لندن: أعلن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أحد المرشّحين لخلافة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، الأحد أنّه مقتنع بأنّ إعادة التفاوض ممكنة لتجنّب حصول بريكست من دون اتفاق، مرتكزاً على محادثة أجراها مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تصبّ في هذا الاتجاه.

وأكّد هانت في حديث لقناة "سكاي نيوز" أنّ ميركل "قالت إنّه مع رئيس وزراء بريطاني جديد، نحن (الدول الـ27 الاخرى في الاتحاد الأوروبي) نريد دراسة كل الحلول التي ستقترحونها"، مشيراً إلى محادثة أجراها مع المستشارة على هامش الذكرى الـ75 لإنزال النورماندي.

وأضاف "أنا متأكّد تماماً من أنّه إذا تبنينا المقاربة الجيدة في هذا الموضوع، سيكون الأوروبيون مستعدين للتفاوض".

ولم يحدّد الوزير ما إذا كان يعني&إعادة التفاوض بشأن اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي توصلت إليه لندن وبروكسل ورفضه البرلمان البريطاني - والذي لا تنوي الدول الـ27 تنقيحه- أو يشير الى الإعلان السياسي الذي يرسم ملامح العلاقة ما بعد بريكست.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق أنه مستعد لإعادة مناقشة هذا الإعلان في حال أعادت لندن النظر في مواقفها بشأن الاتحاد الجمركي والوصول إلى السوق الموحدة.

وردا على سؤال لفرانس برس، لم تشأ متحدثة باسم الحكومة الالمانية التعليق، لكنها ذكرت بأنه إثر الاجتماع الطارئ للمجلس الاوروبي الذي عقد في 11 ابريل في بروكسل، اعلنت المستشارة أن "اتفاق الخروج سيطبق ولن يتغير ويمكننا بالطبع مناقشة العلاقات المستقبلية" بين المملكة المتحدة والاتحاد الاوروبي.

ويشمل اتفاق بريكست خصوصاً، الترتيب المثير للجدل بشأن "شبكة الأمان" أو "باكستوب". وينصّ حلّ اللحظة الأخيرة على إبقاء كامل المملكة المتحدة في اتحاد جمركي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد.

ونقل هانت عن ميركل أن القادة الأوروبيين قد يكونون منفتحين على حلّ تقني لحلّ مسألة الحدود الإيرلندية، وهو حلّ تعتبره بروكسل في الوقت الراهن غير واقعي.

وروى الوزير البريطاني أن ميركل "قالت لي إن ألمانيا ليست لديها حدود مع جمهورية إيرلندا، أنتم لديكم (حدود) ... إذاً يجب أن تجدوا حلاً". وتابع: "سيكون الأمر إذاً حلاً مبنياً على امور تقنية، ما يسميه الألمان حدودًا ذكية. أعتقد أن ذلك قابل للتنفيذ".

سنحتفظ بالمال

وتبقى تيريزا ماي التي غادرت الجمعة رئاسة الحزب المحافظ، رئيسةً للحكومة إلى أن يختار هذا الحزب بحلول أواخر يوليو رئيساً جديداً له، سيصبح تلقائياً رئيساً للحكومة.

وحذّر بوريس جونسون الذي يُعتبر الأوفر حظاً لخلافتها بين المرشحين الـ11، من أنه إذا أصبح رئيساً للوزراء، سيرفض ان تدفع بلاده فاتورة بريكست إلى حين موافقة الاتحاد الأوروبي على شروط أفضل للانسحاب.

وقال جونسون المؤيد لبريكست في مقابلة مع صحيفة "صنداي تايمز"، إنّه "ينبغي على أصدقائنا وشركائنا أن يفهموا أنّنا سنحتفظ بالمال إلى أن نحصل على مزيد من الوضوح بشأن الطريق الذي سنسلكه".

وأضاف وزير الخارجية السابق "في اتفاق جيد، المال محفّز ممتاز ومسهّل جيد جداً".

وقال مصدر مقرّب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "عدم الوفاء بتسديد المتوجّبات المالية هو إخلال بالتزام دولي يوازي التخلّف عن سداد دين سيادي، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات".

وينصّ الاتفاق الذي أبرمته ماي مع الاتحاد الأوروبي ورفضه البرلمان البريطاني على أن تسدّد لندن الالتزامات المالية التي تعهّدتها بموجب الموازنة الحالية المتعدّدة السنوات (2014-2020)، والتي تغطي أيضًا الفترة الانتقالية التي ينصّ عليها الاتفاق.

ولا يحدّد الاتفاق قيمة هذه الفاتورة بل كيفية احتسابها. وقدّرت الحكومة البريطانية قيمة المبلغ بما بين 40 و45 مليار يورو، وهي أرقام لم يؤكّدها الاتحاد الأوروبي.

وكان جونسون الملقب بـ"بوجو" أحد صانعي انتصار بريكست في الاستفتاء الذي أجري في يونيو 2016. ويريد أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد في 31 أكتوبر، سواء تمّت إعادة التفاوض بشأن الاتفاق أم لا.

ويحظى جونسون البالغ 54 عاماً، بتقدير كبير من جانب الناشطين في قاعدة حزب المحافظين، وهو سياسي محنّك، لكنه يثير في المقابل ردود فعل متباينة في صفوف النواب المحافظين.

ورفض القضاء البريطاني في السابع من يونيو ملاحقات ضده بتهمة الكذب أثناء الحملة التي سبقت الاستفتاء على بريكست. وكان جونسون متهماً بتعمد الكذب حين كان رئيساً لبلدية لندن، إذ قال إن المملكة المتحدة كانت تدفع 350 مليون جنيه (440 مليون دولار) أسبوعيا للاتحاد الاوروبي.

غير أنّ وزيرة العمل والمعاشات آمبر رود أعلنت في تغريدة الأحد دعمها لهانت لتولي زعامة الحزب وتالياً رئاسة الوزراء.

أما وزير الداخلية ساجيد جافيد الذي يخوض بدوره السباق إلى داوننغ ستريت فحصل من جانبه على تأييد بعض الشخصيات الرئيسية في الحزب، وفي مقدّمهم زعيم المحافظين الاسكتلنديين روث ديفيدسون.