الجزائر: اقترح الرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح مساء الأربعاء تشكيل هيئة حوار من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية، ووعد بأن الدولة بما فيها الجيش ستلتزم الحياد التام خلال العملية. في ما يأتي بعض العناصر لفهم هذا العرض الجديد.

- ما هي آليات الحوار؟
لم يعط الرئيس الانتقالي في خطابه للأمة تفاصيل عن روزنامة "الحوار". وكل ما نعرفه أنه "ستتمّ قيادته وتسييره بحرية وشفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلّة ذات مصداقية وبلا انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي".&

وهذا الالتزام هو استجابة لأحد المطالب الرئيسية للحركة الاحتجاجية، التي طالبت بتشكيل مؤسسات مستقلة عن رموز "النظام" الحاكم &منذ عقود لإدارة المرحلة الانتقالية.

وسبق لبن صالح (77 عاما) ان قدم عرضا للحوار في 6 حزيران/يونيو من أجل الوصول إلى توافق على تنظيم انتخابات رئاسية لكن الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة رفضت العرض الأول.

والتزم بن صالح هذه المرة بأن "الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفا في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار"، بحيث تكتفي فقط "بوضع الوسائل المادية واللوجستية تحت تصرف الفريق" الذي يقوم به.

وفي رأي أحمد صادوق رئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في المعارضة، أن ما قدمه بن صالح "خطاب جميل"، لكن حزبه يفضل "الانتظار" حتى يرى كيف سيتم تطبيق "المقترح" على الأرض.

- لماذا الآن؟
يأتي الاقتراح عشية احتفال الجزائر بالذكرى الـ57 لنهاية الاحتلال الفرنسي المتزامنة مع يوم الجمعة العشرين للاحتجاجات الأسبوعية ضد النظام. وكذلك يأتي العرض قبل أن &تنتهي الفترة الانتقالية في 9 تموز/يوليو والتي حدّد الدستور مدتها بـ 90 يومًا.

وألغى المجلس الدستوري، أعلى هيئة قضائية، الانتخابات المقررة في الرابع من تموز/يوليو "لاستحالة" تنظيمها بسبب عدم وجود مرشحين لخلافة بوتفليقة المستقيل في 2 نيسان/أبريل. وهي حالة "لم ينص عليها الدستور" كما أوضح لوكالة فرنس برس خبير قانوني فضل عدم كشف هويته.

لذلك فإن السلطة تبحث عن مخرج للأزمة، وطالبت المتظاهرين بالابتعاد من "المطالب غير الواقعية التي من شأنها إطالة أمد الوضع الحالي".

- من سيحكم بعد 9 تموز/يوليو؟
سبق لبن صالح ان أعلن أن "الوضع الاستثنائي" يفرض عليه "مواصلة تحمل مسؤولية رئاسة الدولة حتى انتخاب رئيس جديد".

لذلك سيبقى في الحكم بعد التاسع من تموز/يوليو "لكن خارج أي إطار" دستوري كما أشارت المؤرخة كريمة ديرش الباحثة في مركز البحث العلمي بفرنسا.

وبالنسبة للمحتجين والعديد من المراقبين، فإن الرئيس الانتقالي ليس هو الحاكم الفعلي، بل الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الذي أصبح في واجهة اللعبة السياسية بعدما لعب دورا مفصليا في إزاحة بوتفليقة ودفعه للاستقالة.

- ما هي الشروط المسبقة للحوار؟
بالنسبة لنور الدين بكسي أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائر، فإن "الشكوك ستبقى" حتى "تجسيد" مقترحات بن صالح. فرغم "خطاب إيجابي وخارطة طريق معقولة" إلا ان بكسي عاب عليه "غياب آليات ووسائل" إطلاق هذا الحوار.

أما عبد الوهاب فرساوي رئيس جمعية "تجمّع -عمل-شباب" فيفضل الانتظار ليرى "الشخصيات التي سيتم اختيارها" بما أن الحركة الاحتجاجية ترفض كل من له علاقة "بالنظام".

فهناك أزمة ثقة بين المحتجين والسلطة الحاكمة، كما يوضح الباحث الاجتماعي ناصر جابي، فالشعب لم يتراجع وهو ينتظر ليعرف "الأسماء".

واعتبر جابي الذي كان احد الداعين لتظاهرات كبرى يوم الجمعة أن بين إجراءت التهدئة وحسن النية، وقف اعتقال المتظاهرين وفتح التلفزيون الحكومي لمشاركة المحتجين في النقاش.

- هل يمكن لعرض الرئاسة ان يغير المعطيات؟
اعتبرت كريمة ديرش أن السلطة لا يمكنها ان "تصمد طويلا" في هذا الوضع الحالي. وبحسبها فإن السلطة اعتقدت ان فترة انتقالية من ثلاثة أشهر كافية " لإقناع الحركة الاحتجاجية بالحل الانتخابي في أقرب الآجال".

وإذا استمر المأزق فان الجزائر يمكن ان تدخل "مرحلة أكثر توترا" كما حذرت الباحثة.

وأضافت أنه في حال رفض اقتراح بن صالح، لا يزال بإمكان رئيس الأركان الفريق قايد صالح قبول "إنشاء هيئة مستقلة تتولى الرئاسة الموقتة"، معتبرة ان "هذا سيناريو معقول، اذ سبق ان تنازلت السلطة ولم تتردد في إزاحة الرئيس وفريقه".

لكنها تداركت ان "النظام لا يريد التفاوض بأي ثمن" محذرة من ان السيناريو الآخر "هو العنف".

وبالنسبة الى الحركة الاحتجاجية فإن المراقبين "العارفين بأمر البلد يرون أن المسيرات أظهرت محدوديتها"، لذلك "يجب الآن إيجاد حل سياسي". ولكن تبقى معرفة "كيفية التفاوض على خارطة الطريق"، كما خلصت كريمة ديرش.