لوثار شولتز من برلين: حينما ترتبط الدول بتاريخ وإرث من العلاقات السياسية والإقتصادية القوية، يصبح التغلب على المشكلات الطارئة مهما بلغت قوتها، أمراً ممكناً، ولكنه يظل مرهوناً بوجود الشخصيات التي تملك القدرة على التفاوض بذكاء وإقناع الجانب الآخر.

وهذا ما فعلته دولة الإمارات من خلال مبعوثها الخاص سلطان الجابر وزير الدولة الإماراتي الذي نجح في إقناع الحكومة الألمانية برفع الحظر عن تصدير السلاح لبلاده، ومن المتوقع أن يكون لذلك إنعكاس إيجابي على السعودية قريباً، حيث من المتوقع أن يتكرر السيناريو الألماني الإماراتي الذي شهد رفع الحظر على صفقات السلاح.

30 مليار دولار

ترتبط الإمارات وألمانيا بعلاقات قوية وتناغم يبلغ حد التطابق في كثير من الملفات السياسية، فضلاً عن حجم التبادل التجاري الكبير بين البلدين، والذي يصل إلى ما يقرب من 20 مليار دولار، وهو ثلث تجارة الألمان مع العرب، وفي الوقت ذاته هناك علاقات سعودية ألمانية قوية، وتبادل تجاري بين البلدين يقترب من حاجز العشر مليارات دولار، الأمر الذي يمهد للتغلب على أي مشكلات أو عقبات طارئة بين الألمان من جهة، وبين السعودية والإمارات بما يشكلانه من ثقل سياسي وإقتصادي في منطقة الشرق الأوسط.

تتابع الأحداث

يشير تتابع الأحداث إلى أن قرار الحكومة الألمانية وقف تصدير الأسلحة&لبعض الدول والذي تم اتخاذه قبل فترة، ثم إستثناء الإمارات من ذلك إلى حدوث مفاوضات مطولة، قادها وزير الدولة الإماراتي ومبعوثها لألمانيا سلطان الجابر، فقد التقى الجابر مع مسؤولين لهم ثقل كبير في صنع القرار في ألمانيا خلال الأشهر&الماضية، وكان من اللافت أن هذه المفاوضات التي قام بها شملت قيادات بعض الأحزاب الألمانية، وأعضاء في البرلمان، وشخصيات حكومية نافذة.

إعجاب ألماني

مفاوضات المبعوث الإماراتي حظيت بقناعة وإعجاب في الأوساط السياسية الألمانية، مما مهد لإنفراج الأزمة، فقد كتب نيلس آنين وزير الدولة الألماني عقب لقاء له مع الجابر في 18 مايو الماضي:"لقاء ممتاز مع وزير الدولة سلطان بن أحمد الجابر، المبعوث الجديد لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى ألمانيا، &مباحثات مباشرة وصريحة وبناءة للغاية. بالضبط كيف ينبغي أن يتحدث الشركاء مع بعضهم البعض. اتفقنا على تعميق علاقاتنا الثنائية"، ودون النظر إلى طبيعة المحادثات بينهما وعلاقتها بملف إعادة تصدير السلاح الألماني للإمارات، فقد ظهر جحم القناعة الألمانية الكبيرة بقدرات الجابر التفاوضية.

تصريح إبريل

الإمارات كانت قد عبرت بصورة مباشرة في إبريل الماضي على لسان سفيرها&عن وجود أزمة، فقد قال السفير الإماراتي في برلين، علي عبد الله الأحمد، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" &"نعلم أن قطاع تصنيع الأسلحة الألماني مستعد لتسليم كافة البضائع، ونحن ننتظر إيفاء كافة الأطراف بشروط العقود المتفق عليها"، فقد كانت الإمارات والسعودية ضمن الدول المشمولة بحظر تصدير أسلحة ألمانية إليها وفقا لمعاهدة الائتلاف الحاكم الألماني، التي اتفق عليها التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة أنغيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل عام.

تحركات المبعوث الإماراتي

في هذه الأثناء في شهر مايو الماضي تحرك المبعوث الإماراتي سلطان الجابر بكل قوة، وأدار المفاوضات ببراعة لافتة، وصولاً إلى إقناع صناع القرار في ألمانيا برفع الحظر الألماني عن تصدير الأسلحة لدولة الإمارات، ومن المتوقع أن ينعكس ذلك إيجابياً على السعودية أيضاً، في ظل متانة وقوة العلاقات بين الدول المذكورة، وهي السعودية والإمارات بثقلهما السياسي في الخليج والمنطقة العربية والشرق أوسطية، وبين ألمانيا من جانب آخر، فالأمر لا يتعلق فقط بصفقات أسلحة، بل إن هناك تعاوناً شاملاً وتفاهماً في كثير من الملفات السياسية، وكذلك علاقات إقتصادية متينة.

البوندستاغ يستجيب

وفي 22 مايو الماضي، أكدت وزارة الاقتصاد الألمانية أن تعليق صادرات الأسلحة لا يشمل الإمارات العربية، وأوردت ذلك مجموعة صحف شبكة "دويتشلاند" الألمانية، واعتمدت الشبكة على جواب لأولريش نوسمان، السكرتير العام لوزارة الاقتصاد، على سؤال للنائبة البرلمانية سفيم داغديلين عن حزب اليسار في البرلمان الألماني "بوندستاغ" وذكر نوسمان أنه من الناحية المبدئية، فإن تصدير السلاح للإمارات لا يزال ممكنا بما في ذلك قطاع الغيار المصنعة في بلدان أخرى.