طفلان سودانيان يحملان لافتة ثورية
Getty Images

علقت صحف عربية على المظاهرات الحاشدة التي خرجت أمس الأحد في السودان ودعت إليها قوى الحرية والتغيير ولقي فيها سبعة أشخاص مصرعهم وأصيب أكثر من 180 آخرين، وهي أكبر مظاهرات منذ فض اعتصام المتظاهرين من أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم منذ ما يقرب من شهر.

ويرى كُتّاب أن ثقة السودانيين في المجلس العسكري الانتقالي قد اهتزت كثيراً وأن الحشود التي خرجت إلى الشوارع والميادين كانت رسالتها قصيرة وواضحة، وهي الإسراع بتسليم السلطة للمدنيين.

"رسالة مقتضبة"

يؤكد الشفيع خضر سعيد في "القدس العربي" اللندنية أن "قوى وقيادات الثورة السودانية، وكذلك غالبية الناس العاديين في السودان، اهتزت ثقتهم كثيراً بالمجلس العسكري الانتقالي الحاكم، إن لم تكن قد انهارت تماما".

ويقول إن هذا يعني أن الشراكة المقترحة من مبادرات ووساطات مختلفة - آخرها الأفريقية الإثيوبية - بين المجلس العسكري وقوى الثورة لإدارة الفترة الانتقالية "ستكون غير مثمرة ومليئة بالاحتكاكات، مما يهدد نجاح الفترة الانتقالية، ويفتح الباب لكثير من الاحتمالات المرعبة".

ويرى الكاتب أن انعدام الثقة "كان موجوداً منذ البداية، باعتبار أن المجلس العسكري الانتقالي وُلد من رحم اللجنة الأمنية للنظام البائد، ويعتبره البعض امتداداً لتلك اللجنة، وأنه ظل يعمل بالتنسيق مع رموز ومؤسسات النظام البائد، خاصة المؤسسات الأمنية، وكأنه يطرح نفسه غطاء سياسيا جديدا لدولة نظام الإنقاذ العميقة، التي لم تمس أبدا، وفقط أزيل غطاؤها السياسي متمثلا في البشير والحزب الحاكم".

ويشير السر جميل في جريدة "الراكوبة" السودانية إلى أن الجماهير التي خرجت في الشوارع وفي عواصم كثيرة حول العالم أمس وجهت "رسالة مقتضبة" لقادة المجلس العسكري أن يسلموا السلطة حالاً.

ويقول: "والآن مجددا، أمام المجلس والجنجويد على حد السواء، فرصة 48 ساعة لا غير لتسليم السلطة للمدنيين فورا دون أي تأخير وفتح الإنترنت بلا شروط كحق أساسي للشعب، وإلا سيكون السقف عاليا بعد طوفان 30 يونيو/حزيران، لا مكان ولا أمان للعسكر في حكومة من بعد حتى في حقيبة وزارة الدفاع، ولا عذر لمن أنذر".

"الوحدة المتينة"

متظاهرون سودانيون
Getty Images

ويقول صلاح شعيب في موقع "سودانيل": "إن الطاقة الكامنة في شعبنا لم تتفجر كلها حتى الآن، والدليل على ذلك أن روح التحدي الجديد الذي لمسناه في هذه المسيرات فاقت الروح الثورية التي سبقت فض الاعتصام".

ويضيف: "هذه المسيرات من خلال مكونها الجغرافي خصوصا تمثل إجماعا على أن انتصار قوى الحرية والتغيير، وتشكيلها منفردة للحكومة المدنية، يمثل الأمل لحل قضايا الحرب، وضبط العلاقة بين المركز والمديريات، والمشاركة العادلة في الثروة والسلطة، وخلق دولة المواطنة التي لا تفرض مذهبا دينيا أو أيديولوجيا أو ثقافيا على السودانيين المتعددي المشارب والخلفيات والمعارف".

ويرى أن "اعتماد المجلس العسكري على القوة العسكرية والأمنية الضاربة، والإعلام التضليلي... لن يخلق استقرارا لحكومة أو دولة، ولن يصنع كاريزما لقيادة ما. وتاريخ الثلاثين عاما دل على هذا، فالبشير بكل ما وجد من إمكانات الدولة، وخصوصا الإعلامية التضليلية فهو الآن يشيح بوجهه عن الكاميرات في دخوله وخروجه من السجن".

ويحذر الكاتب من أن "الوحدة المتينة عنصر أساسي لنجاح قوى الثورة، ومن يساندونها؛ فأي محاولة غير محسوبة بحكمة لاتخاذ مواقف فردية لهذه القوى دون مشورة الآخرين يسهم في دعم الأطراف المعادية. وقد اتضح في السابق أن جانبا من استمرار النظام طوال هذه السنين هو استثماره للخلافات السياسية للمعارضة".

ويقول محمد أبو الفضل في صحيفة "العرب" اللندنية إنه "بصرف النظر عن حجم المليونية التي خرجت أمس الأحد ومن شاركوا ومن رفضوا ومن تحفظوا عليها، وبعيدا عما حدث فيها من ملابسات أمنية، ففيها من العبر والدروس السياسية ما يستحق الوقوف عنده، وأهمها صعوبة أن تأتي الطرق الملتوية بنتائج جيدة، والتيار الإسلامي ليس أمينا في السودان أو غيره، ومن الضروري منع عودته مرة أخرى للحكم، بأي رداء سياسي صريح أو ضمني، باعتباره يتحمل مسؤولية النفق الذي دخلته البلاد، وأعاق تجربة كان من الممكن أن تنضج وتنمو وتتحول إلى نموذج في المنطقة".