بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام حكمه، بعد موجة احتجاجات شعبية استمرت أربعة أشهر، مازال مكان احتجاز الرئيس السوداني السابق عمر البشير يكتنفه الغموض، وبينما قال وزير الدفاع عوض بن عوف، إنه معتقل في مكان آمن، كشف مسؤول في حزب الأمة القومي أنه موجود في قاعدة روسية في البحر الأحمر، بينما قالت تقارير غربية إنه معتقل في الخرطوم تحت إشراف نائب رئيس المجلس العسكري، ويستعد للمغادرة إلى الإمارات.

إيلاف: قال مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني، صلاح مناع، إن عمر البشير، الرئيس المخلوع أو "المقتلع"، كما يطلق عليه السودانيون، "موجود في قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر، تبعد 200 كيلو متر&عن مدينة بورتسودان.&

إدارة مسرحية؟
أضاف في تصريحات تلفزيونية إن "إزالة أو إقالة البشير إعلان صوري، وهو موجود في قاعدة عسكرية في البحر الأحمر يشرف عليها أجانب"، متابعًا أن "البشير موجود في قاعدة شنعاب، التي تبعد حوالى 200 كيلو متر عن مدينة بورسودان، وهي&قاعدة عسكرية روسية، تضم &نحو 3 آلاف جندي روسي".

ولفت إلى أن "البشير انتقل إلى بورسودان، ثم إلى هذه القاعدة". واستطرد: "البشير يدير هذه المسرحية بالطريقة القديمة، والهدف إعادة إنتاج النظام، وهم الآن يقولون نظام الإنقاذ أو الفوضى"، على حد تعبيره.

توطدت علاقات الرئيس السوداني السابق بروسيا خلال السنوات الأخيرة، وزار العاصمة موسكو، والتقى الرئيس فلاديمير بوتين في شهر نوفمبر 2017، وأعلن البشير بتاريخ 26 نوفمبر 2017، أنه بحث خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إقامة قاعدة عسكرية روسية، على البحر الأحمر، كما طلب تزويد الخرطوم بأسلحة دفاعية، لتحديث الجيش السوداني.

قال البشير، في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية وقتها: "لقد قدمنا طلبا لتزويدنا بمقاتلات سوخوي - 30 وكذلك سوخوي - 35». أضاف: "لا ننوي مهاجمة أحد في الخارج، وإنما نريد حماية بلادنا".

العلاقات مع روسيا
أضاف إنه بحث مع "الرئيس الروسي، ثم مع وزير الدفاع احتمال إقامة قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر"، مشيرًا إلى أنها ليست اتفاقية، بل تفاهم الآن.

وكان البشير عبّر عن ارتياحه لنتائج زيارته الأولى إلى روسيا الاتحادية وقتها، وقال إن الزيارة تحمل في طياتها دفعة كبيرة للعلاقات الثنائية باعتبارها الزيارة الأولى من نوعها، وأكد إنجاز حجم ضخم من العمل خلالها في ما يتعلق بتوقيع مذكرات واتفاقيات ثنائية، وعبّر عن قناعته بنقلة نوعية في العلاقات بين البلدين في شتى المجالات، في السياسة والاقتصاد والتجارة وحتى في المجال الثقافي، لافتًا بصورة خاصة إلى "المجال العسكري، وفي هذا الاتجاه تجري خطوات كبيرة"، حسب قوله.

ورغم دفء العلاقات بين نظام البشير وروسيا، إلا أن ذلك لم يمنعها من الإعتراف بالسلطة الجديدة، وأعلن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اعتراف موسكو بالسلطة الجديدة في السودان.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي - في تصريح أمس الثلاثاء: "نحن، بالطبع، نعترف بالسلطات الجديدة في السودان".

قيد الإقامة الجبرية
في السياق نفسه، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر مطلع مقرب من البشير، أنه وضع قيد الإقامة الجبرية في أحد المنازل في العاصمة الخرطوم "تحت حراسة قوات الدعم السريع".

قال المصدر، إن قائد قوات الدعم السريع نائب رئيس المجلس العسكري الإنتقالي محمد حمدان حميدتي طلب أن يكون البشير تحت حراسة قواته، واشترط عدم المساس به قبل الموافقة على المشاركة في الإطاحة بالبشير. وأشار إلى وجود اتفاق بنقل الرئيس المعزول في وقت لاحق إلى دولة الإمارات، حيث سيقيم هناك.

وكان سفير بريطانيا في الخرطوم عرفان صديق، قد عقد لقاءً مع نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، محمد حمدان دقلو، أمس. وقال "إن اللقاء لم يكن للتأييد أو منح الشرعية للمجلس وقائده، ولكن للتأكيد على الخطوات التي تريد المملكة المتحدة أن يتم اتخاذها لتحسين الوضع في السودان، وشدد على أن طلب بلاده الأساسي كان عدم اللجوء إلى العنف أو فض اعتصام المحتجين بالقوة.

وكشف أنه طلب من المجلس العسكري إيضاح مكان الرئيس السابق عمر البشير وغيره من كبار الشخصيات في نظامه لأن الشفافية تبني الثقة.

يذكر أن الجيش السوداني قد أجبر الرئيس السوداني عمر البشير في الحادي عشر من الشهر الحالي على التنحي عن الحكم، على خلفية اعتصام مفتوح نفذه مئات الآلاف من المحتجين السودانيين أمام مقر القيادة العامة في وسط الخرطوم للمطالبة بإسقاط النظام.