استبق قادة الدول الإسلامية في قمة مكة المكرمة السبت الخطة الأميركية المرتقبة للسلام، مؤكدين رفضهم حلولًا لا تضمن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، فيما حصلت السعودية على دعم "لا محدود" عقب الهجمات الأخيرة، من دون الإشارة إلى مسؤولية إيران عنها.&

إيلاف: سعت السعودية إلى حشد تأييد الدول الإسلامية ضد إيران في قمة منظمة التعاون الإسلامي الـ14، التي غاب عنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، محذرةً من أن أمن إمدادات النفط في المنطقة أصبح في خطر بعد هذه الهجمات.

إلّا أن مسألة الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على مدينة القدس المتنازع عليها، طغت على البيان الختامي للقمة، التي أكدت أيضًا رفضها اعتراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية.

أدانت القمة في بيانها الختامي "نقل سفارتَي كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وغواتيمالا إلى مدينة القدس"، وحضّت "جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على مقاطعة تلك البلدان، التي قامت بالفعل بافتتاح بعثات دبلوماسية في مدينة القدس".

كما حثتها على "وقف أي نوع من العلاقات والتبادلات التجارية والزيارات معها، سواء كانت فعاليات سياسية أو ثقافية أو رياضية أو فنية مشتركة، إلى حين تراجعها عن ذلك". والعلاقات وطيدة بين الولايات المتحدة وغالبية الدول الإسلامية، وهو ما يثير شكوكًا حيال إمكانية تنفيذ هذه الدعوة.

وكان ترمب أعلن اعتراف إدارته بالقدس المتنازع عليها عاصمةَ لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، وأوقف مساعدات بمئات ملايين الدولارات كانت تُقدم إلى الفلسطينيين.

شدد قادة الدول الإسلامية على أن "أي مقترح يُقدَّم من أي طرف كان" لا يتبنى "الحقوق الفلسطينية" و"لا يتسق مع المرجعيّات الدولية المتّفق عليها والتي تقوم عليها عمليّة السلام في الشرق الأوسط، مرفوض"، داعين إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها بعد عام 1967 والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. جاءت مواقف الدول الإسلاميّة قبل الكشف عن خطّة سلام أميركيّة توصَف بأنها "صفقة القرن".

ويُتوقّع أن تطرح الولايات المتحدة الجوانب الاقتصاديّة لخطة السلام هذه، خلال مؤتمر في البحرين يومي 25 و26 يونيو المقبل. وأعلن المسؤولون الفلسطينيون مقاطعة المؤتمر.

بالنسبة إلى الجولان السوري، أكّد المجتمعون في مكّة رفض وإدانة "القرار الأميركي الخاص بضمّ الجولان للأراضي الإسرائيلية، واعتباره غير شرعي ولاغيًا، ولا يترتّب عليه أي أثر قانوني".

وأعلن الرئيس الأميركي في 21 مارس اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلّتها إسرائيل في العام 1967، وهو قرار يتعارض مع المسار الذي انتهجته واشنطن منذ عقود في هذا المجال.

دعم غير محدود
القمّة الـ14 لمنظّمة التعاون الإسلامي التي تضمّ 57 دولة، هي ثالث اجتماع على مستوى قادة الدول استضافته مكّة بعد قمّتَين خليجيّة وعربيّة ليل الخميس الجمعة حصدت خلالهما المملكة دعمًا في مواجهتها المفتوحة مع جارتها الشيعيّة.

حملت واشنطن إيران مسؤوليّة اعتداء على سفن قبالة الإمارات في الشهر الماضي، وبينها ثلاث ناقلات نفط سعودية ونروجية، بينما اتّهمت السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، طهران بإصدار أوامر للحوثيين اليمنيّين لمهاجمة محطتَّي ضخ للنفط في غرب الرياض.

وأعرب المسؤولون في القمة الإسلاميّة في بيانهم الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية عن "تضامنهم" مع الرياض ودعمهم "اللامحدود لجميع الإجراءات التي تتّخذها لحماية أمنها القومي وإمدادات النفط"، مدينين الحوادث الأخيرة، إنّما من دون ذكر إيران.&

انعقدت هذه القمم الثلاث في خضمّ توتّرات بين إيران والولايات المتحدة. وكانت واشنطن أرسلت تعزيزات عسكريّة إلى الخليج لمواجهة "التهديدات الإيرانية". وتدهورت العلاقات بين واشنطن وطهران سريعًا منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، وأخيرًا بعد تشديد العقوبات الأميركيّة على قطاع النفط الإيراني في بداية مايو.

وتتهم السعودية وحلفاؤها، لا سيما الإمارات العربية ومصر والبحرين، إيران، بتدريب وتمويل مجموعات مسلحة في اليمن (الحوثيون) والبحرين، والعراق، ولبنان وسوريا (حزب الله).&

وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح القمة الإسلامية إن "الأعمال الإرهابية التخريبية لا تستهدف المملكة ومنطقة الخليج فقط، وإنما تستهدف أمن الملاحة وإمدادات الطاقة للعالم"، معتبرًا أنها تُشكّل "تهديدًا خطيرًا لأمن وسلامة حركة الملاحة البحريّة والأمن الإقليمي والدولي".

تزامنت هذه التصريحات مع تحذير الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصرالله من أنّ أيّ حرب ضدّ طهران الداعمة له "لن تبقى عند حدود إيران"، بل ستُشعل المنطقة بكاملها، منبّهًا إلى أنّ هذا يعني أنّ المصالح الأميركيّة "ستُباح".

غياب إردوغان&
وانعقدت القمّة التي تلتئم كلّ ثلاث سنوات، بغياب الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني.

تعود آخر زيارة أجراها إردوغان للسعوديّة إلى العام 2017. وإردوغان حليف رئيس لقطر التي تتعرّض لمقاطعة سعوديّة. كما إنّ بلاده تُقيم علاقات مهمّة مع إيران، الخصم اللدود للرياض في المنطقة.

وللمرّة الأولى منذ قطع العلاقات القطريّة السعوديّة في يونيو 2017، زار الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيس حكومة قطر، السعودية وحضَرَ الاجتماعات الثلاث.

من جهة أخرى، ندّدت القمّة بظاهرة "الإسلاموفوبيا، باعتبارها شكلًا معاصرًا من أشكال العنصرية والتمييز الديني، ما انفكّت تتنامى في أنحاء كثيرة من العالم".

وشجّع المجتمعون "الأمم المتّحدة وغيرها من المنظّمات الدوليّة والإقليميّة على اعتماد 15 مارس يومًا دوليًا لمناهضة الإسلاموفوبيا".