أكدت المملكة المتحدة التزامها في إحداث تغيير المناخ بحلول عام 2050 بإصدار تشريع من شأنه أن يضعها على المسار الذي يؤهّلها لأن تصبح أول قوة اقتصادية رئيسة تضع هدف الوصول بالانبعاثات فيها إلى درجة الصفر في صُلب قوانينها.

إيلاف: يعني القانون الجديد أن المملكة المتحدة تسير على الطريق الذي رسمته لتصبح أول دولة في مجموعة السبع (G7) تقرّ قانونًا بشأن الوصول بمستوى الانبعاثات فيها إلى درجة الصفر.

ومن المتوقع أن تحذو الاقتصادات الكبرى الأخرى حذو المملكة المتحدة، داعية إياها إلى أن تفعل الشيء عينه. ولهذا السبب، ستجري المملكة المتحدة تقييمًا إضافيًا في غضون 5 سنوات للتأكد من أن الدول الأخرى تتخذ إجراءات طموحة مماثلة، وبالتالي مضاعفة ما بدأته المملكة المتحدة، وضمان ألا تواجه صناعاتنا منافسة غير عادلة.

تعديل قانوني
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أعلنت يوم الأربعاء الماضي، أن المملكة المتحدة ستتخلص مما تتسبّب به في مجال تغيّر المناخ بحلول عام 2050 "وهي أودعت في البرلمان تعديلًا على قانون تغيّر المناخ لعام 2008".

كما التقت تيريزا ماي طلاب كليات العلوم والهندسة لمناقشة الهدف الطموح الجديد، والذي يستند إلى مشورة خبراء مستقلين، وهم أعضاء اللجنة المعنية بتغيير المناخ.

تعتبر المملكة المتحدة في الأساس الرائدة&عالميًا في مواجهة تغيير المناخ، وقد طلبت الحكومة هذه المشورة في شهر أكتوبر الماضي بعد إدراكها الحاجة إلى فعل المزيد للحدّ من آثاره.

تقرير&
وفي تقريرها، تكهّنت اللجنة المعنية بتغيير المناخ بفوائد كبيرة على الصحة العامة وتوفير في إنفاق الهيئة البريطانية للرعاية الصحية نتيجة تحسين جودة الهواء وخفض الضوضاء، إلى جانب تحسين التنوع البيولوجي.

وللمرَّة الأولى على الإطلاق ستُتاح للشباب فرصة صياغة سياستنا المناخية المستقبلية من خلال مجموعة التوجيه الشابَّة. هذه المجموعة، التي أنشأتها وزارة الشؤون الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية وبقيادة المجلس البريطاني للشباب، سوف تقدم المشورة إلى الحكومة بشأن أولويات العمل البيئي، وإعطاء تقييم للتقدم المحرز حتى الآن في مقابل الالتزامات الحالية حيال المناخ والنفايات وإعادة التدوير وفقدان التنوع البيولوجي. وسوف تبدأ المجموعة مراجعتها هذه في شهر يوليو المقبل.

تصريح ماي
على هذا الصعيد، قالت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي: بصفتنا أول دولة تضع تشريعا لتحقيق أهداف مناخية طويلة الأجل، يحق لنا أن نفخر بسجلنا في معالجة تغير المناخ. ولقد حققنا تقدمًا هائلًا في تنمية اقتصادنا وسوق الوظائف في بلدنا، وفي الوقت نفسه نجحنا في خفض الانبعاثات".

أضافت: لقد حان الوقت لبذل جهود أكبر وأسرع للحفاظ على البيئة من أجل أطفالنا. كان بلدنا قد قاد العالم في الابتكار خلال الثورة الصناعية، وعلينا الآن أن نقود العالم إلى نمو أنظف وأكثر رأفة بالبيئة.

وأكدت رئيسة الحكومة أن الوقوف موقف المتفرج ليس خيارًا. صحيح أن الوصول إلى الصفر بحلول عام 2050 هو هدف طموح، ولكن من الأهمية بمكان أن نحققه لضمان حماية كوكبنا للأجيال المقبلة.

قالت: وفي حين أن حكومات المستقبل ستكون هي من يحدد الاتجاه الدقيق لسياسة المناخ المستقبلية، تقر اللجنة المعنية بتغير المناخ بأننا قد أرسينا أسسًا متينةً من خلال استراتيجيتنا للنمو النظيف، إلى جانب ما اتخذناه من إجراءات لمعالجة تغير المناخ في القطاعات الرئيسة في اقتصادنا التي أشار إليها التقرير.

ريادة عالمية
من جهته، قال وزير الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية، غريغ كلارك: نحن عازمون مواصلة ريادتنا العالمية، ولهذا السبب وضعنا هدفًا مُلزمًا قانونيًا للتخلص نهائيًا مما تساهم به المملكة المتحدة في الاحتباس الحراري بحلول عام 2050. ويوضح التقرير الذي كلفنا اللجنة المعنية بتغير المناخ بوضعه أننا أرسينا الأسس لتحقيق اقتصادٍ صفرِ الانبعاثات الكربونية، وأن هذا الأمر ضروري وممكن.

وأشار إلى أنه يعمل ما يقرب من 400.000 شخص حاليًا في القطاع منخفض الكربون وسلاسل التوريد التابعة له في جميع أنحاء البلاد. ومن خلال استراتيجيتنا الصناعية الحديثة، نستثمر في النمو النظيف لضمان جني العوائد واستحداث مليوني وظيفة عالية الجودة بحلول عام 2030.

النمو النظيف
ونوه الوزير كلارك بأن المملكة المتحدة تعتبر أصلًا مركزًا للنمو النظيف والابتكار. حيث التكنولوجيا منخفضة الكربون والطاقةُ النظيفة تساهم في اقتصادنا بمبلغ 44.5 مليار جنيه إسترليني سنويًا. ونحن في صدد إنهاء بيع السيارات والمركبات التجارية الصغيرة الجديدة التي تستهلك الديزل والبنزين من خلال استراتيجيتنا “الطريق إلى الصفر” الرائدة عالميًا، وحماية التنوع البيولوجي، وتعزيز الاستدامة من خلال الخطة البيئية التي حدّدنا لها 25 عامًا.

تأييد&
وقد أيّد قطاع الأعمال والأكاديميون وعامة الناس في المجتمع مشورة التي قدمتها اللجنة المعنية بتغير المناخ. وفي معرض إشادتها بالإعلان، وقالت السيدة كارولاين فيربيرن، المديرة العامة لهيئة اتحاد الصناعة البريطاني: يقف قطاع الأعمال في المملكة المتحدة بشكل واضح وراء التزام الحكومة بخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050. وهذا التشريع هو الردّ الصحيح على أزمة المناخ العالمية، والشركات مستعدة للقيام بدورها في مكافحتها.

أضافت أن القيادة المناخية يمكنها تعزيز المكانة التنافسية للمملكة المتحدة، وتأمين الازدهار على المدى الطويل. ولا بدّ لهذا التشريع أن يكون متبوعًا بالتزامٍ بسياسات طويلة الأجل تدعم التخلص من انبعاثات الكربون في جميع قطاعات الاقتصاد.

وقالت فيربيرن: وسوف تحتاج بعض القطاعات إلى مسارات واضحة لتمكين الاستثمار في التكنولوجيا منخفضة الكربون، ومن هنا لا بدّ من وجود تنسيق بين مختلف الإدارات الحكومية بشأن السياسات والتنظيمات اللازمة لتحقيق مستقبل نظيف.

رصيد الكربون
وأكد أن بريطانيا سوف تحتفظ بالقدرة على استخدام "رصيد" الكربون الدولي. حيث إن استخدام الرصيد الدولي ضمن إطار عملٍ مناسب من الرصد والإبلاغ والتحقق هو الشيء الصحيح الذي يجب عمله لحماية الكوكب، وهو ما يتيح للمملكة المتحدة تحقيق الحدّ الأقصى من قيمة كل جنيهٍ يُنفقُ على تخفيف آثار تغير المناخ.

وفي الأخير، قالت المديرة العامة لهيئة اتحاد الصناعة البريطاني: وسنواصل العمل مع شركائنا الدوليين لمعالجة تغير المناخ، بما في ذلك من خلال عرضنا استضافة المؤتمر 26 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ.
&