مركبات عسكرية
Getty Images
لا تزال القوات المصرية تقاتل متشددين يشنون هجمات على قوات الأمن ومدنيين في شمال سيناء

وافقت وزارة العدل في مصر على طلب لنقابة المحامين بتأجيل نظر الدعاوى القضائية المتعلقة بشمال سيناء التي تنظر أمام محاكم مدينة الإسماعيلية المجاورة حفاظا على حياة المحامين والمتقاضين، بحسب ما قاله سامح عاشور نقيب المحامين.

يأتي ذلك بعد تقارير عن اختطاف محاميين اثنين وعدد من المواطنين في شمال سيناء قبل يومين.

وذكرت مصادر قانونية وشهود عيان أن مسلحين ملثمين اختطفوا عددا من المدنيين في واقعتين منفصلتين الأربعاء، من بينهما المحاميان محمود سعيد لطفي وكمال عوض وعمال في أحد المصانع وآخرين.

وأضاف عاشور في بيان أنه تواصل مع وزارتي الداخلية والعدل لمتابعة واقعة الاختطاف وسبل الإفراج عن المخطوفين في أقرب وقت ممكن.

ولم تعلق الجهات الأمنية المصرية على أنباء الخطف.

وكانت نقابة المحامين الفرعية بشمال سيناء قررت الخميس تعليق العمل ليوم واحد السبت إثر إختطاف المحاميين مع مدنيين آخرين في واقعتين منفصلتين الأربعاء الماضي على الطريق الدولي بين العريش وبئر العبد بشمال سيناء من قبل مسلحين ملثمين مجهولين.

وفي اتصال هاتفي مع بي بي سي، قال ممدوح العيادي نقيب محامي شمال سيناء إن واقعة الخطف تمت غربي مدينة العريش في الثامنة مساء الأربعاء في منطقة واقعة بين حواجز أمنية.

وأضاف أن شهود الحادث أبلغوه أن "العناصر المسلحة نصبوا كمينا في عرض الطريق واستوقفوا المسافرين في الاتجاهين وفتشوهم وطلبوا بطاقات الهوية وكشفوا عليها وتواصلوا مع شيخ لهم واقتادوا المحامين وخمسة مدنيين أخرين معهم إلى وجهة غير معلومة."

وأردف أن شهود العيان أبلغوه بأن الخاطفين تحدثوا بلهجات، ولغات مختلفة بعضها غير عربي.

وأضاف نقيب محامي شمال سيناء أنه لا يدري سببا لإستهداف المحاميين الاثنين، لكنه أشار إلى أن في حوادث سابقة "تم تحذير محامين من قبل عناصر تكفيرية أمرتهم "بالإستتابة" وترك المهنة..

وأشار إلى أن "المحاميين المختطفين أحدهما في ظروف صحية صعبة ويعمل في الشق الإداري في مهنة المحاماة والآخر عائد في زيارة من السعودية التي يعمل بها منذ أربع سنوات وتم إنزاله من السيارة حيث كان بصحبة عائلته".

وشدد نقيب المحامين في بيان على أن "تلك العمليات لن تثني الشعب المصري، وفي القلب منه المحامونن، عن دعم الدولة المصرية في حربها ضد الإرهاب حتى يجتث من جذوره، وتطهر سيناء منه".

وطالبت نقابة المحامين الفرعية في شمال سيناء السلطات بإعادة النظر في إمكانية إعادة العمل بمحاكم العريش وشمال سيناء عموما من داخل المحافظة.

وناشدت النقابة الفرعية في بيانها جموع محامين مصر بوقف العمل في اليوم ذاته بالمحاكم بكل درجاتها تضامنا مع زملائهم المختطفين.

وتنظر محاكم الإسماعيلية الدعاوى القضائية لمواطني شمال سيناء منذ أربع سنوات إثر تعرض ثلاثة قضاة للقتل من قبل مسلحي ما يعرف بتنظيم ولاية سيناء، الفرع المصري لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية.

ويسافر المتقاضون والمحامون نحو 200 كيلومتر من العريش إلى الإسماعيلية لمتابعة قضاياهم.

وهذه ليست المرة الأولى التي يختطف فيها مدنيون في شمال سيناء من قبل مسلحين، غير أن وتيرة عمليات الاختطاف كانت قد تراجعت بشكل ملحوظ منذ بدء القوات المسلحة والشرطة عملية أمنية في سيناء في فبراير/شباط العام الماضي لمحاصرة أنشطة العناصر المسلحة.

وتفرض السلطات المصرية حظرا للتجوال في مناطق العريش والشيخ زويد ورفح منذ نحو أربع سنوات ويمتد حاليا بين الواحدة صباحا والخامسة صباحا، لكن العيادي قال إن الطريق الدولي خارج مدينة العريش غربا غير خاضع لتلك الترتيبات ومفتوح طيلة الوقت.

"حرب نفسية ودموية"

وكانت هجوم صباح عيد الفطر الماضي على كمين أمني أودى بحياة ثمانية من أفراد الشرطة بينهم ضابط في أحدث العمليات النوعية التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء.

وقال جازي سعد عضو مجلس النواب عن منطقة وسط سيناء إن "المسلحين يمارسون حربا دموية وحربا نفسية ضد الجيش والأهالي".

وأضاف أن "الحرب الدموية تتمثل في الهجمات على الأكمنة والإرتكازات والمواجهة بشكل مباشرة بهدف إيقاع خسائر بشرية من الجيش والشرطة".

"أما الحرب النفسية تتمثل في خطف من الاهالي لكي يمارس ضغط نفسي عليهم بالترهيب والتخريب كي يقع الجيش والشرطة بدورهما تحت ضغط من الأهالي بطريقة غير مباشرة من الشعب"، على حد تعبيره.

وقال إن عمليات الاستهداف "تتم خارج العريش حاليا لأن الأمن بسط السيطرة على المدينة وهناك من يعودون إلى المدينة حاليا بعد أن تركوها لبعض الوقت".

وتوقع العيادي الإفراج عن المختطفين وقال إنه التقى مختطف سابق أبلغه أن خاطفيه كانوا يحتجزونه تحت الأرض ويأمرونه بالصلاه كل وقت ويجرون معه تحقيقات مستمرة مقيدا ومعصوب العينين من قبل مفتيهم خاصة إذا كان يعاون الجيش أو الشرطة.

ويقول سمير راغب رئيس المؤسسة العربية للدراسات الإستراتيجية إن حوادث الخطف الأخيرة هدفها إعلامي بالأساس من قبل "العناصر الإرهابية" لأن عمليات الخطف تحدث صدى إعلاميا أقوى مقارنة بالهجمات المباشرة على الأكمنة والإتكازات.

وأضاف أنه "في العادة تنتهى التغطية الإعلامية للحوادث المتعلقة بهجمات على قوات بنتائج الهجوم أو الملاحقة أو التعقب، أما عمليات الخطف فتظل في بؤرة الاهتمام الإعلامي لإن الإخفاق في تحرير الضحايا سيحسب للجماعة الإرهابية المنفذة، وهذا واحد من أهداف عملية الخطف لدى الخاطفين."

وأردف " لا يوجد نظام أمني بشري في العالم كامل مئة في المئة وتظل نقطة الضعف هي طول الطريق الساحلي بين رفح وبئر العبد وهي مسافة طويلة ويوجد فواصل بين الارتكازات الامنية يمكن استغلالها كثغرات من قبل العناصر المسلحة في تنفيذ عمليات اختطاف والهروب الى الظهير الصحراوي وتصعيب المهمة على القوات."

وقال راغب إن التصدي للهجمات على الأكمنة أيسر من حوادث الاختطاف، مرجعا ذلك إلى أن حوادث الإختطاف ربما لا يعلم عنها الا بعد ساعات من وقوعها، ويتردد البعض في الابلاغ خشية الإنتقام من العناصر المسلحة.

وأضاف "لذا فهي عملية صعبة في جمع المعلومات وتنفيذ عملية التحرير التي تحتاج قوات خاصة وتصرفات خاصة لتفادي أي نتائج على المختطفين. اما في التصدي لعدو ظاهر ويمكن تعقبة ووتبعه ومواجهته فهذا أمر أسهل."

وعن وجود مقاتلين أجانب أو خاطفين أجانب في سيناء، قال راغب "أحيانا يكون وجوهم مقصودا لصعوبة التعرف عليهم من قبل أهل المنطقة وهذا يعني تصعيب عملية جمع المعلومات."

وخلال الأعوام القليلة الماضية ومنذ اشتدت المواجهات بين العناصر المسلحة وقوات الأمن في سيناء في 2012 ، أعلن تنظيم "ولاية سيناء" مسؤوليته عن قتل مدنيين بعضهم ذبحا أو رميا بالرصاص أو حرقا، بداعي التعاون مع قوات الأمن أو مع إسرائيل، وكان من بين الضحايا شيوخ قبائل ومسيحيون وآخرون من أعمار مختلفة.

لكن هذه العمليات تراجعت بشكل ملحوظ في العامين الآخيرين تزامنا مع تراجع في عدد الهجمات المسلحة مقارنة بالعامين 2014 و 2015 بحسب مراقبين.