لم يشذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن القاعدة التي يتبعها منذ تسلمه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، بعد تراجعه عن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران قبل دقائق من انطلاقها.

إيلاف من نيويورك: أثبتت الأحداث أن ترمب دائمًا ما يُغرّد خارج السرب، ويتخذ خطوات تخالف بشكل كبير آراء مستشاريه والفريق المحيط به، وبات ذلك جليًا في أكثر من ملف تبنى خلاله الرئيس الأميركي سياسة مغايرة لسياسة من حوله.

مخالفة الحمائم
في الملف الإيراني على وجه التحديد، خالف ترمب في السابق حمائم الإدارة كوزير الدفاع جيمس ماتيس، وقبله وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي، هيربرت ماكماستر.&

الرجال الثلاثة كانوا أقرب إلى نهج باراك أوباما، لكن الرئيس الحالي تخلص منهم، واحدًا تلو الآخر، وانسحب من الاتفاق النووي، بعكس ما أرادوه، وضاعف العقوبات على طهران.

... والصقور أيضًا
ترمب نفسه عاد ليل الخميس - الجمعة ليُعارض أركان إدارته الصقور هذه المرة. فمجلس الأمن القومي، ممثلًا بشخص جون بولتون، ومعه وزير الخارجية، مايك بومبيو، ونائب الرئيس مايك بينس، وجينا هاسبل، أبدوا دعمهم الكامل لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، ردًا على إسقاط طائرة أميركية بدون طيار، غير أن ترمب فعلها مجددًا، وسار بعكس ما يريد المحيطون به، موقفًا العملية قبل عشر دقائق من موعد التنفيذ، بحجة الأرواح التي كانت ستُزهق بسببها.

حيرة ترمب
بلا أدنى شك فإن الرئيس الأميركي وقع في حيرة من أمره. ففريق الإدارة بشكل كامل، وجهاز الاستخبارات المركزية، والوزارات الأساسية كانوا مؤيدين لتوجيه ضربة انتقامية إلى إيران.&

على المقلب الآخر كان سيد البيت الأبيض يتواصل مع أصدقائه في الخارج، الذين أرادوا ثنيه عن توجيه ضربة عسكرية بشكل غير مباشر، عبر تذكيره بإخراج القوات الأميركية من الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط.

تبرير غير مقنع
كما إن تبرير العدول عن تنفيذ الضربة فتح بابًا آخر من الانتقادات على الرئيس الأميركي، فوسائل إعلام المعارضة أرادت اصطياده عبر هذا الأمر.&

فترمب قال إنه سأل جنرالاته خلال العد التنازلي عن الخسائر التي ستخلفها هذه الضربة. وعندما أُبلغ بإمكانية مقتل مئة وخمسين شخصًا تراجع عن الفكرة، لكن معارضيه، الذين هم في الأصل ضد فكرة ضرب إيران، صوّبوا عليه من خلال القول إن "المسؤولين العسكريين يقدرون الخسائر عادةً عند تقديم الخيارات إلى الرئيس".&

ونقلت "سي إن إن" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن "ترمب علم بما سيحصل قبل فترة طويلة من طلبه من الجنرالات معرفة الخسائر قبل وقت قصير من التنفيذ، إلى الجنرالات، الأمر الذي طرح تساؤلات كبيرة حول إمكانية استخدام ترمب هذا الموضوع في اللحظات الأخيرة للتملص من مهاجمة إيران، أو أن الرئيس لم يستوعب ما سيحدث عندما تم إبلاغه بالخطط في وقت مبكر من يوم الخميس".