روى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة تاريخ الخليج الجغرافي، موضحًا أن "الخليج تكون في وقت كانت فيه الثلوج تغطي الجزيرة العربية والمناطق الأخرى وحتى جبال فارس، وكانت القوافل والناس تعبرُ في مناطق من خلال الأنهار والطرق في الخليج، ما عدا نهر من ناحية شط العرب، ويوجد خندق يسمى المسيلة، وهو في جنوب أبوظبي، وفي التتبع له يلاحظ أنه يستمر حتى يصل إلى جبال اليمن، مشيرًا إلى كميات الجليد التي كانت موجودة وأن ذوبانها بدأ منذ قبل 14 ألف سنة".

إيلاف من دبي: أوضح أن "الموضوع غريب في نظر الكثيرين، وهو موضوع يرجع إلى خلق الدنيا من بداياتها، والله سبحانه وتعالى لما خلق الأكوان من بداياتها، سببّ لها مسببات لكثير من الاحتياجات، فلما خلق الأرض استقرت، وكانت ملتهبة، حيث الانفجار الكبير، وكان كل ما في هذه الأجرام السماوية، كالشمس والقمر وغيرهما، ملتهبًا، لكن عندما استقرت في دوران الفُلكِ بدأت الأمور تتغير، وبدأ الكثير من الأجزاء السطحية للكرة الأرضية يتحرك".

أضاف خلال إلقائه محاضرة بعنوان "تاريخ الخليج الجغرافي" عند افتتاحه مقر منشورات القاسمي الحديث في منطقة الطرفا في مدينة الشارقة أن "الصفيحة العربية تحركت بمستوى الصفيحة الهندية نفسه من مدغشقر، فأتت وضربت في الساحل الفارسي، ومن هذه الضربة يلاحظ أن الجزيرة العربية لم تكن تمشي، كما تحركت الصفيحة الهندية، وإنما كانت تلتف، وهذا الالتفاف كان سببًا لزيادة قوة الضربة، حيث تلاحظ على الخريطة جبال زابرس وضربة زابرس، التي خلال ضربتها للجزيرة، قضمت جزءًا من الجبل ورمته على ظهرها، والجزء الآتي الذي ضربته أثناء الدوران كان أشد، مضيفًا إن الخبطة كانت مع جزء جبال مكران، متسائلًا عن الموقع الذي ذهب إليه الجزء المخلوع، وعن تأثر جبال زابرس بالاحتكاكات والزلازل".

فيديو محاضرة الشيخ سلطان القاسمي عن تاريخ الخليج الجغرافي:

جبال الحجر
حول موقع الجزء المفقود عند الضربة، قال الشيخ القاسمي "كنت أتصور أن مكان الضربة في الجزء الخالي، وأن الجزء الذي انقلب، انتقل إلى منطقة تسمى جبال الحجر. وحدثنا كثير من الباحثين أن جبال الحجر منقولة من هنا، وحتى الجمعية الجيولوجية في لندن أصدرت كتابًا من 3 جامعات إنجليزية. وكتبوا أن هذه الجبال التي تسمى جبال الحجر منقولة من الضربة التي حصلت في جبال مكران.. وعملت بحث ومسحت كل جبال مكران، وأحضرت عيناتها إلى الشارقة، وبدأت أحلّل: هل يوجد بها ما يشابه هذه الجبال العالية، وهذا الساحل والمنطقة التي انخلعت فيها الأرض، وأنجزت دراسة عن طريق خبراء في المعامل، بمقارنة العينات بجبال خورفكان وما جاورها، لكن كانت النتيجة صفر، ولم ينجح البحث والمقارنة، وحتى الذين بحثوا من الجامعات الإنجليزية، وحتى جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان، التي كان فيها مؤتمر في العام 2014، نوقشت فيه، وبُحثت مسألة الجزء المنقول، ولم يصل الباحثون إلى النتيجة الصحيحة، فلذلك نحتاج الآن بحثًا آخر، لأنه حتى الآن المسألة غير معروفة".

الصراع مع البرتغاليين
وتساءل حاكم الشارقة في وصفه الخليج: "هل هذا الخليج قديمًا كان مجهولًا مثلما نرى نحن؟، أبدًا.. كان غنيًا من خلال ما كتبه نيرفوس، وهذه السواحل أهلها لا يستطيع أحد أن يهاجمهم، لأنهم يعتدون ويتخذون من يأسرونهم عبيدًا، والناس كلهم متعاونون.. والذين أتوا من الجهة الأخرى يقولون عن المنطقة إنها منطقة خطرة، فيها شعب مرجانية خطيرة، ونحن لا نستطيع أن نقترب من حواف الخليج، لأن هناك شعبا بارزة، والقوافل تأتي فقط في هذه الأماكن، التي تكون فيها تجارة، وتمدد في الساحل، وهذا يتضح في الخرائط..&

وحول الكتابة في تاريخ عمان، نحن هنا نكتب عن مالك بن فهم، وهذا الاسم في التاريخ يتردد كثيرًا في الصحف والكتابات العمانية، لكننا لو جئنا ورأينا فترة الأمويين، ثم العباسيين، نجد أن عمان لم تخضع إلا في بعض فترات أيام السلاجقة، وكانت بعيدة عن كل المهاترات التي دخلوا فيها.. ولديّ مخطوطات، وأكتب هذه الفترة بوثائق وأسماء وبحوادث، وأكتب في تاريخ عمان إلى أن نصل إلى النبهانيين، وعندي مخزون كبير عن دولة اليعاربة، وأنهم في صراع مع البرتغاليين".

صراع القوى والتجارة في الخليج
عن طريق القوافل في الخليج ذكر الشيخ القاسمي "قدمت دراسة دكتوراه في جامعة دورهام في بريطانيا، وكانت عن موضوع صراع القوى والتجارة في الخليج، وهي جغرافيا تجارية، وفيها بعض الصراعات، وكنت أكتب في فصل عن تنقل التجارة في الخليج، وكان في المخطوطات العربية يقال كانت تأتي التجارة من جنوب عمان إلى تُوام، ومن تُوام إلى بينونة وهي بئر، ويقال إن هذا الطريق اختفى بالرمال التي غطته، ويقال إن التجارة تأتي وتعبر إلى منطقة الكرحاء بين الكويت والبحرين".

تابع "نلاحظ أن المرور هنا صعب، لأنه الربع الخالي، لو ذهبنا إلى الداخل، كلها سباخ، حيث لا ماء ولا شيء، وأنا بحثت فيها كلها إذا كانت هناك قبور أو آثار، ولم أجد. أما هنا في الحجير ففيها مبانٍ، وأنا كنت قد زرتها وأنا طفل، وأتذكرها، وسألت إن كانت هناك آثار إسلامية، قالوا لا، وهناك خبراء سعوديون قالوا توجد آثار تحت، ومن خلال خريطة لديّ، بحثت فيها وجدت مدنًا على الساحل، وكنت أرى بالمجهر، فلاحظت أن الكرحاء مقابل توام في العين، وأيضًا بينونة، بما يعني أن النظرية التي كانت عندي صارت صحيحة الآن، وهي: من توام إلى بينونة إلى الكرحاء، ومن هناك تشحن إلى أبلا".

أكلة السمك والخرائط البيزنطية
أضاف "أنا أمر بالمجهر على الخريطة، وجدت الشارقة، وأم القيوين، ورأس الخيمة، وكنت أول مرة أراها بمسمياتها القديمة وقت كتابة الخريطة. بهذه الدراسة توصلت إلى شيء مختلف، وتساءلت هل هذه المسميات موجودة فعلًا؟، وهل هذه الخرائط كتبت لاحقًَا؟. ورجعت إلى ما كتبه بطليموس، لأنه جامع مصادر كثيرة، وكتب في الفترة من 100- 200 ميلادية، فبدأت أقرأ في الكتاب، وإذ أنا أمام ساحل (أكلة السمك) في رأس الخيمة، وأم القيوين والشارقة وكرحاء، إذن المصدر موجود وصحيح، ولكن السؤال من أنجز هذه الخرائط؟. الخرائط أنجزها شخص اسمه مكسيم في القسطنطينية في ديرم، وجد مخطوطة بطليموس، وأعطاها إلى شخص يعرف الرسم، فرسمها في الخرائط الموجودة، وبعدها تم إهداء الخرائط إلى الإمبراطور البيزنطي، الذي أهداها إلى الفاتيكان، وتلك الخرائط كانت في العام 1294ميلادية.. والخرائط الموجودة لدى الفاتيكان لم يكشف عنها، وكثير من تراثهم ومقتنياتهم كلها محفوظة لديهم، وكانت للمرة الأولى تكشف في الشارقة، وقالوا لنا نحن نقدم إلى الشارقة كل ما لدينا، وعلى إثر ذلك بدأوا ينشرون الخرائط كذلك".


فيديو محاضرة الشيخ سلطان القاسمي عن تاريخ الخليج الجغرافي:

https://m.youtube.com/watch?v=e1XeGN1edEQ