واشنطن: أعلن المحقق الخاص روبرت مولر الأربعاء أمام الكونغرس أن تقريره حول التحقيق في تدخل روسيا بالانتخابات الأميركية لا يبرئ دونالد ترمب بشكل تام، ولا سيّما من شبهة عرقلة سير العدالة، وذلك خلافاً لما يؤكّده الرئيس الأميركي.

وقبيل الجلسة المرتقبة بشدة أكد ترمب مجددا أن المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي قد برأه تماما وكتب في تغريدة "لا تواطؤ ولا عرقلة لسير العدالة".

وفي افتتاح الجلسة قال مولر أمام اللجنة القضائية في مجلس النواب إنّ "ما خلص إليه التحقيق يشير إلى ان الرئيس لم يبرّأ من أفعال يشتبه بأنّه ارتكبها".

وفي معرض ردّه على أسئلة رئيس اللجنة جيري نادلر قال المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي "كلا"، إن التقرير الواقع في 448 صفحة لم يبرئ ترمب.

وتحدّث مولر الذي كان يفضّل تفادي جلسة الاستماع هذه، بصوت مرتجف بعض الشيء، وطلب مرارا تكرار الأسئلة المطروحة واستشار مساعده مرات عدة.

وأبلغ المحقق الخاص في بداية الجلسة اللجنة بأنه "لن يردّ على كل الأسئلة"، وهو كان قد أعلن في وقت سابق أنه لا يريد الذهاب في إفادته أبعد من محتوى تقريره الذي أصدره في آذار/مارس. غير أن أوجه الغموض في تقريره تركت الباب مفتوحاً أمام تفسيرات متباينة.

ويتحدث مولر في التقرير الذي يقع في أكثر من 400 صفحة عن الجهود الروسية في مساعدة ترمب عام 2016، لكنه يضيف أنه لم يتمكن من العثور على اي دليل يثبت تواطؤا بين موسكو وفريق حملة ترمب الانتخابية، رغم تواصل متكرر بينهما.&

لكن مولر يتحدث بعد ذلك بالتفصيل عن ضغوطات مريبة مارسها ترمب على سير التحقيق، مؤكدا أنه لا يمكنه تبرئة الرئيس من تهمة عرقلة عمل القضاء.&

بيد أن مولر حرص على عدم تقديم توصيات بشأن التدابير الواجب اتخاذها على ضوء خلاصاته. وكتب أنّه لا يمكن للقضاء العادي إدانة رئيس في منصبه، وأنّ الكونغرس وحده يمكنه ملاحقته قانونيا.

والأربعاء، أعاد مولر التذكير بأن فريقه قد أورد في التقرير "إننا لن نقول ما إذا كان الرئيس قد ارتكب جرماً. كان هذا قرارنا وسيبقى كذلك".

"لعبة" سياسية

وقبل انطلاق الجلسة نفت روسيا مجددا أن تكون تدخّلت في الانتخابات الأميركية، وقال مساعد وزير الخارجية سيرغي ريابكوف "بالطبع سنقرأ وسنشاهد ما سيقال".

في المقابل، أكد ترمب أنه لن يتابع جلسة استماع مولر التي اعتبرها "مضيعة للوقت" و"لعبة سياسية".

ويرغب ترمب الذي انصرف للتركيز على حملته الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية في طي صفحة هذا التحقيق الذي طغى على أجواء السنتين الأوليين من عهده.

لكن الديموقراطيين يعتبرون أن تقرير التحقيق يتضمن "جملة أفعال تدين ترمب" يمكن أن تؤدي إلى البدء بإجراءات عزله في الكونغرس.

ويدور صراع حاد بين الديموقراطيين حول ما إذا كان ينبغي الشروع في آلية إقالة محكوم عليها بالفشل في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ. وقد تحول الاهتمام في سياق حملة الانتخابات الرئاسية عن النقاشات حول المسائل الجوهرية.

لكنهم يأملون أن يكون لإفادة مولر التي ستبث مباشرة على القنوات التلفزيونية، تأثيرات على الناخبين.

وأوضح آدم شيف رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب التي ستستمع لمولر أن "غالبية الأميركيين لم يحظوا بفرصة لقراءة تقرير مولر، وهو عمل قضائي جاف نريد من روبرت مولر إحياءه".

وبين استطلاع لمعهد "يوغوف" أن 50% من الأميركيين قالوا إنهم اطلعوا على أجزاء من التقرير، لكنهم توصلوا إلى خلاصات متباينة اختلفت بحسب توجهاتهم السياسية، في دليل على غموض التقرير.&

ويعتبر 83% من الديموقراطيين أن ترمب مذنب بتهمة عرقلة سير القضاء، في حين يوافق 16% من الجمهوريين فقط على ذلك. وسيحاول الديموقراطيون دفع مولر إلى توضيح رأيه بشأن تهم عرقلة سير القضاء.&

أما الجمهوريون، فينتظر أن يحاولوا دحض مصداقية التحقيق بترديدهم اتهام "المطاردة الشعواء" الذي كرره ترمب لعامين. ومن المتوقع أن يطرحوا أسئلة حول فريق تحقيق مولر الذي يضمّ محققين يعدّون بغالبيتهم ديموقراطيين. &

والأربعاء أبدى ترمب اعتراضه على مرافقة أحد مساعدي مولر له خلال جلسة الاستماع وقال "ما كنت لأسمح بذلك أبدا"، منددا مرة جديدة ب"أسوأ حملة اضطهاد في التاريخ الأميركي".