نجامينا: كانت حليمة طاهر في سن 35 عاما عندما حولها حسين حبري أحد أعتى مستبدي افريقيا، الى أرملة. ومنذ اغتيال زوجها في 1986 بيد البوليس السياسي لنظام حبري، وهي تكافح للحصول على تعويضات.

خطف زوجها العسكري الذي كان يعمل في مطار نجامينا، من المنزل من عدة شرطيين وأودع السجن في العاصمة التشادية، دون اي توضيح للاسباب.

وبعد خمسة أيام من توقيفه وحين ذهبت حليمة الى السجن مع بعض الزاد، طلب منها المغادرة لان زوجها تم اقتياده لاعدامه.

وتضيف الارملة "بكيت كثيرا" مؤكدة أنها لم تعثر أبدا على رفات زوجها. وبحثت عنه كثيرا مستخدمة بطاقة هويته، في الكثير من مراكز الاحتجاز بلا جدوى.

وتضيف حليمة التي باتت اليوم في عمر 67 عاما ولديها خمسة أطفال، "بعد ثلاثين عاما من نهاية" نظام حبري، لازال ضحايا عهده "يتألمون".

وتجلس الارملة غارقة في الصمت وحولها عشرات من النساء على قطع آجر بيضاء. هن أيضا فقدن زوجا او أخا أو أباً في سجون نظام حبري الذي حكم عليه في 2017 بالسجن المؤبد بعد ادانته بجرائم ضد الانسانية.

لكن بعد ثلاثين عاما من نهاية هذا النظام الدموي، لازال جميع ضحاياه ينتظرون تعويضهم.

ورفعت النسوة يافطات كتب عليها "لا تستمروا في قتلنا" و"غياب التعويض (يساوي) استمرار التعذيب".

وكان حسين حبري الذي وصل الى الحكم بقوة السلاح في 1982، حكم تشاد حتى 1990. وشهد عهده قمعا رهيبا مع توقيف آلاف المعارضين (الحقيقيين والوهميين) من "ادارة التوثيق والامن" (البوليس السياسي)، وتعذيبهم واعدام الكثير منهم.

وقدرت لجنة تحقيق بأكثر من اربعين الفا عدد من قضوا في الاعتقال أو أعدموا.

وبعد الاطاحة به في 1990، لجأ حبري الى دكار حيث عاش حياة منفى هادئة لأكثر من عشرين عاما.

وفي آذار/مارس 2015 حكم القضاء التشادي بالسجن على 24 من عناصر البوليس السياسي.

كما حكم بدفع ما يساوي 114 مليون يورو لنحو سبعة آلاف ضحية تم احصاؤهم مع تكفل الدولة بنصف المبلغ.

وفي النهاية، حكم في 2017 عليه خلال محاكمة جرت في السنغال بالسجن المؤبد بعد ادانته بارتكاب جرائم ضد الانسانية. كما أمرت المحكمة بدفع أكثر من 125 مليون يورو تعويضات للضحايا.

-"أجبر على حفر مدافن"-

لكن الضحايا لم يتلقوا حتى الان شيئا.

ومنذ ثلاثة أشهر يتظاهر عشرات النساء والرجال من كل الاعمار أمام مقر "جمعية ضحايا جرائم نظام حسين حبري" في نجامينا للمطالبة بتمكينهم من التعويضات عن خسارة أقاربهم.

وبين الضحايا موبورومبي وايدو (35 عاما).

ويقول "والدي تم توقيفه بشكل تعسفي، وعذب ثم قتل من نظام الرئيس السابق (..) وقد أموت بدوري" قبل الحصول على تعويضات.

وفي ظل سقيفة تناثرت فيها حصر، تجمع عشرات الضحايا الاخرين.&

وبينهم ممثل جمعيتهم كليمن ابايفوتا الذي أمضى أربع سنوات في سجون نظام حبري وأجبر على حفر قبور "عشرات المعتقلين" معه.

ويقول "ان النظام لا يولي أية أهمية لهذا الملف (..) وتم الافراج عن بعض المدانين (من البوليس السياسي) دون انهاء عقوباتهم في حين يستمر موت الضحايا".

لكن ماسانغي تراهوغرا الذي يدير قسم حقوق الانسان في وزارة العدل التشادية، قال "نحن بصدد ارساء لجنة مكلفة تسوية هذا الوضع" مضيفا "يجب ان يتحلى الناس ببعض الصبر وكل شيء سيسير على ما يرام".

بيد ان ابايفوتا يؤكد تصميمه على تنظيم تجمعات حتى يحصل الضحايا على حقوقهم. وقال "يجب ان تكون تشاد دولة ديمقراطية ولهذا لا يمكنها التغاضي عن الافلات من العقاب".