بينما يستمر المواطنون السودانيون في الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش، مطالبين المجلس العسكري بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، مدد الاتحاد الأفريقي مهلته إلى ثلاثة أشهر بعد تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعقد قمة أفريقية في القاهرة لمناقشة مستقبل السودان.

ووسط فشل قوى الحرية والتغيير في الاتفاق على مجموعة من الوجوه لتشكيل حكومة مدنية، والضغوط التي يتعرض لها الجيش سواء داخليًا أو خارجيًا، يبدو المشهد في السودان شديد التعقيد، ما يطرح السؤال: هل يسلم المجلس العسكري السلطة إلى المدنيين؟ أم يضرب بالتظاهرات والضغوط عرض الحائط ويتمسك بالحكم؟

وقال رئيس مركز النيل للدراسات الأفريقية، محمد عز الدين، إن الثورة السودانية تختلف عن ثورات الربيع العربي، موضحًا أن السودانيين حصلوا على خبرات واسعة من تجارب الشعوب الأخرى الثورية، وعالجوا بعض أخطاء الآخرين.

وأضاف أنهم أنشأوا حركات مشابهة للحركات الأخرى في مصر، ومنها كفاية على سبيل المثال، مشيرًا إلى أن هناك اختلافا واحدا في المرحلة الراهنة وهو&عدم تقبل السودانيين لبعض قيادات الجيش، رغم أنهم يكنون كل الحب والتقدير للقوات المسلحة.

وأوضح لـ"إيلاف" أن ذلك يرجع إلى أن نظام حكم البشير، همش القوات المسلحة واستبدلها بالميلشيات، فضلًا عن أن بعضهم مؤيد للحركة الإسلامية في السودان، وينتظر السودانيون أن تتم&إعادة هيكلة المجلس وتصعيد بعض القيادات الشبابية، فضلًا عن تورط بعض القادة في سفك دماء الدارفوريين، وهذا ما أدى إلى تشكك الشعب ولفت إلى أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان يحظى بحب واحترام الشعب السوداني، والقوى الثورية، ولديه قبول واسع، متوقعا أن يسهم في تحقيق الاستقرار في السودان.

واعتبر أن إصدار قرار من الاتحاد الأفريقي تحت رئاسة مصر بضرورة تسليم السلطة إلى حكومة مدنية خلال 3 أشهر، انجاز كبير يحسب للقاهرة.

وأشار إلى أن المجلس العسكري الانتقالي في السودان سوف يسلم السلطة إلى حكومة مدنية، على أن يظل هو مراقبًا للحالة في البلاد، ألا تنزلق إلى الفوضى أو الاقتتال الداخلي، بالإضافة إلى الحفاظ على سيادة الدولة وحماية أراضيها.

ولفت إلى أن قوى الحرية والتغيير التي قادت الثورة ضد البشير، هي البديل المدني، موضحًا أن&لديها قائمة بالمطالب وقائمة بحكومة تكنوقراط، بعدما استفادت من أخطاء القوى السياسية في الدول العربية التي خاضت تجربة الثورة ونجحت في النهوض، ولاسيما استلهام التجربة المصرية بعد ثورة 30 يونيو 2013.

وحول إمكانية حدوث تدخلات خارجية من تركيا أو قطر أو إيران، قال عز الدين، إن ثورة السودانيين أوقفت مشروعات ومخططات هذه الدول، موضحًا أن السودانيين تصدوا لكل هذه المخططات وأحبطوها بعدما أسقطوا نظام حكم عمر البشير، ورفضوا التبعية والأيديولوجية الإخوانية.

ونبه إلى أن السودانيين لن ينسوا أن قطر هي من رعت ومولت ميلشيات الجنجويد التي مارست القتل ضد أهالي دارفور، وأنها رعت مؤتمرات وهمية من أجل تحقيق السلام، ورغم ذلك مازال القتل مستمرًا هناك.

وأشار إلى أن الإخوان المسلمين&بالسودان متلونون، مشيرًا إلى أنهم تبرأوا منه بعدما سقط، واتخذوه كبش فداء لهم، رغم أنهم كانوا شركاءه في الحكم، وبعض قنواتهم تهنئ الشعب على ثورته، حتى لا تزيد الطين بلة، وخشية أن تتم&محاكمتهم.

وقال إن نظام حكم الإخوان في السودان الفاشي أثبت فشله، متوقعًا أن يعملوا على إثارة الإضطرابات، لاسيما أن هناك&متغللين&في العديد من المؤسسات والقبائل، يستغلون انتشار الجهل والفقر في السودان.

ولفت إلى أن من قاموا بالثورة في الشارع السوداني وهم من عامة الناس والمهنيين يدركون جيدًا طبيعة الإخوان والحركة الإسلامية، بالإضافة إلى أن المجلس الانتقالي يرغب في أن تعبر البلاد هذه المرحلة ويتم وضع نظام سياسي مدني ديمقراطي.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصفته رئيسًا للاتحاد الافريقي، عقد مؤتمرًا بالعاصمة القاهرة، أمس الثلاثاء، شاركت فيه مجموعة من الدول الأفريقية في قمة تشاورية بدعوة من السلطات العسكرية السودانية إلى "انتقال سلمي" للحكم خلال ثلاثة أشهر بعد الاطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

ودعا بيان مشترك صدر عن القمة التشاورية للشركاء الاقليميين للسودان، مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي إلى "أن يمدد الجدول الزمني الممنوح للسلطة السودانية لمدة ثلاثة أشهر" من اجل "انتقال سلمي" للحكم.

وشددت الدول المشاركة على أن "هناك حاجة عاجلة لقيام السلطات السودانية والقوى السياسية السودانية بالعمل معا بحسن نية لمعالجة الأوضاع الحالية في السودان وسرعة استعادة النظام الدستوري".