قوات الجيش الموالي لحكومة الوفاق الوطني الليبية
AFP
تصدت قوات الجيش الموالي لحكومة الوفاق الوطني لهجوم قوات حفتر في منطقة السبيعة جنوبي العاصمة طرابلس.

علّقت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية على تطور الأوضاع في ليبيا، في ظل هجوم القوات الموالية للقائد العسكري خليفة حفتر شرقي ليبيا على قوات الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس رفضها التفاوض مع حفتر على وقف لإطلاق النار، مع إصرارها على انسحاب قواته بالكامل إلى شرقي البلاد.

وبينما وصف بعض الكتاب حفتر بأنه "شخصية وطنية"، رأي آخرون أنه يقود "انقلابا عسكريا فاشلا".

"شخصية وطنية"

ترى أمل الهزاني في الشرق الأوسط اللندنية أن "ليبيا هي آخر معاقل المنظمات الراديكالية المسلحة، بعد أن احتضنتها ما يقارب ثمانية أعوام، بدعم مباشر من دول راعية للإسلام السياسي مثل قطر وتركيا... المشير حفتر، شخصية وطنية عسكرية، قاد القوات الليبية في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وله تاريخ معارض لنظام معمر القذافي، الذي كان يهابه شخصياً، لذلك ما أراد له وللجيش أن يبرزوا كقوى وطنية، وضيق عليه وأسره مع مجموعة من الضباط، انتهى بهم الأمر للانشقاق والخروج إلى الولايات المتحدة".

وتضيف الكاتبة أن "ليبيا تضع حلفائها العرب وأمريكا وفرنسا، وحتى روسيا، في مواجهة مع محور إيران وتركيا وقطر. الساحة الليبية تقدم الدرس الأخير، الذي يؤكد فشل جماعات الإسلام السياسي في الخروج من ثوب العنف والاستقطاب والعمالة للخارج، مثلما فشلت في مصر وتونس، وطردت من الجزائر، وخلعت من السودان".

وتتابع بالقول: "ليبيا دولة لديها كل عوامل النجاح والتفوق والرفاهية. فهي تمتلك موارد طبيعية وموقعاً جغرافياً متميزاً في مواجهة السوق الأوروبية، ومساحة شاسعة، ونسبة سكان قليلة نسبياً لا تمثل ضغطاً على عجلة الاقتصاد".

يقول الكاتب محمد صلاح في صحيفة الحياة اللندنية: "ثمة معضلات وأزمات ومشاكل واجهت (الإخوان) وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى، بفعل رحيلهم عن حكم مصر، وإجراءات دول المقاطعة ضد الدوحة، لكن الفشل (الإخواني)، والإحباط القطري والحزن التركي، لم يقف عند هذا الحد، إذ جاءت الأحداث الأخيرة في ليبيا ومعاناة الجماعات الإرهابية هناك لتكمل الصورة، وتضرب حاضراً ظلت قطر تعتمد عليه في تهديد الدول المجاورة، ومقايضة دول الساحل الأوروبي على المتوسط".

خليفة حفتر (وسط الصورة).
AFP
خليفة حفتر (وسط الصورة).

ويضيف الكاتب أن "أبرز ما أفرزه الحراك الشعبي في السودان وما يحدث في ليبيا وهدوء الأوضاع في مصر، هو رسوخ الاعتقاد لدى عامة الناس في مختلف البلدان، بأنه لن يُجنى من السير خلف تركيا وقطر سوى الخراب، وأن (الإخوان) لن يكونوا أبداً حلاً لأزمات أي وطن".

"مثير الفوضى"

وفي المقابل، يقول عبدالله الكبير في موقع ليبيا الخبر: "لن يتردد الباحث غدا، حين يضع حركة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا تحت مجهر البحث التاريخي، في تقييمها كانقلاب عسكري استغرق وقتا طويلا قبل أن ينتهي إلى الفشل... الذرائع التي روجها إعلامه وأنصاره لم تكن مقنعة، فالعاصمة لم تكن أبدا تحت سيطرة مجموعات إرهابية، وإنهاء هيمنة المجموعات المسلحة بها يستحيل أن يتحقق بالحرب".

ويضيف: "كما أن البلاد كانت على موعد مع المؤتمر الوطني الجامع، الذي كان منتظرا أن يتم التوافق فيه على خارطة طريق نحو الانتخابات، ولم يدرك حفتر وأنصاره أن مبررات الحرب في بنغازي ودرنة غير مجدية في طرابلس".

ويضيف الكاتب: "والحاصل أن غالبية الليبيين باتت تدرك أن مثير الفوضى في ليبيا هو خليفة حفتر، وأوهامه في حكم البلاد بنفس القواعد والآليات التي حكم بها سلفه القذافي، وعندما تتكشف الحقائق، سنعرف أن الجرائم المروعة غير المعهودة في التاريخ الليبي، والتي تعود إلى العصور البربرية، إنما هو من أوجدها بموجات العنف التي أثارها في البلاد".

أما رأي اليوم اللندنية فتقول في افتتاحيتها إن "المشير حفتر الذي يوصف بالرجل القوي، فشِل حتى الآن، وبعد ثلاثة أسابيع، في تحقيق هدف هُجوم قواته باستعادة العاصمة، حيث تُواجه هذه القوّات مُقاومةً شرسة في جنوب العاصمة، تحول دون تحقيق أيّ اختراق لها، حتّى الآن على الأقل، مثلما تفيد التغطيات الصحافيّة الميدانية المحايدة".

وتضيف الصحيفة أن التطور الأهم في المشهد الليبي "هو دخول الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان على خط الأزمة، وإعلانه في اتّصالٍ هاتفيٍّ مع السيد السراج أنّه سيُسخّر كل إمكانيّات بلاده، لمنع ما وصفه بالمؤامرة على الشعب الليبي، مُثمّنًا دور السراج وحكومته في التصدي للهجوم على طرابلس، وهذا يعني في رأينا الدعم العسكري وليس السياسي فقط... التدخّلات الخارجيّة في الأزمة الليبيّة، التي تتطوّر من سياسيّة إلى عسكريّة، ستُفاقم مُعاناة الليبيين، الذين هاجر نصفهم إلى دول الجِوار بحثًا عن الأمان، وستُطيل من عمر الحرب، وستُضاعف خسائرها البشريّة والماديّة".