لم تعد الشبكة العنكبوتية منصة حرة لمستخدميها كما يفترض، فعدد الدول التي تتبع أساليب مراقبة صارمة على مواطنيها وما يكتبونه على الإنترنت في إزدياد، بل إن شركات تقنية كبرى مثل غوغل اتهمت بمساعدة &أنظمة ديكتاتورية مثل الصين لفرض قيود على حرية مواطنيها في الوصول إلى المعلومات.

إيلاف من واشنطن: خلص تقرير لوكالة بلومبرغ نُشر الأحد، إلى أن الصين حققت انتصارًا "مذهلًا" على الولايات المتحدة، وصار نموذجها الذي يعتمد على فرض رقابة صارمة على الإنترنت وما يكتب فيها يستخدم على نطاق واسع في العالم، بعكس الآخر الأميركي الذي يدعم &بشكل كبير الحرية للمستخدمين.

زاد القلق في واشنطن من السيطرة المتنامية لخصمها اللدود على الإنترنت، إذ كانت بكين، أعلنت قبل أعوام مشروعًا استراتيجيًا يأتي ضمن هدفها لفرض هيمنتها على العالم، أسمته "طريق الحرير التقني"، استثمرت عبره نحو 79 مليار دولار في مجالات البنية التحتية للتقنية في دول كثيرة حول العالم، جذب بعضها (النموذج الشديد الصرامة) بلدانا دكتاتورية، مثل روسيا والفلبين وباكستان، وأخرى أوروبية، مثل ألمانيا وإيطاليا وإسباينا، ومن غير الصينيين، صار عدد الذين يستخدمون الإنترنت وفقًا لنموذج بكين، نحو مليار شخص.&

رقابة وحجب
النموذج الصيني، يعتمد على رصد المعلومات حول كل مستخدمي شبكة الإنترنت في البلاد، "والتأكد من أن السلطات تستطيع أن تصل إليهم إذا دعت الحاجة"، إضافة إلى حجب المعلومات والأخبار التي لا تريد أن يطّلع عليها مواطنوها.

في مؤتمر كبير عقده مسؤولون صينيون في ديسمبر الماضي، وحضره أقطاب من المستثمرين في التقنية في البلاد، أعلن أن "الصين ستكون قوة عالمية"، وتملك البلاد شريحة من الكابلات البحرية المهمة التي تنقل حركة الإنترنت العالمية.

ويتوقع أن حرب السيطرة على العالم الإفتراضي بين البلدين ستكون أكثر شدة من تلك الباردة التي جرت بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، ما سيؤثر على العالم بأسره، خصوصًا لما لها من أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية.

شركات تنظم احتجاجات
تركز الصين بشدة على بلدان شرق آسيا، وبعضهم حليف للولايات المتحدة، إذ من المتوقع أن يصل حجم التجارة الإلكترونية في هذه الدول، البالغ عدد سكانها نحو 500 مليون، إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2025.

وأصدرت بلدان&عدة خلال الفترة الماضية قوانين تشرع فرض الرقابة على سكانها، خلال استخدامهم لشبكة الإنترنت، منها فيتنام وتايلند وماليزيا.

وفي أغسطس الماضي، كشفت تقارير أن شركة غوغل العملاقة، وكجزء من صفقة عودتها إلى السوق الصينية، خضعت لشروط الحكومة في بيكن في ما يتعلق بحجب مواقع، بعضها إخباري من محركات البحث، الأمر الذي كان أحد أسباب خروج موظفي الشركة في تظاهرات احتجاج حول العالم في نوفمبر الماضي.

تهديد لاستمرار أنظمة
نقلت "بلومبرغ" عن تانيا أوكارول رئيسة قسم التقنية في منظمة العفو الدولية قولها: "إذا تمكنت السلطات (الدكتاتورية) من إقناع وادي السيليكون باللعب وفقًا لقواعدها القمعية، فسنشهد ارتفاعًا في فرض المراقبة وانخفاضًا في حرية التعبير على تلك المنصات".

وقال هوارد فرينش، وهو مؤلف كتاب رصد صعود الصيني بوصفها قوة عالمية "بالنسبة إلى الأنظمة الاستبدادية عمومًا، فكرة أن تكون الدولة قادرة على إيقاف الإنترنت إلى حد ما جذابة للغاية". لاحظ في حديثه إلى الوكالة أن "عدم السيطرة على الإنترنت يهدد بقاء هذه الأنظمة. هي تحاول حماية نفسها".

وكان ريك شميت الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل توقع في سبتمبر الماضي خلال مناسبة عٌقدت في سان فرانسيسكو أن تكون هناك في نهاية المطاف شبكتا إنترنت، لا واحدة كما الآن، الأولى أميركية، والثانية صينية.&


&