رام الله: أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس "وقف العمل بالاتفاقيات الموقّعة مع الجانب الإسرائيلي"، في قرار غير مسبوق يأتي على وقع التوترات المتصاعدة بين الجانبين.

وقال عباس عقب اجتماع طارئ عقدته القيادة الفلسطينية في مقرّ الرئاسة برام الله في الضفة الغربية المحتلة إنّه "أمام إصرار سلطة الاحتلال على التنكّر لجميع الاتفاقيات الموقّعة وما يترتّب عليها من التزامات، نعلن قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقيات الموقّعة مع الجانب الاسرائيلي والبدء في وضع آليات اعتباراً من الغد لتنفيذ ذلك".

وترتبط إسرائيل والسلطة الفلسطينية باتفاقيات ثنائية في مجالات عديدة تتراوح من إدارة المياه إلى الأمن.

وكان المجلس المركزي الفلسطيني اتخذ منذ 2015 قرارات عديدة تصبّ في اتجاه وقف التعاون مع اسرائيل، أبرزها وقف التنسيق الأمني مع الدولة العبرية وتعليق الاعتراف بها، لكنّ هذه القرارات لم يتم تنفيذها من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والرئيس محمود عباس.

تداعيات خطيرة

وفي حال نفّذ عباس قراره وأوقف العمل بهذه الاتفاقيات، فإنّ من شأن ذلك أن يؤدّي إلى تداعيات خطيرة ولا سيّما على الأمن في الضفة الغربية المحتلّة.

ويُعتقد أنّ التعاون بين أجهزة الأمن الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية أحبط عشرات الهجمات ضد إسرائيل، في حين يؤكّد الإسرائيليون أنّ السلطة الفلسطينية تستفيد من هذا التعاون من خلال الحفاظ على الاستقرار.

وفي الأشهر الأخيرة تدهورت العلاقات بين حكومة عباس والسلطات الإسرائيلية، وقد بلغ التوتر بين الطرفين ذروته مع هدم إسرائيل منازل فلسطينية تقع في منطقة تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة في الشقين المدني والأمني.

وعقب عمليات الهدم هذه كثّفت القيادة الفلسطينية اجتماعاتها خلال اليومين الماضيين.

وفي هذا السياق، التقى عبّاس في عمّان الأربعاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في اجتماع قالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إنّه تناول "آليات التنسيق المشترك بين البلدين".

والخميس، نقلت وفا عن عباس قوله بخصوص اجتماع القيادة الفلسطينية الذي دعا إلى عقده بصورة طارئة إنّ "أهمّ ملف على طاولة الاجتماع هو هدم منازل المواطنين في منطقة +أ+"، مضيفاً "لا نغفر الهدم في مناطق "أ" أو "ج"، لكن هذه أول مرة يتم الهدم بهذه المنطقة، وهو ما نعتبره منتهى الوقاحة والعدوان على الحقوق الفلسطينية".

وأضاف "لا بدّ أن نتّخذ خلال الاجتماع موقفاً واضحاً وصريحاً ومحدّداً من كلّ هذه الإجراءات".

وعقب الاجتماع قال عباس "لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة وتحديداً بالقدس، وكلّ ما تقوم به دولة الاحتلال غير شرعي وباطل".

وشدّد على أنّ "أيدينا كانت وما زالت ممدودة للسلام العادل والشامل والدائم، لكن هذا لا يعني أنّنا نقبل بالوضع القائم أو الاستسلام لإجراءات الاحتلال، ولن نستسلم ولن نتعايش مع الاحتلال، كما لن نتساوم&مع +صفقة القرن+، ففلسطين والقدس ليستا للبيع والمقايضة، وليستا صفقة عقارية في شركة عقارات".

وشدّد عباس على أنّه "لا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا والعالم دون أن ينعم شعبنا بحقوقه كاملة، ومهما طال الزمان أو قصر سيندحر الاحتلال البغيض وستستقلّ دولتنا العتيدة".

تنكّر للالتزامات

واتّهم الرئيس الفلسطيني إسرائيل "بالتنكّر لجميع ما ترتّب عليها من التزامات وفقا للاتفاقات الموقّعة معها، حيث تواصل قتل المواطنين الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم، إضافة إلى إغلاق الطرق بمئات الحواجز وبناء الجدران التي تقطّع أوصال الأرض الفلسطينية، وفرض سياسة الفصل العنصري +الأبرتهايد+ التي نبذها العالم أجمع".

وأضاف أنّ "هذا +الأبرتهايد+ الذي انتهى منذ ثلاثين عاماً من كل العالم ما&زال هنّا مرعياً من قبل أميركا. وأخيرا ممارسة القرصنة للأموال الفلسطينية".

ويدور خلاف مالي بين السلطة الفلسطينية والدولة العبرية بشأن ضريبة المقاصة التي تجبيها اسرائيل لصالح السلطة نتيجة عملية التبادل التجاري من وإلى الاراضي الفلسطينية والبالغة قيمتها نحو 190 مليون دولار شهريا.

وخصمت إسرائيل 10 ملايين دولار من هذه الضريبة بحجّة أنّ السلطة تدفع هذا المبلغ رواتب للمعتقلين الأمنيين في السجون الإسرائيلية ولعائلات فلسطينيين قتلوا خلال تنفيذهم هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

وردّاً على قرار الدولة العبرية رفض عبّاس تسلّم مبالغ "منقوصة"، مؤكّداً أنّ تسديد رواتب "الشهداء والاسرى والجرحى هو أمر مقدس".

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967 وضمت القدس الشرقية لاحقاً في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، غير أنّ ترمب خرج عن هذا الإجماع بإعلان اعتراف الولايات المتّحدة بهذا الضمّ.