بروكسل: &تقدّم اليمين المتطرّف الفرنسي برئاسة مارين لوبن الأحد على حزب الرئيس إيمانويل ماكرون في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، في نتيجة تعكس رمزية تقدّم مناهضي التجربة الوحدوية الأوروبية في عدد من البلدان خلال هذا الاستحقاق الذي تميّز أيضاً بنتائج جيّدة لأنصار البيئة.

وحسب استطلاعات للرأي، جمع حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرّف نحو 24% من الأصوات، متقدّمًا على حزب ماكرون الذي نال ما بين 22 و23%، في نتائج من شأنها تقويض الطموحات الأوروبية للرئيس الفرنسي، وهو أحد أكثر المسؤولين تعلّقاً بتطوير الهيكل الأوروبي.

وسارع حزب لوبن إلى المطالبة بـ"تشكيل مجموعة قويّة" داخل البرلمان الأوروبي، تجمع الأطراف الشعبويّين الذين يُمثّلون خليطاً من القوى التي لم تنجح سابقًا بالاتّحاد.&

كما تميّزت الانتخابات الأوروبية في فرنسا بمفاجأة أُخرى تمثّلت في حصول لائحة أنصار البيئة على المركز الثالث بنسبة بلغت 12%، في مشهد يردّد أصداء النتائج التي سجّلها في ألمانيا أنصار البيئة، حيث أفادت استطلاعات الرأي بأنّ الخضر سيحتلّون المرتبة الثانية وراء معسكر أنغيلا ميركل الذي يُسجّل أسوأ نتيجة له مقارنةً بالانتخابات السابقة.

وقالت الألمانية سكا كيلير رئيسة لائحة أنصار البيئة في البرلمان الأوروبي بعد إعلان نتائج استطلاعات الرأي "حقّقنا انتصارًا كبيرًا"، فيما قال النائب الأوروبي البلجيكي&فيليب لامبير "أنا سعيد جداً".

-النتائج الأولية-

تشير الخريطة الأوّلية للبرلمان الأوروبي المقبل إلى أنّ حزب الشعب الأوروبي (يمين) سيبقى الحزب الأوّل بحصوله على 177 مقعداً، مقابل 216 في الانتخابات السابقة، ويأتي خلفه الاشتراكيون الديموقراطيون (147 مقابل 185).

ويُتوقّع حصول أنصار البيئة على 69 مقعداً، مقابل 52 في السابق.

على جانب آخر، يُتوقّع أن تحصد المجموعة التي تضم التجمّع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي بزعامة ماتيو سالفيني، وهما بمثابة أعداء للمشاريع الأوروبية التي يطرحها ماكرون، ويطمحان إلى اتّحاد واسع يضم أحزاباً قومية ومناهضة للاتحاد الأوروبي وشعبوية، 57 نائباً في مقابل 37 حالياً.

ومع أنّ استطلاعات الرأي تُشير إلى حصول الأحزاب اليمينيّة المتطرّفة على نتائج أفضل من الانتخابات الأخيرة، فإنّها لن تكون قادرة على ضمان غالبيّة في البرلمان الأوروبي.

ويتعثّر التقارب بين هذه الأطراف لوجود اختلافات عميقة في ما بينها حيال مسائل مثل الموقف من روسيا.

ولن تصدر النتائج الرسميّة قبل نحو الساعة 21,00 ت غ، بعد إقفال مكاتب الاقتراع في إيطاليا التي ستكون آخر مكاتب تُقفل في أوروبا.

وتبقى نسب المشاركة في هذه الانتخابات ضعيفةً مقاربة بنسب المشاركة في الاستحقاقات المحلّية. لكن بحسب البرلمان الأوروبي، فإنّ النسب الحاليّة، ما بين 49 و52%، تُسجّل "أعلى (مستوى) في 20 عاماً".

وسُجّل ارتفاع في مستوى المشاركة في إسبانيا والمجر ورومانيا وبولندا، بما يصل إلى عشرة نقاط.

وتضع هذه التعبئة حدّاً للانحسار المستمرّ والذي تتّصف به الانتخابات الأوروبية منذ عام 1999.

-تشتّت-

في النمسا، حلّ الحزب المحافظ برئاسة المستشار سيباستيان كورتز في الطليعة، متقدّمًا على الاشتراكيين الديموقراطيين وحزب الحرّية اليميني المتطرّف، حسب استطلاعات الرأي التي نُشرت لدى إقفال صناديق الاقتراع.

وفي المجر، حقّق الحزب السيادي برئاسة رئيس الحكومة فيكتور أوربان انتصارًا ساحقًا، جامعًا نحو 56% من الأصوات، ومتقدّمًا بأكثر من 45 نقطة على المعارضة من يسار الوسط واليمين المتطرّف، حسب استطلاعات الرأي أيضًا.

وكانت الانتخابات البرلمانيّة أجريت ما بين الخميس والسبت في سبعة بلدان، بينها المملكة المتحدة التي نظمت الانتخابات بسرعة بعد إرجاء بريكست إلى 31 اكتوبر. ويُفترض أن تنتهي ولاية النواب البريطانيين في البرلمان الأوروبي عند خروج بلادهم من الاتحاد على أن يتمّ إلغاء مقاعدهم أو توزيعها على دول أخرى.

ودعي إلى هذه الانتخابات 427 مليون أوروبي لانتخاب 751 عضواً لخمسة اعوام في البرلمان الأوروبي.

ويُتوقّع أن يبقى الحزب الشعبي الأوروبي والاشتراكيون الديموقراطيون أكبر حزبين في هذا البرلمان، لكن هذه الانتخابات يفترض أن تنهي قدرتهما على تشكيل غالبية تسمح لهما وحدهما بتمرير نصوص تشريعية.

ويأمل الليبراليون في أن يصبحوا قوّة لا يمكن الالتفاف عليها في البرلمان لصالح تحالف مطروح مع مؤيدي ماكرون المنتخبين. كما يأمل دعاة حماية البيئة في أن يصبحوا محاورًا لا بدّ منه في المشهد السياسي الذي يبدو مشتّتًا اليوم أكثر من أيّ وقت مضى.

وستكون إعادة تشكّل المشهد السياسي هذه حاسمة للسباق على المناصب الأساسية في المؤسسات الأوروبية، خصوصًا رئاسة المفوّضية خلفًا لجان كلود يونكر من الحزب الشعبي الأوروبي.