اعلنت السلطة القضائية العراقية اليوم عن اعتقال ثلاثة ضباط والتحقيق معهم بتهمة تعذيب معتقل حتى الموت، فيما حذرت المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان من خطر تصاعد الوفيات نتيجة التعذيب في معتقلات البلاد.

وأعلنت محكمة تحقيق محافظة النجف (160 كم جنوب بغداد) عن اعتقال مدير مكتب مكافحة إجرام الغري في مدينة النجف وضابط تحقيق وإصدار أمر قبض بحق ضابط آخر على خلفية وفاة متهم في مكتب المكافحة. واوضح المركز الاعلامي لمجلس القضاء الاعلى في بيان صحافي الخميس تابعته "إيلاف" أن "محكمة تحقيق النجف كانت قد بدأت بالتحقيق بالقضية بناء على شكوى تقدمت بها والدة وزوجة متهم متوفى، حيث أثبتت التحقيقات بأن المتهم قد تعرض للتعذيب".

وأضاف أن "المحكمة لم يتسنَّ لها التأكد من أن الوفاة كانت نتيجة للتعذيب من عدمه لأن ذلك متوقف على نتيجة التقرير التشريحي لدائرة الطب العدلي الذي لم يرد حتى الآن فيما جرى تحويله الى دائرة الطب العدلي في بغداد".

وأشار إلى ان "المحكمة وبعد ثبوت تعرض المتهم للتعذيب اتخذت الإجراءات القانونية وأصدرت أوامر قبض بحق عدد من الضباط وهم مدير مكتب مكافحة اجرام الغري وضابط تحقيق برتبة رائد وجرى توقيفهم فيما أصدرت امر قبض بحق ضابط تحقيق آخر برتبة نقيب".

وأوضح مجلس القضاء الاعلى ان "المحكمة اتخذت جميع الاجراءات القانونية ودونت اقوال المتهمين وفقاً لاحكام المادة 410 من قانون العقوبات".

وكان وزير الداخلية العراقي ياسين الياسري&وجه الاسبوع الماضي بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول حادثة وفاة المعتقل في مكتب مكافحة اجرام الغري التابع لمكافحة اجرام النجف.

تصاعد وفيات المعتقلين بسبب التعذيب

وحول هذه القضية فقد حذرت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق من خطر تصاعد الوفيات نتيجة التعذيب في معتقلات البلاد، بينما شكل وزير الداخلية لجنة تحقيق في وفاة المعتقل بسبب التعذيب.

وأكد عضو المفوضية العليا القاضي مشرق ناجي في بيان تابعته "إيلاف" الاربعاء ازدياد حالات الوفاة نتيجة التعذيب في المواقف والسجون اثناء التحقيق، وذلك اثر وفاة معتقل في مدينة النجف.. معتبرا ذلك مؤشرا خطيرا على تراجع حالة حقوق الأنسان في العراق ويتنافى مع ما نص عليه الدستور في المادة (37/ج) التي تنص على "يُحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية".. واخلال بالتزامات العراق الدولية التي نصت عليها الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية أو اللا إنسانية او المهينة لعام 1984 والتي انضم العراق اليها عام 2008 والتي نصت على تجريم ممارسة التعذيب وطرق الإحتجاز واشارت الى الإجراءات الواجب اتخاذها من الدول الموقعة على هذه الإتفاقية لغرض إكمال التشريعات المتعلقة بمناهضة التعذيب.

ودعا عضو مفوضية حقوق الانسان العليا مجلس النواب العراقي الى الإسراع بتشريع قانون مناهضة التعذيب.. مطالبا الحكومة ووزير الداخلية بإتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق الذين تسببوا بمثل هذه الحوادث.

&نفي رغم الادلة

وكانت مديرية شرطة محافظة النجف قد نفت ان تكون وفاة المعتقل في احد محتجزاتها بسبب التعذيب، موضحة ان جميع السجون خاضعة للمعايير القانونية واللجان الرقابية المختصة بحسب قولها..

واشارت المديرية في بيان الى أنه قبل 20 يوما تم القاء القبض على المتهم المذكور وفق المادة 444 بموجب امر قضائي وتم تحقيق معه في اليوم الأول وعرضه أمام قاضي التحقيق وانتهى التحقيق معه .&

ونوهت الى انه بعد حوالي 15 يوما تدهورت حالته الصحية وعلى اثرها تمت مفاتحة القضاء ونقله الى مستشفى الصدر التعليمي وتبين أن الموقوف يعاني من فشل كلوي مزمن وهو مصاب بهذا المرض سابقا، وقد رقد لمدة يومين في المستشفى وتلقى العلاج من قبل الأطباء الا انه فارق الحياة في اليوم الثالث بسبب المرض، وهو ما مثبت بتقارير طبية رسمية وقرارات قضائية بحسب قولها.

واضافت انه "خلال فترة توقيف المتهم فقد تمت زيارته من مسؤولي مكتب مكافحة الاجرام &ولجان مختصة وجهات رقابية ومنظمات لحقوق الإنسان واجرت كشفا على جميع الموقوفين وأيدت عدم تعرض اي منهم لأي تعذيب وبموجب محاضر رسمية مصدقة من الموقوفين أنفسهم" على حد قولها، لكن اعلان القضاء العراقي اليوم عن اعتقال الضباط الثلاثة ينفي ادعات قيادة شرطة النجف هذه.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان العراقية قد كشفت منتصف&مايو الماضي عن حالات وصفتها بالخطيرة داخل السجون العراقية في تقرير رصدت فيه أمراضاً وحالات خطيرة بسبب اكتظاظ السجون.&

وتشير مصادر عراقية مطلعة الى وجود حوالي عشرين سجناً صالحاً فقط بعضها يتسع لألفي سجين، لكن تم حشر أربعة آلاف سجين فيها فضلاً عن عشرات السجون المنتشرة في مختلف مدن البلاد، والتي تسيطر عليها مليشيات وأحزاب.&

ولا توجد إحصائية رسمية ثابتة عن العدد الكلي للمعتقلين في جميع السجون العراقية. لكنّ نواباً كشفوا مؤخرا عن أن الرقم يقدر بعشرات الآلاف ويرجح مراقبون أنه ربما تضاعف خلال عامي 2018 و2019.