أقدم مصري على الانتحار بطريقة غريبة، أصابت الرأي العام بصدمة شديدة. إذ بث الشاب الريفي واقعة انتحاره بشكل مباشر عبر فايسبوك على أنغام الموسيقى، بينما انتحر آخر بشنق نفسه في دورة مياه أحد المساجد أثناء صلاة الجمعة أمس، فيما يعد مؤشرًا إلى ارتفاع معدلات الانتحار في مصر.

إيلاف من القاهرة: في واقعة هزت الرأي العام في مصر، انتحر شاب عبر شنق نفسه بحبل داخل منزله في قرية كفر بلمشط في مركز منوف بمحافظة المنوفية، احتجاجًا على معاملة والده له.

مباشرة على فايسبوك
بث الشاب واقعة الانتحار عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وكتب منشورًا قال فيه إنه لجأ إلى الانتحار بسبب "سوء معاملة والده له"، وطالب أصدقاءه بمسامحته.

حسب البث المباشر الذي نقله حساب الشاب، فإنه أذاع مقاطع موسيقية وأغاني، ثم دخّن سيجارة، فصعد على كرسي، وشنق نفسه بحبل لفه حول رقبته، حتى فارق الحياة.

وتلقى اللواء سمير أبو زامل، مدير أمن المنوفية، بحسب محضر الشرطة، تلقى إخطارًا يفيد بانتحار الشاب "إسلام.ح" 22 سنة، من قرية كفر بالمشط في مركز منوف، موثقًا حادثة انتحاره عبر فيديو بث مباشرة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.

فتوجهت قوة من مباحث مركز منوف إلى مكان الحادث، للإطلاع على ملابسات الحادث، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، وأخطرت النيابة لتباشر التحقيق.

لم يحتمل الرسوب
جاءت واقعة انتحار "إسلام" بعد أقل من 24 ساعة على واقعة انتحار أخرى صادمة. ففي محافظة البحيرة في غرب مصر، أقدم قاصر على الانتحار عبر شنق نفسه داخل دورة مياه المسجد في قرية جبارس مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة.

منحت نيابة إيتاي البارود في البحيرة تصريحًا بدفن جثة الطفل، الذي عثر علية الأهالي مشنوقًا داخل دورة مياه المسجد، عقب أداء صلاة الجمعة أمس.

تبيّن للسلطات المصرية عدم وجود شبهة جنائية، وأن المجني عليه قام بالانتحار لرسوبه في امتحان الإعدادية، ومروره بحالة نفسية سيئة.

وكان العميد محمد زايد مأمور مركز شرطة إيتاي البارود، قد تلقى بلاغًا من الأهالي بالعثور على جثة "محمد.ع.هـ" 14 سنة، معلقة بحبل داخل إحدى دورات المياه في مسجد في قرية جبارس قبلي التابعة لمركز إيتاي البارود، وانتقل ضباط المباحث إلى مكان الحادث وفريق من النيابة العامة، لمعاينة مسرح الجريمة.

توصلت تحريات الرائد إسلام السعدني رئيس مباحث إيتاي البارود، بإشراف اللواء محمد هندي، مدير المباحث، إلى عدم وجود شبهه جنائية، وأن المجني عليه قام بالانتحار داخل دورة مياه المسجد.

المركز 96 عالميًا
تتزايد حالات الانتحار في مصر بشكل غير مسبوق، وكشف تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية والمركز القومي للسموم ووزارة الداخلية المصرية، أن عدد المنتحرين سنويًا يتجاوز 4250 منتحرًا، معظمهم تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين عامًا، فضلًا عن عشرات الآلاف من محاولات الانتحار التي تشهدها بيوت وشوارع مصر خلال كل عام.

أضاف التقرير الذي صدر في شهر يونيو الماضي أن مصر تحتل المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار.

كما كشف تقرير آخر أصدرته "المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة"، وحمل عنوان "دقوا ناقوس الخطر... ماذا بعد انتحار الأطفال؟!، كشف عن توثيق 44 حالة انتحار أطفال، خلال عام 2015، حتى منتصف نوفمبر، تنوعت أسبابها بين النفسية والأسرية والاقتصادية والصحية.

أضافت المنظمة أن نسبة الذكور في حالات الانتحار التي رصدتها المؤسسة تجاوزت نسبة الإناث، إذ بلغ الذكور 52%، والإناث 48 %، وسجلت الفئة العمرية من 16 إلى 18 عامًا أعلى عدد حالات انتحار، بواقع 25 حالة، تليها الفئة العمرية من 11 إلى 15 عامًا، بواقع 17 حالة، بحسب المؤسسة.

البحيرة متصدرة
أوضح التقرير أنه رصد 101 حالة انتحار في مصر خلال الأشهر الثلاثة الماضية (مارس، أبريل، مايو)، وسجل مارس أعلى نسبة بـ39 حالة، تلاه مايو مسجلًا 36 حالة انتحار، وبطرق مختلفة.

وذكر التقرير أن أعلى نسبة حالات الانتحار كانت في محافظة البحيرة، إذ سجلت 21 حالة انتحار خلال الشهر الماضي، تلتها القاهرة بـ10 حالات، والدقهلية 9 حالات.

وأشار إلى أن نسبة الذكور على العموم خلال الفترة بكاملها كانت 67 حالة. أما الإناث فكانت 34، والوسيلة المفضلة لتنفيذ الانتحار لدى الذكور هي الشنق. أما الإناث فكن ينتحرن في الغالب عن طريق تناول الأقراص السامة. وشهد شهر مايو الماضي عودة حالات الانتحار بالقفز تحت عجلات مترو الأنفاق وأمام القطارات.

دوافع اقتصادية واجتماعية
نبّه التقرير إلى أن الفئات الأكثر إقدامًا على حالات الانتحار، هم من الطلاب والعمال، شريحة ربات البيوت، وتراوحت أعمارهم ما بين 21 و30 عامًا.

وأرجع التقرير تزايد حالات الانتحار في مصر خلال السنوات الماضية، إلى أسباب مختلفة، في مقدمتها تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي المصري، الأمر الذي يؤدي إلى أزمات نفسية تصيب الشخص وتدفعه إلى الانتحار.

لفت التقرير إلى أنه رغم التحريم الديني لفكرة الانتحار عينها، إلا أن ظروفًا اجتماعية واقتصادية مختلفة تؤدي إلى عدم قدرة الكثيرين على تحمل الأوضاع المتردية، مشيرًا إلى أن الرصد قد لا يمثل بالضرورة عدد حالات الانتحار الحقيقية، والتي يمكن رصدها من محاضر الشرطة شهريًا، بل يأتي من خلال رصد التناول الصحافي للظاهرة، ونشر أخبار عنها في عدد من المواقع الصحافية المصرية.