يترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء اجتماعًا لمجلس الوزراء مخصصًا لكاتدرائية نوتردام، التي وعد بترميمها خلال خمس سنوات، قبل أن تقرع الكنائس في البلاد أجراسها عند الساعة 18:50 بعد 48 ساعة على كارثة أذهلت العالم.&

إيلاف من باريس: سيخصص اجتماع مجلس الوزراء بكامله لحريق الكاتدرائية، الذي سبب حالة من الذهول في العالم، وأعلنت جهات عدة استعدادها لتمويل ترميمها.

برجا الواجهة نجيا
وكان ماكرون، الذي ألغى مساء الإثنين خطابًا، كان يفترض أن يعلن فيه إجراءاته للرد على أزمة "السترات الصفراء"، أكد في خطاب بثه التلفزيون من الإليزيه مساء الثلاثاء، واستغرق أقل من عشر دقائق، "سنعيد بناء الكاتدرائية، لتصبح أجمل، وأريد أن يتم ذلك خلال خمس سنوات".

عمل نحو 400 رجل إطفاء لمدة نحو 15 ساعة، إلى أن نجحوا في إخماد الحريق صباح الثلاثاء. من الأبواب المفتوحة للكاتدرائية يظهر مشهد دمار. فمع انهيار السقف وهيكله الخشبي والبرج، غطت قطع متفحمة من الحطام أرض الكاتدرائية. أما البرجان المعروفان لواجهتها الغربية، فقد بقيا سالمين، وعثر على الديك الذي كان يعلو البرج المنهار.

قال سكرتير الدولة الفرنسي للداخلية لوران نونييز إن إنقاذ المبنى، الذي يبلغ عمره 800 سنة، تم "بفارق ربع الساعة أو نصف الساعة". أضاف "بشكل عام البنية صامدة"، لكن رصدت "نقاط ضعف، خصوصًا عند القبة".

50 محققا
أكد النائب العام لباريس ريمي هيتس أن التحقيق الذي بدأ بينما كانت النيران ما زالت مشتعلة، يتجه إلى فرضية "الحادث العرضي".

وأوضحت النيابة العامة أنه تم الاستماع إلى إفادات حوالى ثلاثي شاهدًا، من عمال كانوا موجودين الإثنين وموظفين مكلفين أمن الموقع، وسيتم استجواب آخرين الأربعاء.

وصرح وزير الداخلية الفرنسية "لدينا اليوم حوالى خمسين محققًا يعملون، وسندرس كل شيء، وسنكشف الحقيقة". من جهته، أكد جوليان لوبرا رئيس مجموعة "أوروبا إشافوداج"، إحدى الشركات التي كانت موجودة في المكان، أن كل إجراءات السلامة "احترمت".

الأجراس ستقرع&
تجمع مئات الأشخاص تحت تمثال سان ميشال في باريس مساء الثلاثاء. وقالت ماتيلد (27 عامًا) الكاثوليكية المؤمنة "كان من المهم بالنسبة إليّ أن نجتمع، وكنت أحتاج القدوم إلى هذا المكان، الأمر شكل صدمة لي (...) نحتاج الصلاة مع إخوتنا وأخواتنا".

وفي إطار التعاطف الذي أثارته الحادثة في العالم، قرعت كنائس انكلترا أجراسها مساء الثلاثاء، بينما ستقرع أجراس الكاتدرائيات الفرنسية عند الساعة 18:50 من الأربعاء "ساعة بدء الحريق"، كما قال مجمع أساقفة فرنسا.

عبّر عدد من رؤساء الدول عن تضامنهم مع فرنسا. فقد قدم الرئيس الأميركي دونارد ترمب عن "تعازيه" إلى نظيره الفرنسي، بينما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "كنز لا يقدر بثمن للثقافة الأوروبية". من جهته، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أنه يشعر "بحزن عميق".

وتم إنقاذ عدد من الأعمال الفنية المحفوظة في الكاتدرائية، لكن بعضها تعذر نقله، وما زال&يخضع&لمراقبة رجال الإطفاء.

في عام 2017 زار نحو 12 مليون سائح كاتدرائية نوتردام، التي تعد تحفة معمارية للفن القوطي، وتجري فيها أشغال منذ سنوات. الكاتدرائية مدرجة على لائحة التراث العالمي منذ 1991. وقد اكتسبت شهرة كبيرة بفضل رواية فيكتور هوغو "أحدب نوتردام" (نوتردام دو باري) التي تم اقتباسها مرات عدة في السينما والعروض المسرحية الغنائية.

تبرعات بقيمة 800 مليون يورو&
شكر البابا فرنسيس الأربعاء نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، رجال الإطفاء الذين خاطروا بحياتهم لإنقاذ كاتدرائية نوتردام. وكان الحبر الأعظم قد أجرى بعد ظهر الثلاثاء اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس ماكرون، ودعا إلى "حشد جهود الجميع" لإعادة بناء الكاتدرائية.

أمام هذا العمل الهائل، أعلن عن مساهمات كبيرة من قبل أطراف عدة، من مجموعة آبل إلى البنك المركزي الأوروبي مرورًا بآلاف المتبرعين الذين لم تعرف أسماؤهم. وبلغت التبرعات حتى الآن 800 مليون يورو.

ووعدت عائلة بينو بتقديم مئة مليون يورو، ومجموعة "إل في إم اش" وعائلة آرنو، التي تملك أكبر ثروة في فرنسا، مئتي مليون يورو، ومثلها عائلة بتانكور مييرز ومجموعة لوريال. وقدمت مجموعة توتال النفطية مئة مليون أخرى.

أما بلدية باريس فقد أفرجت عن خمسين مليون يورو، واستقبلت العديد من القطع الفنية التي تم إنقاذها من الحريق. وتنوي رئيسة البلدية آن إيدالغو الدعوة إلى "مؤتمر دولي كبير للمانحين".
&