في حين يصمم العلماء البيوت المكتفية ذاتياً على الأرض افتتحت وزارة البحث العلمي الألمانية أول بيت عائم من نوعه يجهز نفسه بالطاقة وماء الشرب.

إيلاف من برلين: هناك عشرات البلدان الصغيرة في العالم، مثل الإمارات وهولندا، تفكر جدياً في طمر البحر لتوفير المساحات السكنية أو تصميم المدن العائمة حلاً لمشكلة السكن مستقبلياً.

إن ما يشجع الشركات على ببناء البيوت العائمة هو أنه ليس هناك شبر واحد من اليابسة على كوكب الأرض لايخضع إلى هذه الدولة أو تلك، أو إلى هذا الشخص أو تلك المنظمة، لكن البحار والمحيطات العظيمة على الأرض لا تخضع لملكية أحد. وتنص قوانين الأمم المتحدة الدولية على أن مياه البحر، على عمق 200 ميل بحري من أي ساحل، هي "ارث جماعي للبشرية"، وهو ما يشجع ملايين البشر على الحلم، على الأقل، بمدن بحرية عائمة، ديمقراطية ومستقلة وبيئية، لاتخضع لأوامر هذه الحكومة أو هذا الدكتاتور.

صورة للمفاعل الهيدراتي

والبيوت العائمة في هولندا ليست قليلة، لكنها تطفو قرب الساحل وتمتد طاقتها وماءها، في معظم الأحوال، من شبكات الطاقة والمياه القريبة. وتحمل هولندا أسم"الأراضي المنخفضة" لأن ثلث أراضيها يقع تحت مستوى البحر، وتصبح بالتالي مكاناً فسيحاً للسكن العائم. وهي حالة ينتظر ان تتفاقم مستقبلاً بفعل الارتفاع التدريجي لمياه البحر.

هذا ينطبق على سواحل مدن ألمانية عديدة مثل هامبورغ وبريمن وفليهلمزهافن وتصبح بالتالي مكاناً مثالياً للسكن العائم، إلا أن هولندا، كما يبدو، أكثر اهتماماً من ألمانيا بالبيت العائم الجديد"اوت ارتك" من تمويل وزارة البحث العلمي وتصميم وبناء جامعة براندنبورغ ومعهد فراونهوفر ومساهمة 15 شريكاً اقتصادياً وعلمياً.

يجهز نفسه بالطاقة وماء الشرب

افتتح بيت"اوت ارتيك" العائم على بحيرة بيرغهايدر في الجنوب الألماني من قبل وزارة البحث العلمي الألمانية وبحضور حشد من المواطنين والصحفيين. وهو منزل من طابقين يعوم على عوامة مسطحة من السبائك التي لا تتأثر بمياه البحر.

وإذ يستخدم البيت تقنيات حديثة لتوفير الطاقة والمياه ، ومن ثم التخلص من مياه الصرف، والفضلات، فأن تصميمه مستقبلي وجذاب. واستخدم العلماء المواد الحديثة، الخفيفة والمتينة في آن، في البناء.

يختلف بيت"اوت اريك" عن بيوت هولندا العائمة، بأنه لا يعتمد على شبكات الطاقة والمياه على اليابسة، ويكتفي ذاتياً بالطاقة وماء الشرب الذي ينتجه بنفسه. ومساحة البيت، عدا التيراس (الشرفة) الكبيرة هو13X 13 متراً، وتبلغ مساحة الطابق الأرض 75 متراً ومساحة الطابق العلوي34 متراً ويتسع لعائلة مع طفلين (4 أفراد).

وقال البروفيسور هورست شتوب، من جامعة براندبورغ التقنية، إن التغيرات المناخية السريعة، وارتفاع مستوى سطح البحر بالتدريج، سيدفع الناس في المستقبل للبحث عن بيوت عائمة مستقلة من ناحية الطاقة وماء الشرب.

صورة للبيت من الخارج

وأضاف شتوب أن وزارة البحث العلمي ساهمت بتمويل المشروع بتسعة ملايين يورو، و ساهم فراونهوفر نفسه بمبلغ مليون يورو، كما ساهمت شركة بناء وعلمية أخرى بثلاثة ملايين.&

تقنيات حديثة

يزود" اوت ارتيك" نفسه بالكهرباء من خلايا ضوئية عالية الفعالية تكفي لسد حاجة البيت من الكهرباء. واستخدم العلماء للتدفئة مفاعلاً يسمى"مدفئة أملاح الهيدرات". وهي مادة معروفة بقدرتها على امتصاص الحرارة وحفظها بكميات كبيرة، ثم تطلقها حينما تشتعل.&

تعتمد"مدفئة أملاح الهيدرات" في عملها على مادة "زيوليث" التي تحفظ بالحرارة في الصيف بشكل كريستالات داخلها، ثم تستعيد بنيتها السائلة شتاء بعد أن تحرر الطاقة الحرارية منها.

ولأن هذه الطاقة لا تكفي لتزويد البيت بالكهرباء طوال الشتاء فقد زود المهندسون التقنية ببطاريات ليثيوم فائقة القدرة تحفظ الطاقة الزائدة المنتجة صيفاً من أجل استخدامها في الشتاء.

واستخدم البروفيسور فريدر وايدهازه، من معهد فراونهوفر، محولاً منمنماً في تحويل التيار الكهرباء المستمر، الذي تنتجه الخلايا السولارية، إلى تيار متغير. وعمل وايدهازه على حفظ الطاقة في بطاريات ليثيوم عالية الكفاءة مخفية داخل جدارن المنزل. بل ان درجات السلم في المنزل تحتوي على بطاريات مخفية لحفظ الطاقة أيضاً.

والمهم جداً في هذه التقنية انها تستخدم تياراً كهربائية صغيراً جداً لكهربة أجهزة كبيرة، وهي على هذا الأساس أمينة جداً بالنسبة للبشر لا تسبب صعقة كهربائية خطيرة.

تنقية المياه

يعود الفضل في هذه التقنية إلى علماء معهد فروانهوفر الذين نجحوا في ابتكار مزيج ملحي طبيعي عالي التركيز، ومن ثم فانه قادر على امتزاز كميات كبيرة من رطوبة الجو. يدور مزيج المركبات الملحية المركز داخل مفاعل صغير يشبه"البرج"، يمكن نصبه فوق البيوت بأشكال وتصاميم أنيقة، ويقوم بامتصاص الماء من رطوبة الجو عادة، فيقل تركيزة.&

وعندما يمتز المركب الملحي الماء حد الإشباع، يصل إلى مفاعل صغير يجري تسخينه بتقنية ضوء الشمس، فيتبخر الماء ثم يجري تكثيفه داخل مرجل يتصل بشبكة مياه الشرب. وهو نقي وصالح للشرب ويحتوي على نسب عادية من الأملاح والمعادن التي يحتاجها جسم الإنسان.&

وطبيعي فان المزيج الملحي يواصل تقلبه بين الحالة المركزة والحالة المخففة بالماء، ويزود المبنى بالماء طوال الوقت. وبمثل هذه الطريقة، وهذه الأملاح، قد تنجح التقنية في امتزاز الماء من جو الصحراء الجاف أيضاً.

وفي خطوة بيئية أخرى حول العلماء إحدى واجهات المنزل إلى حديقة للنباتات الصغيرة التي تنقي الجو وتمنح البيت منظراً جميلاً.

وبيت"اوت ارتيك" غير مخصص للسكن حالياً، ويبقى مخصصاً لزيارات المهتمين والسواح، وتقدر جامعة براندنبورغ أن يستقبل 75 ألف زائر في السنة.
&