إيلاف من القاهرة: مع مرور الوقت، تتسع هوة الخلافات بين الأطراف في السودان في مرحلة ما بعد إسقاط حكم الرئيس السابق عمر البشير، ويبدو أن هذه الهوة سوف تزداد اتساعًا، لاسيما بعد تجميد المفاوضات بين المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير المعارضة، وعلمت "إيلاف" أن المجلس يدرس خيارين للخروج من المأزق، والانقلاب على المعارضة.

وفيما تجهز قوى الحرية والتغيير التي قادت المظاهرات حتى إسقاط حكم الرئيس الأسبق البشير، للإضراب العام، احتجاجاً على تعثر المفاوضات حول المرحلة الانتقالية، يدرس المجلس العسكري الانتقالي خيارين للخروج من الأزمة الراهنة.

وحسب معلومات تحصلت عليها "إيلاف" من مصادر سودانية، فإن المجلس العسكري الانتقالي يدرس بجدية تشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط، وسوف تتضمن بعض رموز المعارضة من القيادات الاقتصادية والسياسية، مع احتفاظه بالوزارات السيادية، وهي الدفاع والداخلية والخارجية وحكام الولايات.

ويسعى المجلس إلى حلحلة الأزمة عبر اللجوء إلى الشعب السوداني، من خلال إجراء استفتاء شعبي، أو إجراء انتخابات شعبية مبكرة، تتضمن اختيار مجلس النواب والحكومة، على أن يكون نظام الحكم برلمانيا، وأن يتم تنظيم الانتخابات نهاية شهر ديسمبر من العام الجاري، أي بعد نحو ستة أشهر من الآن، وتتم&دعوة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية، للإشراف على الانتخابات ومراقبتها، تحقيقًا للشفافية والنزاهة.

وفي المقابل، تُجهز قوى الحرية والتغيير المعارضة لتنفيذ الإضراب العام الشامل يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين.

وأعلن نادي القضاة، استعداد قضاة المحاكم بمختلف درجاتها للمشاركة في الإضراب السياسي الشامل، والعصيان المدني الذي تدعو له قوى إعلان الحرية والتغيير.

وقال بيان صادر عنه، إن أعضاءه مستعدون لتنفيذ الإضراب، "ليكونوا نصيراً للشعب عند المحن، ومدافعين عن حقوقه دون أن تتأثر مواقفهم بحيادية واستقلال القضاء"، مشيرا إلى أن إضرابهم سيشمل جميع القضاة من مختلف الدرجات، ابتداء من المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف والمحكمة العامة، والمحاكم الجزئية الأولى والثانية، في مختلف الأجهزة القضائية بالسودان.

ووصف نادي القضاة مطالب الشعب في حكومة تعبر عن ثورته وكفاحه وصبره في ساحات الاعتصام والنضال، بأنها "لم تعد محل تقدير ممن بيدهم مقاليد الأمور".

وتابع: "القضاء السوداني على مر السنين، ظل نصيراً للشعب عند المحن، حامياً لحقوقه ومدافعاً عنها، دون أن يؤثر ذلك على حياديته واستقلاله، وأضاف: "فهو لا ينحاز إلى فريق دون آخر، ولكنه ينحاز إلى جانب الحق متمثلاً فيما تعبر عنه إرادة الشعب السوداني".

وأوضح قضاة السودان أنهم كانوا يأملون أن "تتكلل المساعي المبذولة بين أطراف التفاوض فتنتهي إلى بلوغ النجاح والتوفيق، تحقيقاً لمطالب شعب السودان وغاياته، وإلى ما فيه الخير والاستقرار".

ووصف النادي نتائج المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بأنها "تنبئ عن أن الأمور لم تعد تسير وفقاً لما يتطلع إليه شعبنا العظيم بثورته المجيدة"، معتبرين الخيارات المطروحة "لا تعبر عن إرادته، التي دفعت به للخروج في التاسع عشر من ديسمبر والسادس من أبريل".

وتعتزم التجمعات المهنية المختلفة المشاركة في الإضراب المزمع تنفيذه يومي الثلاثاء والأربعاء.

وقال الجنرال السابق بالجيش السوداني اللواء يونس محمود، إن المجلس العسكري، من خلال قراءة الواقع فإنّه استعجل في إعطاء قوى إعلان الحرية والتغيير ما لا تستحق، مُندِّداً بأنّ الظروف التي استعجل فيها العسكري غير مفهومة، ربما جَرّاء الضغط الإعلامي الذي صنعته قُوى الحُرية والتّغيير.

وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة "الصيحة السودانية" إنّ قُوى الحُرية والتغيير ادّعت بأنّها تملك ناصية الطريق في مُعالجة الأشياء، وإنّها نالت حقاً ليس من حقها، وهو ما اكتشفه المجلس العسكري مُؤخّراً.. هذه الحقيقة وأنه وقع في كمين، وأصبح محرجاً مع القوى السياسية الأخرى التي تدعم المجلس في قراراته، ولكن المجلس أحسّ بخذلانٍ كبيرٍ بأنّه أعطى حقاً لقوى الحرية والتغيير واليساريين حقاً غير حقها، مُشدداً على أن المجلس يبحث في طريق الرجعة الآن، وما يقيِّده الاتفاق المُعلن الذي لا تراجع منه، مُنبِّهاً إلى أنّ التعنُّت الذي أصاب قوى الحرية والتغيير يأتي في مصلحة المجلس العسكري، حيث من الاستحالة أن يمنح العسكري المجلس السيادي لقوى الحرية والتغيير حتى لو أصبح السيادي القشة التي قصمت ظهر البعير.

وقال إن قيادات المجلس العسكري "يسعون لتشكيل حكومة قومية أو انتخابات مُبكِّرة وهي خيارات أصبحت مُتاحة أمام العسكري الذي لم يرَها سابقاً".

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل مساء أمس، رئيس المجلس الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في القاهرة في أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب.

وقال السيسي أثناء لقائه البرهان، إن الحل سيكون من صنع السودانيين أنفسِهم، عن طريق حوارٍ شاملٍ جامع، كما أشار إلى أن دول جوار السودان تتطلع لتقديم العون والمؤازرة للشعب السوداني.

من جهته، أكد البرهان أن السودان يرفض أي علاقة مع دولة تُضر بمصالح مصر ودول الخليج، كما جدد البرهان التأكيد على أن السودان مستمر ضمن قوات التحالف العربي في اليمن ولا نية لانسحابه.