اعتبر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن الإصدار المرئي الأخير المنسوب إلى تنظيم داعش الإرهابي يثبت بشكل قاطع وجود علاقة بين التنظيم الإرهابي والنظام التركي.

إيلاف من القاهرة: أشار المرصد إلى أن مقطع الفيديو المنسوب إلى البغدادي أظهر في نهايته وجود شخص ملثم، وهو يعرض على البغدادي تقارير شهرية لأفرع التنظيم المختلفة، وكانت من بينها تقارير حملت باسم "ولاية تركيا"، في إشارة ضمنية إلى وجود التنظيم في الأراضي التركية.

ردود فعل خجولة
أوضح المرصد أن وجود التنظيم الداعشي الإرهابي في الأراضي التركية يقطع بوجود علاقة غامضة بينه وبين النظام التركي.

دلل المرصد على هذه العلاقة الغامضة برفض النظام التركي الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش في 2014، وعدم رجوع النظام التركي عن موقفه، إلا بعدما قام التنظيم الداعشي الإرهابي بتنفيذ إحدى عملياته على عناصر حرس الحدود في منتصف 2015، وبعد هذا الهجوم كانت التقارير تؤكد عمل النظام التركي على توظيف الهجوم لشن هجمات على مواقع تابعة لداعش في سوريا والأكراد في العراق.

في سياق متصل، أكد المرصد أن تركيا حشدت قوتها بشكل أساسي لتحقيق أجندة سياسية خاصة بها في المنطقة، ليست بهدف ضرب داعش، وهو ما تكشفه ضربات تركيا وتدخلها في العراق وسوريا، بهدف التركيز على ضرب الأكراد، وارتبط توجيه تركيا لضربات على التنظيم فقط برد الفعل على هجمات التنظيم داخل الأراضي التركية، وهي هجمات محدودة، أبرزها هجمات إسطنبول في منتصف 2017.

منح معنويات لأنصاره
كما أوضح المرصد أنه رغم جغرافية تركيا المجاورة لسوريا والعراق، وتوافر بعض حواضن الإرهاب فيها، لكنها أقل الدول تعرّضًا لهجمات التنظيم، بل مثلت تركيا، حسب المخاوف الأوروبية، بوابة العناصر الانتحارية من التنظيم إلى الداخل الأوروبي.

وكشف المرصد أن مساعي التنظيم إلى تشكيل خلايا تمويلية من داخل تركيا هو أمر طبيعي، يتوافق مع البيئة الحاضنة للإرهاب في تركيا، ومنها إيواء العناصر الإرهابية، مثل الإخوان، وعليه فإن اتخاذ التنظيمات الإرهابية من الأراضي التركية معسكرات للتخطيط والتدبير لتنفيذ عمليات موسعة في أوروبا ومختلف البلدان أمر بات جليًّا وواضحًا.

قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور محمد عبد السلام، إن ظهور البغدادي في هذا التوقيت فيه إقرار بأن التنظيم تعرّض لهزائم ساحقة، مشيرًا إلى أن البغدادي أراد التأكيد لأعوانه وأعضاء تنظيم داعش أنه مازال حيًا، ويتابع الأوضاع على الأرض.

إطلالة عسكرية
أضاف لـ"إيلاف" إن الفيديو الجديد الذي ظهر فيه البغدادي يمثل دفعة معنوية لعناصر التنظيم، ويحاول من خلاله تجنيد المزيد من الأعضاء، منوهًا بأنه يسعى إلى تأصيل استراتيجية الذئاب المنفردة في توجيه ضربات إلى دول أوروبا وغيرها من الدول العربية.

وأشار إلى أن البغدادي استغل التفجيرات التي حدثت في سريلانكا، وحاول توظيفها لمصلحة التنظيم، والتأكيد على أنه مازال فاعلًا في ساحة الإرهاب.

في السياق عينه، قال خبراء غربيون إن البغدادي كان يهمّه إعلان بقائه على قيد الحياة، حتى وإن ظهر بشكل يوحي بالضعف وكبر السن. كما إنه على العكس من ظهوره في عام 2014 بملابس سوداء عادية على منبر مسجد النوري، خرج هذه المرة بملابس القتال التي يرتديها المقاتلون في التنظيمات الإرهابية، ومحاطًا بثلاثة من أعوانه، تم إخفاء وجوههم.

ملابس توحي بالمكان
قال تشارلي وينتر، الباحث في مركز دراسات التطرف في الجامعة الملكية في لندن، في تقرير نشرته شبكة سكاي نيوز البريطانية، إن هناك الكثير من التكهنات حول الرجال الذين أحاطوا بالبغدادي في المقطع.

أضاف للشبكة البريطانية: "ربما هم من الشبكة المقربة له أو حكام الولايات. والأكثر احتمالًا هو أنهم حراسه، ولعبوا هذا الدور الذي رُسم لهم. من السذاجة اجتماع أربعة من كبار القادرة في المكان نفسه من أجل تصوير مقطع كهذا".

ورأت مصادر أمنية، بحسب التقرير، أن المقطع ربما تم تصويره في مناطق نائية في سوريا أو العراق. وصرح تيم رمضان، من منظمة "صوت وصورة"، الحقوقية السورية، بأن الملابس الثقيلة التي ارتداها البغدادي وأتباعه تشير إلى أن الطقس كان وقتها باردًا.

تابع رمضان: "البغدادي ارتدى ملابس شتوية، ما يوحي ببرودة الطقس وقت تسجيل الفيديو. وهناك منطقتان باردتان في ذلك التوقيت: المناطق بين تلعفر وجبال سنجار في شمال غرب العراق، أو صحراء الشدادي في شمال شرق سوريا.

دلالة على الثقة
ووفقًا للشبكة، فإن زعيم التنظيم الإرهابي، الذي قتل الآلاف في سوريا والعراق على مدار السنوات الماضية، حاول الظهور في شكل الرجل العسكري، حينما أجلس بجواره أتباعه حاملين أسلحة من طراز "إيه كي-74"، وهو الرشاش "كلاشينكوف" روسي الصنع، الذي يستخدمه معظم المقاتلين الإرهابيين حول العالم.

يقول وينتر: "من الملابس التي يرتديها، والأسلحة التي بجواره ومع معاونيه، نستنتج أنه لا يحاول إظهار فقط أنه مختبئ من أعدائه، لكنه أراد القول إنه واثق بحراسه الشخصيين الذين حملوا السلاح، وهم جالسون بجواره".

أظهر البغدادي أيضًا في المقطع موعد تصوير المقطع، وذلك حينما تحدث عن سقوط الرؤساء في السودان والجزائر وإعادة انتخاب رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بجانب الحديث عن معركة الباغوز، وذلك في إشارة إلى أن المقطع تم تصويره بعد 12 أبريل الماضي.