لالش: خمس سنوات مرت على اجتياح تنظيم داعش لمدينة سنجار الجبلية في شمال غرب العراق التي تسكنها الأقلية العرقية الدينية المعروفة بالأيزيدية.

لم تكن هذه الأقلية معروفة كثيرا قبل أن تتعرض لأقسى اضطهاد على أيدي عناصر تنظيم داعش الذين قتلوا المئات من رجالها وأطفالها، وخطفوا نساءها واتخذوهن سبايا واستعبدوهن جنسيا.

من هم الأيزيديون؟

ديانة قديمة

نشأت العقيدة الأيزيدية في إيران منذ أكثر من أربعة آلاف عام، وتعتبر دينا غير تبشيري ومغلقا، إذ لا يمكن لأحد من خارجها أن يعتنقها.

يؤمن الأيزيديون بإله واحد يصلون له متخذين الشمس قبلتهم، إضافة إلى إيمانهم بسبعة ملائكة، أولهم وأهمهم الملك طاووس. تعتمد هذه الجماعة الناطقة باللغة الكردية في الغالب، على الزراعة، وتقيم غالبيتها في سنجار.

ويعد أقدس الأماكن الدينية للأيزيديين معبد لالش الذي تعلوه قبة مخروطية حجرية إلى جانب مزارات عدة في وسط منطقة جبلية تضم ينابيع طبيعية بشمال غرب العراق، ويقصده المؤمنون الزوار حفاة.

ويتبع هؤلاء المجلس الروحاني الأعلى المؤلف من خمسة أعضاء ومقره قرب منطقة شيخان، وبينهم "أمير" الأيزيديين في العالم، إضافة إلى مرجعهم الديني بابا شيخ.

ويقسم الأيزيديون إلى ثلاث طبقات: الشيوخ والبير (الدعاة) والمريدون، ولا يمكن التزاوج بين طبقة وأخرى أو من خارج الطائفة. ويعتبر أيزيديا فقط من ولد لأبوين أيزيديين.

وبمرور الوقت، دمج الأيزيديون في معتقدهم عناصر من ديانات أخرى. فعلى سبيل المثال، يتم عماد الأطفال في الماء المقدسة للاحتفال بدخولهم إلى العقيدة على غرار المسيحيين، كما يمكن للرجال اتخاذ أربع زوجات كالمسلمين.

الأيزيديون بالأرقام

من بين ما يقارب 1,5 مليون أيزيدي في العالم، يعيش العدد الأكبر، وهو 550 ألفا، في العراق، مع وجود أعداد أقل في المناطق الناطقة بالكردية في تركيا وسوريا.

وأسفرت عقود من الهجرة عن توجه أعداد كبيرة من الأيزيديين إلى أوروبا، وخصوصا ألمانيا التي تأوي نحو 150 ألفا من أبناء هذه الطائفة، إضافة إلى السويد وفرنسا وبلجيكا وروسيا.

ولكن منذ اجتياح تنظيم داعش لسنجار في العام 2014، هاجر ما يقارب مئة ألف أيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا.

ولا يزال نحو 360 ألفا يعيشون اليوم في مخيمات النازحين بشمال غرب العراق. ولم يتمكن سوى بضعة آلاف فقط من العودة إلى سنجار حيث لا تزال معظم المنازل أنقاضا، والكهرباء والمياه النظيفة والمستشفيات شحيحة.

اضطهاد طويل

كونها غير عربية وغير مسلمة، صنفت الديانة الأيزيدية على أنها أكثر الأقليات ضعفا في الشرق الأوسط، ويصف بعض المسلمين المتشددين المنتمين اليها بـ"عبدة الشيطان".

ويقول الأيزيدون إنهم تعرضوا لـ74 "إبادة جماعية"، من ضمنها هجوم تنظيم داعش في 2014. وأسوأ تلك الإبادات، وفقا للمجلس الروحاني الأعلى، شهدت مقتل 250 ألف أيزيدي قبل مئات السنين.

وتعرضت هذه الأقلية أيضا للاضطهاد من الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين، وعلى يد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي دفع، في ظل حكمه للبلاد بيد من حديد بين عامي 1979 و2003، آلاف العائلات الأيزيدية الى الفرار من البلاد.

تنظيم داعش وما بعده

سيطر تنظيم داعش على سنجار في أغسطس 2014، وشن هجوما وحشيا على الأيزيديين، وصل إلى "إبادة جماعية محتملة"، وفقا للأمم المتحدة.

وبحسب إحصاءات المديرية العامة لشؤون الأيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان، قُتل نحو 1280 أيزيدياً، ويُتّم أكثر من 2300 طفل، وتعرض ما يقارب 70 مزارًا للتدمير.

وخطف التنظيم أيضا أكثر من 6400 أيزيدي، معظمهم من النساء والفتيات، نجا منهم نحو 3400 شخص.

ومذ خسر التنظيم المتطرف آخر جيوبه بسوريا في مارس الماضي، تحررت العشرات من النساء والفتيات والفتيان الأيزيديين، وأعيد لمّ شملهم مع عائلاتهم في العراق. أما الباقون فلا يزالون في عداد المفقودين.

تم اكتشاف أكثر من 70 مقبرة جماعية في سنجار تحتوي على رفات ضحايا تنظيم داعش، واستخرجت بقايا رفات عشرات الضحايا من 12 منها في إطار تحقيق مشترك بقيادة الأمم المتحدة.

إضافة إلى ذلك، تركت بعض النساء اللواتي أجبرن على الإنجاب من مقاتلي تنظيم داعش، أطفالهن في سوريا المجاورة، كشرط لقبولهن مجددا ضمن الطائفة.