موسكو: لم يفاجأ القادة الروس بانتهاء معاهدة الانتشار النووي بين موسكو وواشنطن، اعتبارا من الجمعة، وكانوا لا ينتظرون سوى مبادرة الولايات المتحدة للتخلي عنها في ظل وجود أسلحة جديدة جاهزة اصلا ليتم نشرها.

وكان دونالد ترمب أعلن في شباط/فبراير 2019 بدء عملية الانسحاب من هذه المعاهدة الخاصة بالصواريخ النووية المتوسطة المدى (بين 500 5500 كلم). وانتهت مفاعيل المعاهدة بدون ان تدمر موسكو ، كما طلبت واشنطن، الاسلحة التي اعتبرتها الولايات المتحدة انتهاكا للمعاهدة.

على العكس فقد صادق الرئيس الروسي فلادمير بوتين في بداية تموز/يوليو على قرار تعليق انضمام روسيا لهذه المعاهدة الذي كان أعلن حال اعلان قرار ترمب في بداية العام، ثم أيده البرلمان الروسي في حزيران/يونيو.

وتنتقد واشنطن منذ 2014 تطوير موسكو أنظمة اعتبرت أنها تشكل انتهاكا للمعاهدة. والصاروخ المعني هو 9ام729 ومداه نحو 1500 كلم، بحسب الحلف الاطلسي، في حين تؤكد موسكو ان مداه لا يزيد على 480 كلم.

واعتبر المحلل العسكري الكسندر غولتس "ان روسيا تمارس الخداع، اولا من خلال نفيها وجود الصاروخ، ثم باعترافها بوجوده مع القول إنه يحترم المعاهدة".

وعندما انتقلت الولايات المتحدة من التهديد الى التنفيذ وأكد ترمب نيته التخلي عن المعاهدة، في تشرين الاول/اكتوبر 2018، لم تفعل روسيا شيئا لثنيه عن الامر.

وعمليا كان كبار القادة الروس ينتقدون منذ سنوات هذه المعاهدة التي يعتبرون انها تخدم مصلحة واشنطن أكثر، وبات هناك اقتناع لدى الرئاسة الروسية بأن موسكو لا تحتاج اليها.

وذكر الخبير بافيل فيلغنهاور أنه "منذ 2007 عندما انسحبت روسيا من معاهدة الاسلحة التقليدية في اوروبا، كان الجيش الروسي والكرملين يقولان إن معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى ليست معاهدة جيدة ولا منصفة".

وكان الجدل يندلع في موسكو كلما تم الاعلان عن انتشار جديد لنظام دفاع صاروخي اميركي لدى حلفاء واشنطن في اوروبا او آسيا. وتعتبر الولايات المتحدة ان هذه الانظمة محض دفاعية لكن روسيا تعتبرها تهديدا على أبوابها ولمنشآتها النووية.

أسلحة جديدة بدون كلفة إضافية

لم يكن مستغربا بالتالي ان تعلن الرئاسة الروسية أنها جاهزة للاعلان عن صواريخ جديدة حالما يصبح القرار الاميركي بالانسحاب من المعاهدة رسميا.

وأكد المحلل فيغينهاور "الان مع انتهاء المعاهدة سنشهد تطوير ونشر أسلحة جديدة" مضيفا "روسيا مستعدة اصلا" لذلك.

وبعد أن أشار اليها بوتين لاول مرة في كانون الاول/ديسمبر 2018 امام كبار ضباط الجيش، تم الحديث بالتفصيل عن هذه الاسلحة الجديدة في شباط/فبراير 2019 خلال اجتماع لبوتين مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو.

وعلاوة على استحداث صاروخ بري متوسط المدى، تنوي روسيا خصوصا تطوير نسخة برية من صواريخ كاليبر المستخدمة من البحرية والتي اختبرت بنجاح في سوريا.

لكن روسيا تواجه ضغوط ازمة اقتصادية تعانيها منذ 2014 كما ان ميزانيتها العسكرية أقل بعشرة أضعاف من ميزانية الجيش الاميركي.

بيد ان بوتين اوضح لوزير دفاعه الذي عبر مرارا عن معارضته سباقا "محموما" للتسلح، ان تطوير هذه الاسلحة الجديدة سيكون "بدون زيادة ميزانية الدفاع".&

وبعد انتهاء مفاعيل معاهدة منع الصواريخ النووية المتوسطة المدى، لا تبقى الا معاهدة نووية ثنائية واحدة بين موسكو وواشنطن هي معاهدة ستارت التي تتعلق بابقاء ترسانتي البلدين من الاسلحة النووية دون مستواها خلال الحرب الباردة وتنتهي فترة سريان هذه المعاهدة في 2021.

وتوقع الباحث الكسندر سافلييف أن تكون "حظوظ تمديدها (ستارت) ضعيفة. ففي هذه الظروف لا شيء سيوقف سباقا جديدا للتسلح النووي بين الولايات المتحدة وروسيا".