للتعاطي مع موضوعة "الأنوار" في "ماهيتها الفلسفية ومحمولاتها الاجتماعية والثقافية والتاريخية"، تنظم النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، الجمعة المقبل، في الرباط، لقاء فكريًا مفتوحًا مع الفيلسوف محمد سبيلا، من تأطير الدكتور محمد الشيكر.

إيلاف من الرباط: يندرج هذا اللقاء الفكري، حسب منظميه، في إطار تظاهرة "أيادي النور"، المنظمة ما بين 6 و27 من الشهر الجاري، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وفي أعقاب المناظرة الوطنية الأولى التي نظمتها في مناسبة ثقافية سابقة النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، حول وضعية الفنون التشكيلية في المغرب.

تعتبر "الأنوار"، حسب المنظمين، "من المفردات المأهولة بالمعاني، كما تعد من المفاهيم السيالة العابرة للحقول المعرفية، والمحايثة لجملة من الممارسات الإبداعية والتجارب الوجودية والإنسانية الخلاقة، بدءًا بالتصوير الصباغي، مرورًا بالسينما والفوتوغرافيا، ووصولًا إلى النظر الفلسفي ومقامات العرفان. وسواء اقترنت بالعقل أو بالحدس والذوق أو بالرؤية الحسية وعمل الخيال، فإنها تأتي، في سائر مساقاتها التداولية، في تقابل مع العتمة والظلمة المطبقة، مثلما ترد مقترنة بانكشاف الحقيقة وتجلي الأشياء وجلائها. على أن مفهوم الأنوار ما لبث أن صار مرتبطًا، منذ القرن الثامن عشر، بتيار عقلاني حداثي يحتفي بالعقل وفتوحاته، كما ينتصر لإنسية الإنسان ولاستقلاله كذات ضد كل صور الحجر والتبعية والامتهان".

ملصق لقاء "ماهية الأنوار" مع المفكر محمد سبيلا

ينتمي محمد سبيلا، الذي سيحاضر حول ماهية الأنوار وتداعياتها الحداثية، إلى "رعيل من المفكرين والأكاديميين الذين ارتبطت لديهم الثقافة والفكر بالنضال من أجل التحرر والتحديث والديمقراطية وتحقيق نهضة وطنية شاملة". كما يعد "ممن صدروا في كتاباتهم الفكرية عن هاجس البحث عن آفاق الحداثة، والدفاع عن ثوابتها، والسعي إلى إشعاع مكوناتها وروافدها الخصيبة"، لذلك "جاء إنتاجه الفكري والفلسفي، تحليلًا وتأريخًا وترجمة، متصلًا على نحو وطيد بهذا الأفق الفكري"، كما "تجلت إسهاماته العميقة في تبديد التباسات الفكر العربي في صدد الفلسفة الحديثة والمعاصرة، سواء بالتأليف أو بالخوض في النقاش العام، أو الممارسة السياسية".

ولد سبيلا في الدار البيضاء سنة 1942. وتابع دراساته الفلسفية في جامعة محمد الخامس في الرباط وجامعة السوربون في باريس، قبل أن يشتغل أستاذًا للفلسفة الحديثة والمعاصرة في كلية الآداب في الرباط، ويشغل منصب رئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس مابين 1972 و1980، ويترأس "الجمعية الفلسفية المغربية"، ما بين 1994 و2006.

نشر سبيلا العديد من الدراسات الفلسفية والأبحاث، في مجموعة من الدوريات والمجلات العربية والغربية، وأسهم في تحرير مجلة "المشروع" وإصدار مجلة "مدارات فلسفية"؛ فيما توزع إنتاجه بين البحث الفكري والفلسفي والترجمة، ومن أهم مؤلفاته "مدارات الحداثة" (1987) و"الإيديولوجيا: نحو نظرة تكاملية" (1992) و"الأصولية والحداثة" (1998) و"المغرب في مواجهة الحداثة" (1999) و"للسياسة بالسياسة"(2000) و"أمشاج" (2000) و"الحداثة ومابعد الحداثة" (2000) و"دفاعًا عن العقل والحداثة" (2002) و"زمن العولمة في ما وراء الوهم" (2005) و"حوارات في الثقافة والسياسة" (2006) و"في الشرط الفلسفي المعاصر (2007) و"مخاضات الحداثة" (2007) والأسس الفكرية لثقافة حقوق الإنسان" (2010) و"في تحولات المجتمع المغربي" (2011). ومن أهم ترجماته "الفلسفة بين العلم والإيديولوجيا" لألتوسير (1974) و"التقنية - الحقيقة – الوجود" لمارتن هايدجر (1984) و"التحليل النفسي" لبول لوران أسون (1985) ونظام الخطاب" لميشيل فوكو (1986) و"التحليل النفسي" لكاترين كليمان (2000).

كتبت عن سبيلا، الذي يوصف بـ"المفكر القلق الذي يجد ضالته في التفكير في الحداثة"، والذي كانت له، أيضًا، مساهمات في التأليف المدرسي والجامعي، أبحاث ومؤلفات تناولت تجربته في الساحة الثقافية والفكرية المغربية والعربية، على مدى أكثر من نصف قرن، "منذ اختياره دراسة الفلسفة وتدريسها والنضال من أجل تلقينها في الجامعة، حيث جعل من الحداثة مجالًا استأثر بدراسته ورصد أثرها على الوعي العربي، متسائلًا عن علاقة الحداثة بالتراث باستعمال نظرية نقدية صرفة، كما اختار الثقافة من دون أن ينعزل عن السياسة وخباياها".&

كما يتناول "مسار مثقف حداثي ... حوارات مع محمد سبيلا في الثقافة والسياسة" للباحث محمد الأندلسي، مسار وتجربة هذا الرجل الذي "اشتغل على التقليد والحداثة وإشكالاتها العويصة كموطن داء المجتمعات العربية التي لم تستطع لحد اللحظة إيجاد التوليفة المناسبة للخروج من زمن الانحطاط، وعرّف القارئ العربي على أحدث منتجات الفكر الإنساني المعاصر من خلال ترجمات كلاسيكياته في الفلسفة وعلم النفس والابستيمولوجيا".

&