أعلن ضابط بريطاني كبير متخصص في شؤون الإرهاب أن التسريبات الصحافية التي كشفت القرار البريطاني السماح لشركة "هواوي" الصينية بالمشاركة في تطوير شبكة الجيل الخامس، وأدت إلى إقالة وزير الدفاع غافن ويليامسون، لا تشكل "مخالفة".

وقال نيل باسو وهو أحد المسؤولين الكبار في شرطة سكوتلانديارد في بيان يوم السبت إن "الكشف لا يحتوي على معلومات قد تنتهك قانون الأسرار الرسمية". وأضاف "لم يتم ارتكاب أي مخالفة. سيكون من غير المناسب إجراء تحقيق في هذه الظروف".

وأضاف باسو أن التسرب من اجتماع مجلس الأمن القومي السري للغاية حول شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي "لا يحتوي على معلومات قد تنتهك قانون الأسرار الرسمية".

واجب السرية

وادت هذه التسريبات، المتعلقة بمناقشات مجلس الأمن القومي التي تخضع لواجب السرية، إلى إطلاق دعوات بفتح تحقيق قضائي من قبل سياسيين معارضين بينهم النائب العمالي توم واتسون. كما أدت إلى إقالة وزير الدفاع غافين ويليامسون الذي أكد براءته من التورط في أي تسريب.

وأعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي يوم الأربعاء الماضي إقالة ويليامسون عقب تحقيق حول مصدر تسريب الخبر عن سماحها لشركة هواوي الصينية بتطوير جزء من شبكات الجيل الخامس للاتصالات في البلاد. وهي أخبار هزت الحكومة البريطانية التي تعاني أصلا من تصدعات.

وعادة يحضر نقاشات مجلس الأمن القومي فقط الوزراء والمسؤولون الأمنيون الذين يوقعون أولا على قانون الالتزام بالسرية الذي يفرض عليهم الابقاء على سرية المحادثات أو مواجهة خطر المساءلة القانونية.

إثراء النقاش

وقال المفوض باسو وهو رئيس العمليات التخصصية لشرطة العاصمة والضابط المسؤول عن مكافحة الإرهاب في بيانه: 'لقد تحدثت إلى مكتب مجلس الوزراء بشأن طبيعة المواد التي تمت مناقشتها في مجلس الأمن القومي. لقد تم استخدام هذه المادة لإثراء النقاش الذي تم الكشف عن نتائجه لاحقًا لوسائل الإعلام. أنا مقتنع بأن ما تم الكشف عنه لا يحتوي على معلومات تنتهك قانون الأسرار الرسمية".

وتعارض الولايات المتحدة بشكل مطلق التعاون مع هواوي بسبب التزام الشركة بموجب القانون الصيني بمساعدة حكومتها على جمع المعلومات الاستخبارية أو تقديم خدمات أمنية أخرى عندما يطلب منها ذلك.

وتابع الضابط البريطاني: "لقد فكرت في جميع المعلومات المتاحة لي وقد أخذت المشورة القانونية. أنا مقتنع بأن الكشف لم يكن بمثابة جريمة جنائية، سواء بموجب قانون الأسرار الرسمية أو سوء السلوك في مكتب عام. لم تُرتكب أي جريمة وهذا ليس بالأمر بالنسبة للشرطة".

تحقيق داخلي

وقال: "أي منظمة لها الحق في إجراء تحقيق داخلي في السلوك في مكان العمل. لكن لا يتعلق الأمر بالشرطة ما لم يتم ارتكاب جريمة، كما لم يتم تزويد الشرطة في أي وقت من الأوقات بأدلة من مكتب مجلس الوزراء على ارتكاب جريمة ولم يُقترح أن تكون هناك حاجة إلى عملية بوابة لتمكين اتخاذ هذا القرار".

يذكر أن تقارير متسربة عن اجتماع لمجلس الأمن القومي الشهر الماضي كانت أشارت إلى أن تيريزا ماي قالت إن شركة Huawei يمكن أن تشارك في عناصر "غير أساسية" في شبكة 5G، وهي الجيل الخامس للاتصالات، مثل الهوائيات.

ماي لا تستمع

ووفقًا للتقارير التي نشرتها صحيفة (ديلي تلغراف) اللندنية، لم تستمع السيدة ماي لآراء خمسة وزراء أعربوا عن قلقهم من أن تدخل الشركة قد يوفر طريقًا للتجسس الصيني ويقوض ثقة الحلفاء في أمن الاتصالات البريطانية.

وكانت "ديلي تلغراف" قالت إنها حصلت على تفاصيل النقاشات في مجلس الأمن القومي، ومنها مزاعم بأن رئيسة الوزراء قد أصرت شخصياً على منح "هواوي" تراخيص لبناء أجزاء "غير مركزية" من شبكة "جي 5"، وذلك رغم اعتراض العديد من وزرائها.

وقالت ماي في رسالة الإقالة الموجهة إلى ويليامسون إن التحقيق "تم بصورة عادلة وبتعاون شامل من أعضاء مجلس الأمن القومي ... ووفروا كافة المعلومات المتاحة للمساهمة في التحقيق، وشجعوا مساعديهم على ذلك. ولكن سلوكك لم يكن مثل البقية".

رد ويليامسون

ولكن رد ويليامسون جاء سريعاً بعدما قال إنه يعتقد أن تحقيقاً شاملاً ورسمياً سيبرئ ذمته، مضيفا أنه رفض طلب ماي منه الاستقالة لأن قبوله بها يعني قبوله بمسؤولية ما حدث.
ووصف وزير الدفاع السابق ، يوم السبت، في تصرح لقناة (سكاي نيوز) تعامل رئيسة الوزراء بالتعامل مع إقالته، بأنه "مطاردة ساخرة ومهينة".

وقال ويليامسون إنه يريد "تحقيقًا كاملاً ونزيهاً" في تسرب هواوي الذي أدى إلى إقالته ، بعد أن قالت سكوتلاند يارد إن الكشف عن اجتماع مجلس الأمن القومي لم يخرق قانون الأسرار الرسمية.

وقال: "مع عدم رغبة شرطة العاصمة في إجراء تحقيق جنائي ، فمن الواضح أنه يجب إجراء تحقيق مناسب وكامل ونزيه على هذه&المطاردة المتهالكة وذات المصداقية التي أسيء التعامل معها بشكل سيئ&للغاية من جانب كل من رئيس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمن القومي &مارك سيدويل ".

اسلحة مشتعلة&

وقالت المحررة السياسية في سكاي نيوز، بيث ريجبي، إن ويليامسون "خرج بكل الأسلحة المشتعلة" ضد تيريزا ماي ، التي كانت تأمل في أن "تتلاشى" النتائج بعد أن دافعت عن قرارها بطرده.

أوضحت ريجبي: "كانت تأمل أن تختفي هذه القصة ، لكنني أعتقد أن هذه القصة ستستمر حتى الأسبوع المقبل. واضافت: "سيتعين علينا أن نرى متى يعود الجميع إلى مجلس العموم، كيف يتم ذلك، وما هي تحركاته القادمة، ومدى الضغط الذي يواصل فرضه على رئيسة الوزراء".

وإلى ذلك،جاء التحقيق في تسريبات (هواوي) بعد احتجاجات من قبل الوزراء والاستخبارات البريطانية والتي حذرت من انتشار ظاهرة التسريبات الحكومية ومن دون معاقبة المتسببين بها.

وتمتلك قضية "هواوي" حساسية أكبر لما يرتبط بها من شؤون اقتصادية وسياسية، حيث إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي تخوض بلاده حربا تكنولوجية مع الصين، أدان لجوء بريطانيا إلى هواوي لدعم شبكة الجيل الخامس للاتصالات.&
&