بن ميناشي
BBC

وقّعت شركة علاقات عامة وتعبئة رأي كندية اتفاقا قيمته ستة ملايين دولار أمريكي لتسهيل حصول المجلس العسكري الانتقالي في السودان على اعتراف دبلوماسي دولي، وتمويل مالي، حسب ما علمت بي بي سي.

ووعدت شركة (ديكينز ومادسون) الكندية، ومقرها مونتريال، بتلميع صورة المجلس، الذي استولى على السلطة في انقلاب في أبريل/نيسان، والذي تُتهم قواته بقتل عشرات المحتجين في الخرطوم.

وقال رئيس الشركة، أري بن ميناشي، لبي بي سي إنه توصل إلى اتفاق مع المجلس العسكري "لمساعدتهم في تشكيل حكومة مدنية، وجلب اقتصادي ورئيس وزراء مؤهلان لإدارة البلاد حتى إجراء انتخابات عامة، وترتيب الأوضاع الحالية".

ويوصف بن ميناشي بأنه المفضل لدى أمراء الحرب في العالم لتلميع صورهم.

السودان
Getty Images
اللواء محمد حمدان دقلو (حميدتي) وقع الاتفاق نيابة عن المجلس العسكري

وقد تحدث مؤخرا مع برنامج بي بي سي نيوز آور من العاصمة السودانية الخرطوم، مؤكدا توقيع العقد، ومدافعا عن علاقته بديكتاتور زيمبابوي الرئيس السابق روبرت موغابي. كما زعم بأن القائد العسكري الليبي خليفة حفتر من زبائنه، واصفا إياه بأنه "قوة موحدة" في ليبيا.

وأكد بن ميناشي في حديثه على أهمية قضية الاقتصاد، وترتيب الوضع الاقتصادي في البلاد.

وُجهت لـ بن ميناشي أسئلة حول كيفية تغيير صورة المجلس الذي تتهم قواته بقتل عشرات المدنيين من المحتجين. وكذلك عن قبول الشركة، أو مديرها نفسه، التعامل مع شخص متهم بارتكاب إبادة جماعية في دارفور، يقدر عدد من قتل فيها بأكثر من مئتي ألف شخص.

وجاء رده أن "هؤلاء العسكريون لن يبقوا في السلطة، وأنا أؤكد لك ذلك". أما حميدتي فهو الآن الشخص الوحيد في البلاد الذي يستطيع جلب الاستقرار إلى السودان.

وكشف بن ميناشي لبي بي سي النقاب عن أنه قابل في فبراير/شباط الماضي الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، الذي أطاح به المجلس العسكري الانتقالي.

حفتر
AFP
بن ميناشي يقول إن حفتر من زبائنه

وقال: "قدمت له عرضا، يقضي بتشكيل حكومة انتقالية، بشرط تنازله عن السلطة، مقابل توفير بقائه في السودان في وضع محترم، وتنازل محكمة الجنايات الدولية عن الدعاوى التي رفعتها عليه".

وأكد لبي بي سي على أن هذا العرض حصل على تأييد الإدارة الأمريكية.

لكن من هو أري بن ميناشي؟

يقول موقع ناشيونال بوست الإخباري الكندي إن بن ميناشي يهودي عراقي، ولد في طهران عام 1951. وكان والده شيوعيا تحول إلى رجل أعمال.

وعمل بن ميناشي ضابطا في الموساد الإسرائيلي، ولفت انتباه وسائل الإعلام لأول مرة عام 1989 لدى اعتقاله في الولايات المتحدة واتهامه بمحاولة بيع ثلاث طائرات عسكرية لإيران. وقضى نحو عام في السجن في نيويورك، حتى تمت تبرئته لدى محاكمته.

وبعد ذلك تحول إلى لغز، إذ أصدر كتابا عنوانه "أرباح الحرب: من داخل شبكات السلاح السرية الإسرائيلية الأمريكية". وفي هذا الكتاب، زعم أنه شهد عام 1980 اجتماعا سريا في العاصمة الفرنسية باريس بين قادة في الحزب الجمهوري الأمريكي، من بينهم جورج بوش، ومسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، تم خلاله الاتفاق على ألا تطلق طهران سراح 52 رهينة أمريكية إلا بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1980. والسبب كان أن إطلاق سراح الرهائن قبل ذلك سيصب في صالح الرئيس الديمقراطي، جيمي كارتر، الذي كان الإيرانيون والإسرائيليون يزدرونه.

ريغان
BBC
أطلق سراح الرهائن بعد خطاب تنصيب ريغان

وبالفعل أُطلق سراح الرهائن في نفس الوقت الذي كان الرئيس الجديد، رونالد ريغان، يلقي فيه خطاب التنصيب في يناير/كانون الثاني عام 1981.

وقال بن ميناشي إنه سافر في مختلف أنحاء العالم من أجل إسرائيل كضابط استخبارات، ثم كمستشار استخبارات لرئيس الوزراء السابق إسحاق شامير.

ومع نشر مذكراته عام 1992، أنهت إسرائيل علاقتها به. وكتب في مذكراته: "ليس لي بلد، فأنا مواطن عالمي."

الجنسية الكندية

لكن سرعان ما تغير ذلك عام 1993، عندما تزوج سيدة كندية. وبعد ثلاث سنوات، صار مواطنا كنديا، وسرعان ما شرع في تأسيس شركة خاصة تعمل في مجال العلاقات العامة، وتعبئة الرأي العام في مونتريال الكندية.

أسس بن ميناشي شركة ديكينز آند مادسون مع شريك اسمه ألكسندر ليغولت، وهو رجل أعمال أمريكي المولد، كان مطلوبا في الولايات المتحدة بتهمة النصب على الحكومة المصرية بمبلغ سبعة ملايين دولار مقابل شحنة دجاج مجمدة زائفة. وظل الاثنان يعملان سويا لمدة 15 عاما حتى توصلت الشرطة للشريك، ورحّلته للولايات المتحدة حيث سُجن، وذلك بحسب ناشيونال بوست.

وفي عام 2002، سُلّطت عليه الأضواء مجددا بعد أن خدع أحد عملائه، وهو مرشح الرئاسة آنذاك مورغان تسفانغيراي، إذ سجل له شريط فيديو بدا فيه وكأنه يتآمر لاغتيال رئيس زيمبابوي السابق روبت موغابي. ثم سلّم الشريط لموغابي الذي بات صديقا وحليفا له لفترة طويلة. وقد وقعا عقدا قيمته مليون دولار يعمل بمقتضاه بن ميناشي مستشارا لرئيس زيمبابوي.

موغابي
AFP
رئيس زيمبابوي السابق وقّع عقدا قيمته مليون دولار مع بن ميناشي

وكان بن ميناشي هو الشاهد الرئيسي في قضية تسفانغيراي التي اتُهم فيها بالخيانة. لكن في عام 2004، تمت تبرئة زعيم المعارضة. وقد وصف القاضي سلوك بن ميناشي في قاعة المحكمة بأنه كان "وقحا".

وقال بن ميناشي إنه لم يندم على هذا الموقف لأن "تسفانغيراي هو من جاء لنا وطلب مساعدتنا في الانقلاب على موغابي وقتله".

كما ينفي أنه تاجر سلاح، فيقول إنه في هذا الملف كان يعمل لحساب حكومة إسرائيل، مشيرا إلى أنه لم يحقق ربحا من هذا العمل.

الجذور العراقية

ويعيش بن ميناشي في منزله في مدينة مونتريال الكندية مع سيدة من لاتفيا تعرف عليها منذ عدة سنوات، وذلك بعد أن فقد زوجته الأولى وطفله في حادث سيارة بنيكاراغوا، ثم طلاقه مرتين.

ونظرا لإصابته بمرض القلب، فقد استجاب لنصيحة طبيبه وتخلص من 20 كيلوغراما من وزنه. وهو لا يتناول الكحوليات، لكنه رفض التخلي عن شرب القهوة وتدخين السجائر.

وقد عُرف عنه حبه للثرثرة، والحديث معه عادة ما يكون من جانب واحد.

ورغم أن بن ميناشي ولد في إيران، حيث ترعرع والتحق بالمدارس، ثم عمل في إسرائيل، إلا أنه ما زال متعلقا بجذوره العراقية. ويقول: "إن فكرة العدالة وعمل الأمور الصحيحة تربينا عليها كيهود عراقيين نعتبر أنفسنا أرستقراطية اليهود. لقد تعلمنا بشكل جيد جدا، ولم تكن لنا صلة بإسرائيل، ولم نكن جزءا من الحركة الصهيونية."

لكنه عمل لحساب الحكومة الإسرائيلية، وعن ذلك يقول: "نعم لقد فعلت. فقد كنت الشخص الصحيح في الوقت الصحيح. فأنا أجيد الفارسية والعربية والإنجليزية، وأعرف الولايات المتحدة، وكنت في ذلك الوقت مؤمنا بإسرائيل، لكن في النهاية فقدت ذلك الإيمان."