجمّعوا خلال النهار في محيط مقر القيادة العامة للجيش لإقامة صلاة الجمعة خلف إمام التحف بالعلم السوداني. وقال حسين محمد المقيم في أم درمان "إنها المرة الأولى التي آتي فيها إلى هنا، وقد لبّيت دعوة إلى الصلاة".

توزّع بجوار المصلّين أقباط سودانيون وزّعوا الأكل والشرب لمساعدة الحشود على تحمّل أشعة الشمس الحارقة، فيما وزّع آخرون عمد آخرون الحصائر والفراش على المحتجين الذين ينامون ليليًا في المكان.

وهتفت نسوة "المتظاهرون يرفضون البيان"، في إشارة إلى ما أوردته كافة محطات التلفزة الخميس عن "بيان مهم" للجيش طال انتظاره لساعات قبل إعلان ابن عوف "التحفّظ" على البشير.

وعلى مقربة من تجمّعات المتظاهرين المرددين للشعارات كانت تسمع أغاني سودانية قديمة. وأعرب حسين محمد عن مدى إعجابه "بما يقوم به الشباب"، وقال عائدًا إلى أم درمان "الطقس حار جدًا"، مضيفًا "بالتأكيد سأعود".
&