واشنطن: كثفت الولايات المتحدة الإثنين حملتها على إيران في إطار فرض "أقصى الضغوط" عليها، فأعلنت إنهاء كل الإعفاءات التي كانت منحتها لثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، حتى ولو أدى الأمر الى توتر مع دول حليفة.

وجاء في بيان للبيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب ينوي بذلك التأكد من أن "صادرات النفط الإيراني ستصبح صفرا" وبالتالي "حرمان النظام من مصدر دخله الأساسي".

وابتداء من الثاني من مايو بات على الدول السبع وهي الهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وايطاليا واليونان التوقف تماما عن شراء نفط إيراني.&

ولن تكون هذه العملية سهلة على الصين التي تجري حاليا مفاوضات تجارية حساسة مع واشنطن، ولا على الهند التي تستورد 10 % من حاجاتها النفطية من إيران، مع العلم بأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة وثالث مستورد للنفط في العالم.

وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بلهجة تحذيرية "في حال لم تتقيدوا فستكون هناك عقوبات"، مضيفا "نحن عازمون على تطبيق هذه العقوبات".

وأعربت تركيا وكوريا الشمالية عن الأسف الشديد لصدور هذا الموقف الأميركي، مع العلم بأن البلدين يعتبران من حلفاء الولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الذي تشهد علاقات بلاده أصلا توترا مع الولايات المتحدة "لن نوافق على عقوبات من طرف واحد ولا على قيود على طريقة ادارة علاقاتنا مع جيراننا".

ووعدت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية بمواصلة "بذل كل ما هو ممكن للحصول على تجديد للاستثناءات". أما إيران فوصفت مجددا الاثنين العقوبات الاميركية بـ"غير القانونية".

وبعدما انسحبت من الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، أعادت واشنطن في نوفمبر الماضي فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الجمهورية الاسلامية الإيرانية. وأرفقت اعادة فرض هذه العقوبات بتهديد الدول التي ستواصل التعامل تجاريا مع إيران بفرض عقوبات عليها.

ويعتبر منع شراء النفط الإيراني أهم بنود العقوبات الاميركية التي أرادتها واشنطن أن تكون "الأقسى في التاريخ". وتقدر الادارة الاميركية العائدات النفطية الإيرانية بنحو 40 % من اجمالي عائدات الدولة

وكانت الولايات المتحدة وافقت على منح الدول السبع استثناءات لمدة ستة اشهر، باعتبار أن السوق النفطية يمكن أن تتأثر في حال تقرر بشكل فوري وقف شراء النفط الإيراني.

الرياض تعوض النقص النفطي

وأعلن البيت الابيض في بيان الاثنين أن "الولايات المتحدة والعربية السعودية والامارات العربية المتحدة، وهي من اكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، بالتعاون مع أصدقائنا وحلفائنا، ستلتزم العمل بما يتيح بقاء الأسواق النفطية العالمية مزودة بما يكفي من كميات" من النفط.

وأعقب ترمب هذا البيان بتغريدة على تويتر وعد فيها بأن تعمل الرياض مع دول أخرى من منظمة أوبك "على القيام بما هو أكثر من تعويض" النقص في النفط المعروض للبيع لدى وقف شراء النفط من إيران.

كما أعلنت الحكومة السعودية استعدادها للعمل على بقاء السوق النفطية مستقرة، مع العلم بأن سعر برميل النفط سجل ارتفاعا فور تسرب معلومات صحافية عن وقف الاستثناءات للدول السبع.

واعلنت وكالة "أس اند بي غلوبال بلاتس" المتخصصة بالنفط أن إيران صدرت ما معدله 1،7 مليون برميل يوميا خلال شهر مارس بينها 628 الفا الى الصين واكثر من 357 ألفا الى الهند.

وسارع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الى الترحيب بقرار ترمب الذي وصفه ب"المهم جدا لتكثيف الضغوط على النظام الارهابي الإيراني".

ويأتي هذا القرار الاميركي بعد اسبوعين من وضع الحرس الثوري الإيراني على اللائحة السوداء الاميركية "للمنظمات الارهابية الاجنبية".

وتعتبر واشنطن أن الهدف من حملتها هذه لتكثيف الضغوط على إيران هو وضع حد "للنشاطات المزعزعة للاستقرار" التي تقوم بها طهران في الشرق الاوسط، خصوصا في لبنان عبر حزب الله الشيعي، وفي اليمن عبر المتمردين الحوثيين، وفي سوريا عبر دعم نظام الرئيس بشار الاسد.

وكان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو عدد في مايو 2018 ، 12 شرطا على إيران تلبيتها قبل التوصل الى اتفاق جديد يؤمن رفع العقوبات عنها.

وبعد نحو عام من هذا التصريح، تعتبر واشنطن أن ايا من هذه الشروط لم يتحقق، لكن إدارة ترمب تعتبر أن إيران باتت تفتقر الى الاموال لمواصلة دعم بعض حلفائها مثل حزب الله اللبناني.

وقال الباحث بهنام بن طالبلو من مجموعة التحليل "فاونديشن فور ديفانس اوف ديموقراسيس" المعروفة بمواقفها المناهضة لإيران "من الواضح أن طهران باتت تعاني كثيرا من الضغوط عليها" مضيفا "أن النظام السوري اقدم حليف لإيران يبدو عاجزا عن تأمين المحروقات لسكانه، كما أن حزب الله اللبناني يدعو الى التبرع بالمال لسد النقص في العائدات التي ترسل اليه من إيران عادة".

أما مايكل فوكس من مركز التحليل الاميركي "أميريكن بروغرس" القريب من الديموقراطيين، فاعتبر أن استراتيجية ترمب في إيران "حمقاء" لأنها قد تدفعها للانسحاب من الاتفاق النووي والبدء ببناء ترسانة عسكرية ذرية"، كما أنها "تثير غضب كل حلفاء الولايات المتحدة".