دبي: تظهر العرقلة الأميركية لإصدار بيان عن مجلس الأمن الدولي يدين الضربة الدامية ضد مركز لاحتجاز المهاجرين في ليبيا، دعما أميركيا للمشير خليفة حفتر وقواته التي اتّهمت بالوقوف خلف الضربة، حسب ما يرى محللون.

ويأتي هذا الدعم على حساب حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، التي تتعرض مناطق سيطرتها لحملة عسكرية من قبل قوات حفتر، رغم أنّ الامم المتحدة تعتبرها السلطة الشرعية الوحيدة في هذا البلد.

وقال جيمس دورسي الباحث في معهد راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن الدعم الأميركي لحفتر "ليس أمرا مفاجئا. إنه مؤشر إلى تغيير في السياسة الأميركية حيال ليبيا".

والأربعاء، عرقلت الولايات المتحدة إصدار بيان عن مجلس الأمن الدولي يدين الضربة الجوية، بحسب مصادر دبلوماسية.

وقالت المصادر إنّه خلال جلسة طارئة مغلقة عقدها المجلس حول هذا القصف استغرقت ساعتين، قدّمت بريطانيا مشروع بيان يدين الضربة الجوية التي اتُّهم حفتر بشنّها، ويدعو إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا والعودة إلى طاولة الحوار.

وقتل 44 شخصاً على الأقلّ وأصيب أكثر من 130 آخرين بجروح بالغة في الضربة التي أصابت ليل الثلاثاء-الأربعاء مركز الاحتجاز في تاجوراء، الضاحية الشرقية لطرابلس، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة.

تواصل مع حفتر

وبحسب مصدر دبلوماسي أوروبي، قال أميركيون خلال الجلسة إنهم طلبوا ضوءاً أخضر من واشنطن، التي أدانت الهجوم "المشين" لدى وقوعه، للموافقة على نص البيان البريطاني، لكن المحادثات انتهت من دون الحصول على موافقة الولايات المتحدة.

من جهته، قال كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس ان "موقف الولايات المتحدة يتماشى تماما مع سياستها في الاعوام الاخيرة حيث أغمضت عينيها عن تجاوزات ارتكبها حلفاؤها في مجال حقوق الانسان".

وأضاف أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحليفاتها في الخليج "احتضنت أساليب حفتر المتشدّدة وبرنامج عمله الاستبدادي".

وتتنازع على الحكم منذ 2015 حكومة الوفاق الوطني في الغرب ومقرها طرابلس، وسلطات الشرق الذي يسيطر عليه عسكريا "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر وحيث مقر برلمان منتخب العام 2014 في مدينة طبرق.

وبدأ حفتر في الرابع من أبريل هجوما للسيطرة على طرابلس. ومواقف القوى الكبرى منقسمة حيال هذه الحملة التي يشنّها، وسط رفض أميركي وروسي لنداءات وقف إطلاق النار.

وهي ليست المرة الأولى التي يفشل فيها مجلس الأمن في اعتماد قرار حيال ليبيا منذ انطلاق حملة حفتر، حيث أن مشروع قرار بريطاني آخر لوقف إطلاق النار لم يحقق مبتغاه.

وقال دورسي إنّ الولايات المتحدة "لم تسحب (...) اعترافها بحكومة الوفاق الوطني، لكنها تواصلت مع حفتر على أعلى المستويات بحكم الأمر الواقع".

ضغوط مكثّفة

وبعد اسبوعين من انطلاق الحملة العسكرية في أبريل، بحث ترمب مع حفتر جهود "مكافحة الارهاب" و"رؤية مشتركة" لليبيا، كما أعلن البيت الابيض حينذاك.

وأفاد أنّ ترمب "أقرّ" خلال المكالمة الهاتفية "بدور المشير حفتر المهم في مكافحة الإرهاب وضمان أمن موارد ليبيا النفطية".

يقول دورسي إن الولايات المتحدة تتعامل مع حفتر على أنّه "يتصدى للاسلاميين"، وأنّه يتلقى دعما من حليفتيها الرئيسيتين في المنطقة، السعودية والإمارات العربية المتحدة.

كما يتمتع حفتر بتأييد معلن وغير معلن من مصر وفرنسا وروسيا، بينما تلقى حكومة الوفاق الوطني دعما من تركيا وقطر.

ويقدّم المشير حفتر (75 عاما) نفسه على أنّه "منقذ" ليبيا، بينما يتّهمه خصومه بأنّه يسعى لاقامة نظام ديكتاتوري.

بدوره، قال اندرياس كريغ الباحث في "كينغز كولدج" في لندن، إن "حملة الضغوط المكثّفة من قبل حفتر والإمارات خلال الشهرين الماضيين أثمرت عن اقناع البيت الأبيض بأن القوات التي يقودها حفتر قد تصبح شريكا يمكن التعامل معه، رغم الاتهامات بالتسبب بجرائم حرب".

وأضاف أن "فكرة أنّ حفتر قادر على تحقيق انتصار حاسم في ليبيا لاقت صدى مرحّبا في أوساط مستشار الأمن القومي جون بولتون".