كوتوبالونغ: قد يصبح النصف مليون طفل في مخيمات اللاجئين الروهينغا، المحرومون من الانتساب إلى النظام المدرسي التقليدي، "جيلا ضائعا"، في حين يُقلق تفشي شبكة من المدارس الدينية المراقبين.

في 2017، فرّ حوالى 740 الفاً من الروهينغا إلى بنغلادش هربا من تطهير عرقي في بورما المجاورة، فارتفع الى حوالى مليون عدد أفراد هذه الأقلية المسلمة المضطهدة اللاجئة في هذا البلد الواقع في جنوب آسيا ويعد واحدا من أفقر بلدان العالم.

وتعتبر بنغلادش الروهينغا ضيوفا موقتين وتعارض إدماجهم أو تأصيلهم في مجتمعها. لذلك تحظر دكا على أطفال الروهينغا الدراسة في مدارسها.

ومع توافر لغة وثقافة مماثلتين لتلك الموجودة لدى سكان جنوب شرق بنغلادش، حيث تنتشر مخيمات اللاجئين، تمكن عدد كبير من أطفال الروهينغا من الانتساب إلى المدارس المحلية.

لكن حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، أمرت في وقت سابق من هذه السنة، جميع المدارس بطرد أطفال الروهينغا، فوجدوا أنفسهم فجأة محرومين من فرصة التعلم.

وتُعدّ لاكي أختر (15 عاما) واحدة من الذين طَردوا من مدرسة قرية هنيلا، التي جاء ثلث تلامذتها تقريبا من مخيمات اللاجئين الضخمة والبائسة. ولم يعد لديها ما تفعله سوى مساعدة والدتها في الأعمال المنزلية.

ووسط الدموع المنهمرة لدى تذكر أيامها الجميلة في مزرعة العائلة، قالت لوكالة فرانس برس "أردت أن أصبح طبيبة، لكنني أعتقد أن هذا الأمر لن يتحقق".

وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش سياسة بنغلادش بأنها "مجانبة للصواب ومأساوية وغير قانونية".

أنشأت منظمات غير حكومية ووكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، 1800 مركز تعليمي مرتجل يتلقى فيها حوالى 180،000 طفل دروساً قريبة من التعليم المدرسي، وتُقتصر على المرحلة الابتدائية.

- اطفال مصدومون -
ولسدّ الثغرات، فتحت منظمات من الروهينغا متحالفة مع منظمات اسلامية من بنغلادش، اكثر من 1000 مدرسة دينية لتعليم القرآن. وتقدم هذه المدارس مجموعة كاملة من الدروس، بدءاً من قراءة القرآن إلى دراسة أصول الدين والفقه.

يتلقى حارس (13 عاما) الذي حرم من متابعة تعليمه في إحدى مدارس مدينة تكناف، دروساً في مدرسة دينية في مخيم ليدا للاجئين. وقال والده محمد خلقي: "من الأفضل له أن يشغل نفسه بالدرس، وإلا فإنه سوف يتسكع في المخيم وتسوء أخلاقه".

وقال المسؤول عن مدرسة محلية استوعبت 15 تلميذا من الروهينغا "نحن لا نفرق بين الناس حسب جنسيتهم ما داموا يريدون أن يتعلموا ويسلكوا سبيل الله".

ولم يتوافر للمجموعة الدولية للأزمات، كما ذكرت في تقرير حديث، أي دليل على أن هذه المدارس القرآنية تشجع على العنف أو التعصب، أو أن متطرفين يستغلونها لغرس الفكر المتطرف وتجنيد أتباع.

إلا أن مجموعة الأزمات الدولية حذرت "من أن اتباع سياسة تمنع الشباب من التعليم الرسمي وتتركهم يعتمدون على المدارس الدينية غير القانونية، يزيد من خطر ترسيخ الجماعات (المتطرفة) جذورها في المخيمات".

ودعا الخبير في شؤون التطرف في جامعة أوسلو بالنرويج، مبشر حسن، السلطات إلى مراقبة أنشطة هذه المدارس الدينية عن كثب.

وصرح لوكالة فرانس برس بأن أطفال الروهينغا "يعانون من صدمة نفسية، ولذلك فهم ضعفاء ومعزولون وتملأهم مشاعر الغضب. وفي الوقت نفسه ثقافتهم متدينة للغاية".

ويرفض الروهينغي مجيب الله، الذي تعلم في مدرسة دينية في بنغلاديش قبل الانتقال إلى النظام التعليمي المدني، المخاوف من التطرف، لكنه يعتبر أن هذه المؤسسات الدينية لا يمكن أن تكون حلا لتعليم شبان الروهينغا.

وقال هذا الرجل الذي بات يؤم المصلين في مسجد بأستراليا إن "هذه المدارس تستطيع أن تساعد فقط في إعداد بعض معلمي الدين وأئمة المساجد".

واضاف "نحتاج إلى أن يلتحق أطفالنا بالنظام المدرسي الاعتيادي الذي سيساعدهم على الاستعداد لمواجهة تحديات العولمة، وإلا فسيضيع هذا الجيل إلى الأبد".