واشنطن: في الحملة الانتخابية الرئاسية وفي الكونغرس الأميركي، لا يتوانى الديموقراطيون عن تحدي الشركات العملاقة في "وول ستريت" معلنين انطلاق "عصر جديد"، مع الأمل في تنفيس الغضب الذي لا يزال سائدا بقوة لدى جزء من ناخبيهم منذ الأزمة المالية في 2008.

واستدعت لجنة برلمانية في الكونغرس للمرة الأولى منذ هذه الأزمة، رؤساء مجالس إدارة كبرى المصارف الأميركية لتأدية القسم سويا الأربعاء.

وشكّل هذا المشهد مؤشرا هاما إلى تغيّر الأكثرية أخيرا في مجلس النواب الذي استعاد الديموقراطيون الهيمنة عليه في كانون الثاني/يناير بعدما استحوذ الجمهوريّون على أكثرية مقاعده طوال ثماني سنوات.

ووصفت ماكسين ووترز وهي أول امرأة وأول شخص أسود يقود لجنة المال النافذة في مجلس النواب الأميركي، هذا التغيير بأنه بداية "عصر جديد".

وكان المدير العام السابق لمصرف "ويلز فارغو" تيم سلون قد أدلى بشهادته خلال جلسة استجواب حامية أمام اللجنة الشهر الماضي.

أما هذه المرة فقد خضع للاستجواب قادة المصارف الأميركية السبعة الكبرى وهي "سيتيغروب" و"جاي بي مورغان تشايس أند كو" و"مورغان ستانلي" و"بنك أوف أميركا" و"ستايت ستريت كوربوريشن" و"بي أن واي ميلون" و"غولدمان ساكس".

وفي أوج الأزمة حين كان النظام المالي العالمي برمّته مهددا، خاضت ماكسين ووترز سجالات حادة مع بعض من هؤلاء القادة الماليين.

أما الآن فقد ركزت جلسة الاستماع على الأثر الاجتماعي لبورصة "وول ستريت" أكثر من الاستقرار المالي.

وقالت ماكسين ووترز لهؤلاء "أنتم، يا قادة الكون، تتمتعون بما يكفي من الذكاء وحس الإبداع" لتخفيف عبء المديونية على ملايين الطلاب الأميركيين.

وحمل الديموقراطيون في لجنتها على الهوة بين هؤلاء المدراء وجميعهم رجال بيض أثرياء، وباقي أفراد المجتمع، فيما اعتبر مسؤول جمهوري أن جلسة الاستماع هذه ترمي حصرا إلى "استثارة الاهتمام الإعلامي".

وبرز خلال الجلسة تصريح لافت لرئيس مجلس إدارة مصرف "سيتي غروب" مايكل كوربات أكد فيه أنه لو كان موظفا عاديا في المصرف براتب أقل بـ500 مرة من راتبه الحالي، كان ليتمسك بالأمل في "اغتنام فرصة التقدم".

وأثار الموقف استياء النائبة الديموقراطية نيديا فيلازكيز التي قالت "لهذا السبب الناس الذين يعيشون في قوقعة وبرج عاجي لا يسعهم فهم الغضب السائد في الخارج خصوصا لدى جيل الألفية".

- هجوم مضاد -
ويعوّل الديموقراطيون على الإفادة من هذا الغضب المتعاظم رغم النمو الاقتصادي القوي ونسب البطالة الضعيفة. وهم لن يكتفوا بمحاولة الحفاظ على أكثريتهم في مجلس النواب سنة 2020 بل سيسعون أيضا للاستحواذ على الأكثرية في مجلس الشيوخ وحتى بالعودة إلى البيت الأبيض.

وتحتل "وول ستريت" ورؤساء الشركات الكبرى موقعا هاما في حملات مرشحين كثيرين في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي تحضيرا للاستحقاق الرئاسي، وعلى رأسهم العضوان التقدميان في مجلس الشيوخ برني ساندرز وإليزابيت وارن.

وتعهد الاشتراكي برني ساندرز بأن "ترمي حملتنا إلى مكافحة مجموعات المصالح الكبرى التي تهمين على حياتنا السياسية والاقتصادية".

وكان هذا العضو المناوئ لـ"وول ستريت" تقدم نهاية العام الماضي بمشروع قانون يرمي إلى "تحطيم المصارف الكبرى في البلاد".

كذلك فإن إليزابيت وارن التي عُرفت بانخراطها الكبير قبل عقد من الزمن في الإصلاحات والخطط الإنقاذية بعد الأزمة المالية، جعلت من كبح جماح "وول ستريت" واحدة من أبرز معاركها.

وهي قدمت في هذا الإطار سلسلة وعود مفصلة تشمل تفكيك عمالقة شركات التكنولوجيا وزيادة الضرائب على الشركات العملاقة وتشديد القيود المالية.

كما أبدت إليزابيت وارن سعادتها باستعادة زملائها الديموقراطيين موقعهم الهجومي في الشأن المالي.

وقالت لوكالة فرانس برس "الجمهوريون حاولوا قدر المستطاع تقليص الرقابة على المصارف الكبرى، وها هم الديموقراطيون يقومون بهجوم مضاد".

وأشارت إلى أن المصارف "باتت اليوم أكبر من أي وقت مضى واستعادت عاداتها القديمة من خلال محاولة إخفاء مكامن الخطر في نتائجها المالية".

وأضافت "بهذه الطريقة وصلنا إلى الفوضى في 2008 التي كادت تأتي على الاقتصاد العالمي ولهذا السبب يجب إخضاعها لقيود أكبر اليوم".