الخرطوم: يواجه الرئيس السوداني المعزول عمر البشير المحتجز حاليا في سجن كوبر في الخرطوم سلسلة اتهامات متنوعة، بعد الإطاحة به إثر تظاهرات معارضة هزّت البلاد.

تتراوح الإتهامات بحقه من الفساد إلى قتل المتظاهرين، وقد مثل في 16 يونيو أمام النيابة السودانية. لكنّ أخطر الإتهامات الموجهة إليه صدرت من المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي.

تتضمن هذه الإتهامات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي لدوره المزعوم في الحرب في إقليم دارفور. ويبقى السؤال إذا كان البشير سيمثل يوما ما أمام المحكمة الجنائية الدولية بخصوص هذه الجرائم التي تم ارتكابها اثناء حكمه الّذي امتد لنحو 30 عاما.

ما هي الاتهامات الموجّهة إليه؟
أطاح الجيش البشير في 11 ابريل بعد احتجاجات اندلعت في 19 ديسمبر إحتجاجا على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.

وذكر مدعون ووسائل إعلام أنّ البشير يواجه اتهامات بالفساد والحيازة غير القانونية للنقد الأجنبي وتمويل الارهاب وتكوين ثروة بشكل غير قانوني وفرض حالة الطوارئ بشكل غير قانوني.

أعلن قادة الجيش الذين استولوا على الحكم بعد إطاحة البشير أنّه تم العثور على ما يعادل أكثر من 113 مليون دولار من ثلاث عملات من مقر إقامته.

وقال المحامي السوداني البارز نبيل أديب إنّه في حال إدانة البشير بالفساد فقد يواجه "حكما بالسجن يصل إلى عشر سنوات".

وفي مايو، واجه الرئيس السابق اتهامات "بالتحريض والمشاركة في قتل المتظاهرين" خلال التظاهرات التي انتهت بإطاحته. وأعلن النائب العام السوداني أنّه تم التحقيق مع البشير في اتهامات بتبييض الاموال وتمويل الإرهاب. لكنّه لم يحل على المحاكمة بخصوص هذه الاتهامات، كما ليست هناك معلومات بخصوص تطور سير هذه القضايا. ولم يجب محامي البشير عن اتصالات وكالة فرانس برس للتعليق على الاتهامات.

ما الذي حدث في دارفور؟&
قال أديب إنّ التهم التي وجّهها المدعون السودانيون باهتة مقارنة بتلك التي توجهها المحكمة الجنائية الدولية إليه.

وأفاد أنّ "التحقيقات (السودانية) كان يجب أن توجه أولًا إلى التهم الأكثر خطورة"، مشيرا إلى اتهامات المحكمة الجنائية الدولية.
واصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف عدة بحق البشير.

ومنذ 2003 يشهد الإقليم الشاسع الواقع في غرب السودان الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا نزاعاً مسلّحاً بين قوات الخرطوم من جهة ومتمرّدين من أقليّات إثنية يتّهمون نظام البشير بتهميشهم.

وتقول الأمم المتحدة إنّ &الحرب الدائرة في الإقليم خلّفت أكثر من 300 ألف قتيل و2,5 مليون مشرّد يعيشون في معسكرات فقيرة ومزرية. وقالت المحكمة الجنائية إنّ البشير "لعب دورا رئيسا في تنسيق" تخطيط وتنفيذ حملة قمع التمرد الوحشية في الإقليم.

تواجه القوات التي شكّلها البشير لقمع التمرد في دارفور سلسلة واسعة من الاتهامات من بينهم اغتصاب آلاف النساء وسلب ونهب البلدات والقرى والتعذيب والترحيل القسري للسلطات، حسب لوائح اتهامات المحكمة الجنائية الدولية. وتطالب المحكمة الجنائية منذ سنين بمثول البشير أمامها، وقد جدّدت دعوتها بعد إطاحته.

هل تعرقل السياسة القضاء؟
من جانبهم، رفض قادة المجلس العسكري الحاكم حاليا في السودان تسليم البشير الى المحكمة الجنائية الدولية. وتتهم منظمات حقوقية دولية نائب المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو المشهور بحمديتي بارتكاب فظائع في دارفور.

وقاد حمديتي قوات الدعم السريع التي ادمج فيها ميليشيات الجنجويد التي شكلتها السلطات السودانية لمحاربة متمردي دارفور. وقال الباحث في منظمة العفو الدولية في السودان احمد الزبير إنّ "منظمات حقوقية عدة، من بينها منظمة العفو الدولية، وثّقت كل جرائم الحرب" التي ارتكبها عناصر ميليشيات الجنجويد منذ العام 2003.

يمثل خضوع البشير للمحاكمة بسبب هذه الاتهامات أمرا رمزيا لضحايا النزاع في دارفور. وقال الزبير "هؤلاء الناس فقدوا أقاربهم... ابناءهم وبناتهم وامهاتهم واباءهم خلال الحرب". وتابع "يوّدون أيضا رؤية تحقيق بعض العدالة، وبعد ذلك يمكن ان تتجه السودان نحو المصالحة".

يقول خبراء إنّ احتمالية وصول حكومة مدنية الى الحكم في السودان يفتح باب أمل لمحاكمة البشير بسبب هذه الاتهامات. وقال المحامي أديب إنّ السلطات يمكنها حينها طلب موافقة المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة البشير في المحاكم السودانية. وتابع أنّ خيارا آخر قد يكون تشكيل هيئة محاكمة مختلطة من قضاة سودانيين ودوليين.
&