فضيحة تسريب مناقشات اجتماع مجلس الأمن القومي البريطاني بشأن دور شركة (هواوي) الصينية في شبكة اتصالات الجيل الخامس لن تقف عند حدود إقالة وزير الدفاع غافين وليامسون وتحميله وحده مسؤولية التسريب، إذ ربما تكشف التحقيقات تفاصيل أكثر وقد تطال رؤوسًا أخرى.

إيلاف: في أحدث هزّة للحكومة البريطانية التي تواجه أزمات متعددة ومختلفة، لعل أبرزها خطط الخروج المتعثرة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، جاءت فضيحة التسريبات لتسحب الأضواء قليلًا من الأزمة الأساس.&

غداة إقالته من منصب وزير الدفاع الذي ظل يشغله منذ العام 2017، نفى غافين وليامسون، تسريبه معلومات أمنية، أو أي تورط في التسريب من اجتماع حكومي سري بشأن شركة الاتصالات الصينية "هواوي".

وفي منشور على حسابه على (تويتر)، قال وليامسون إنه واثق من أن تحقيقًا رسميًا ودقيقًا سيبرئه. وأضاف أنه يقدر منحه فرصة للاستقالة، "لكن الاستقالة كانت ستبدو كأنها تعلن أنني والموظفين، والمستشارين العسكريين أو العاملين معي نتحمل المسؤولية: وهذا ليس الواقع".

ويليامسون وخليفته وزيرة الدفاع بيني موردونت&

يذكر أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، عيّنت بعد اقالة ويليامسون، بيني موردونت خلفًا له، لتكون أول سيدة بريطانية تشغل منصب وزير الدفاع.

اجتماع 23 إبريل
يذكر أن تسريبات المعلومات تعود إلى اجتماع عُقد في 23 أبريل لمجلس الأمن القومي البريطاني، حيث أشارت إلى أن الحكومة أعطت الضوء الأخضر لشركة (هواوي) للمساعدة على بناء شبكة "5 جي 5G" متجاهلة التحذيرات الأمنية من واشنطن، التي تشتبه في أن الشركة تتجسس لحساب بكين.

وكان مكتب ماي قال يوم الأربعاء في بيان "طلبت رئيسة الوزراء هذا المساء من غافن وليامسون مغادرة الحكومة، بعدما فقدت الثقة في قدرته على الخدمة في دور وزير الدفاع وكعضو في حكومتها".

وأضاف البيان "جاء قرار رئيسة الوزراء بسبب سلوكه في ما يتعلق بتحقيق في ظروف الكشف غير المصرح به عن معلومات من اجتماع لمجلس الأمن القومي".

تحقيق التسريب
ووفقًا لصحيفة (الغارديان) اللندنية، فقد نشرت رئاسة الوزراء أيضًا خطابًا شديد اللهجة من ماي إلى وليامسون، لمّحت فيه إلى أنه لم يتعاون كليًا مع التحقيق في ذلك التسريب.

جاء التحقيق في أعقاب تقارير تفيد بأن عددًا من الوزراء في حكومة البريطانية أثاروا مخاوف حيال خطة تسمح بمشاركة الشركة الصينية في بناء شبكة الجيل الخامس الجديدة للاتصالات والإنترنت في بريطانيا.

وكان التحقيق في تسريبات مجلس الأمن القومي، بدأ بعد تقرير لصحيفة (دايلي تلغراف) نشر في الأسبوع الماضي، حول تحذيرات من مخاطر محتملة للأمن القومي البريطاني بسبب الصفقة مع شركة هواوي.

وقالت الصحيفة إن الحكومة البريطانية وافقت على السماح لهواوي بالقيام بمهام محدودة في بناء شبكة الجيل الخامس للاتصالات في بريطانيا وسط تحذيرات من مخاطر محتملة على الأمن الوطني البريطاني.

تحقيق داخلي
حينها، وجّه مارك سيدويل، وزير شؤون مجلس الوزراء، الذي يتولى أيضًا منصب مستشار الأمن القومي، ويشرف على تحقيق داخلي في واقعة التسريب، رسالة إلى وزراء الحكومة ومستشاريهم بعد ظهور تفاصيل الاجتماع الذي ناقش قضية مشاركة هواوي في بناء شبكة الجيل الخامس في بريطانيا في وسائل الإعلام.

تركز الكثير من الانتباه على خمسة من أعضاء المجلس، قيل إنهم اعترضوا على قرار السماح لهواوي بالمشاركة في بناء الشبكة الجديدة، وهم ساجد جاويد، وزير الداخلية، وجيريمي هانت، وزير الخارجية، وغافين وليامسون، وزير الدفاع، وبيني موردانت، وزيرة التنمية الدولية، وليام فوكس، وزير التجارة العالمية.

ونفى الوزراء الخمسة بشكل علني مباشر أو عبر معاونيهم أن يكونوا ضالعين في تسريب هذه التفاصيل.

تسريب وغضب&
وكانت دوائر أمنية بريطانية قد أعربت عن غضبها الشديد إثر تسريب معلومات عن الاجتماع السري الذي ضم ممثلين عن الحكومة ومجلس الأمن القومي، والذي عقد لبحث مخاطر إسناد صفقة بناء شبكة الاتصالات من الجيل الخامس "5 جي" إلى شركة هواوي الصينية.&

خلال الاجتماع المذكور، وافق مجلس الأمن القومي، الذي ترأسه ماي، ويضم وزراء ومسؤولين أمنيين كبارًا على السماح لعملاق التكنولوجيا الصينية بالمشاركة المحدودة في بناء البنية التحتية "غير الأساسية" مثل الهوائيات، الأمر الذي دفع مستشار الأمن القومي في البلاد إلى التحرك.

يشار إلى أنه نقاشات مجلس الأمن القومي يحضرها فقط الوزراء والمسؤولون الأمنيون الذين يوقعون أولًا على قانون الالتزام بالسرية الرسمي الذي يفرض عليهم الإبقاء على سرية المحادثات أو مواجهة خطر المساءلة القانونية.

وكانت تقارير ذكرت أن مجلس الأمن القومي في بريطانيا قرر حظر مشاركة هواوي في كل الأجزاء الأساسية من شبكة اتصالات الجيل الخامس في البلاد، وقصر مشاركتها على الأجزاء غير الأساسية.

وتواجه هواوي، وهي أكبر شركة منتجة لمعدات الاتصالات في العالم، عواصف سياسية في دول عدة، بعدما طلبت الولايات المتحدة من الدول الحليفة ألا تستخدم تقنياتها، خشية أن تكون أداة تجسس لمصلحة الصين، وهو ما تنفيه هواوي قطعيًا.

اتهامات&
تقول الولايات المتحدة، وأستراليا، ونيوزيلندا، إن التعامل مع هذه الشركة الصينية ينطوي على خطر أمني نظرًا إلى صلتها بالحكومة الصينية. لكن هواوي نفت وجود أي مخاطر بالتجسس أو التخريب، أو خضوعها لسيطرة الحكومة الصينية.

ومع مواجهة شركة (هواوي) لاتهامات أميركية بأنها قد تساعد بكين على جمع معلومات المواطنين والمنظمات الحكومية في دول الغرب، ومن ضمنها بريطانيا، رد ليو شايومنغ، السفير الصيني في لندن، بالقول إنه ينبغي على بريطانيا اتخاذ قرارات "مستقلة" بشأن السماح لشركة هواوي بالمشاركة في بناء شبكة الجيل الخامس فيها، بحسب "بي بي سي".

موقف السفير&
كتب السفير الصيني مقالًا في صحيفة "صنداي تلغراف" البريطانية حضّ فيه بريطانيا على مقاومة ضغط دول أخرى بشأن قرار التعامل مع الشركة الصينية العملاقة في مجال الاتصالات.

وقال شايومنغ إنه ينبغي أن تؤخذ تلك المخاطر بجدية، مضيفًا أن لهواوي "سجلًا جيدًا على مستوى الأمن". أضاف: "الدول التي تتمتع بنفوذ دولي، مثل بريطانيا، تصنع قراراتها باستقلالية ووفقًا لمصالحها الوطنية".

ختم بالقول: "عندما يتعلق الأمر ببناء شبكة الجيل الخامس الجديدة، فإن بريطانيا في موقف يسمح لها بأن تفعل مثل ذلك ثانية من خلال مقاومة الضغوط، والعمل على تجنب محاولات العرقلة، فضلًا عن اتخاذ القرار الصحيح باستقلالية في ضوء مصالحها الوطنية، وبما يتوافق مع حاجتها إلى التنمية طويلة الأجل".
&