اعتبر مراقبون هروب 15 تاجر مخدرات مسجونين في بغداد ضربة لهيبة الدولة ولثقة المواطنين بأجهزة الأمن مع اتهام مسؤولين فيها بالفساد على الرغم من اعادة اعتقال معظمهم وإجراء تغييرات في قيادة أمن العاصمة.&

إيلاف: هرب 15 سجينًا من عتاة تجار المخدرات من سجن في مركز شرطة "القناة" في شرق العاصمة العراقية، مدانون بجرائم حيازة وتجارة المخدرات، السبت من السجن، ما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في العاصمة وإغلاق شبه كامل لمداخلها، فيما باشرت الأجهزة الأمنية عمليات تدقيق بحثًا عن الهاربين، فيما تم نشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يصوّر لحظة الهروب التي جرت من دون مواجهات مع قوات حماية المركز الذي بدا خاليًا من الحراسة.

إقالة واعتقال مسؤولين أمنيين
على الفور أصدر وزير الداخلية ياسين الياسري أمرًا بإقالة ثلاثة من كبار مسؤولي شرطة العاصمة هم قائد شرطة بغداد ومدير شرطة جانب الرصافة منها ومدير قسم باب الشيخ، كما قرر اعتقالهم في مقر الوزارة، إضافة إلى ضباط مركز شرطة القناة الذي هرب منه المدانون، وجميع عناصر الشرطة، الذين كانوا مكلفين بالواجب أثناء الحادث.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية مساء أمس في بيان تابعته "إيلاف" عن اعتقال تسعة من تجار المخادرات الهاربين، وأحدهم سلمته عائلته إلى الشرطة، فيما يجري البحث عن الآخرين، الذين يعتقد أنهم يحاولون الفرار إلى شمال العراق، ببطاقات شخصية مزورة بعدما حلقوا لحاهم، وغيّروا أشكال وجوههم.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن في البيان "بعد تشكيل لجنة تحقيقية ومتابعة وزير الداخلية والإقالة التي طالت قائد شرطة بغداد ومدير شرطة الرصافة ومدير قسم شرطة باب الشيخ وتوقيف الضابط المسؤول عن المركز وضباط الدوام المسائي المتواجدين هناك تستمر الإجراءات في البحث عن السجناء الفارين".
&
وأشار إلى أن الوزارة تنتظر نتائج اللجنة التحقيقية لمعرفة ملابسات حادثة هروب السجناء، وفيما إذا كانت متعمدة أو عرضية.&
من جهته، اعتبر النائب محمد إقبال الصيدلي تجار المخدرات بأنهم أكثر "قوة وسطوة" من الدولة. وقال في بيان إن موضوع المخدرات أصبح فعلًا من تحديات حكومة عادل عبدالمهدي. وأضاف أن "كبار تجار المخدرات اليوم يعتقدون أنهم أكثر قوة وسطوة من الدولة نفسها".

وقد علمت "إيلاف" أن من بين الهاربين عددا من أخطر تجار المخدرات، من بينهم: قحطان فرحان محمد وحير ستار صنكور ومحمد عباس كاطع ومحمد حسن عباس محمد جعفر عريبي ووليد خالد خليل ومحمد عبد الرضا وحيوح وعلي عبد السلام علي ويعقوب كاظم خضر. ومن بين هؤلاء محكوم بالسجن 10 سنوات، وآخر يتاجر بأخطر مادة مخدرة، وأغلاها، وهي مادة الكوكايين. &
&&
وأكدت مصادر عراقية أن عملية الهروب قد جرت بتواطؤ مع جهات داخل قيادة الشرطة، وخطط لها من داخل السجن وخارجه، حيث تم توفير ملاذات للهاربين بعد فرارهم، الذي جرى رغم وجود كاميرات مراقبة.

يشار إلى أن الإتجار بالمخدّرات في العراق قد أصبح بعد سقوط نظامه السابق عام 2003 مشكلة كبيرة تؤرق السلطات العراقية في وقت تعلن فيه سلطات الحدود بشكل يومي توقيف تجار مخدرات على الحدود العراقية الإيرانية المصدر الرئيس لهذه المواد المحظورة.


فيديو لحظة هروب تجار المخدرات من سجنهم في شرق بغداد:

هروب تجار المخدرات قزم الدولة
وقد اعتبر الخبير الأمني العراقي هاشم الهاشمي أن حادثة تهريب السجناء "قزّمت الدولة"، وهزت صورة الشرطة أمام مواطني بغداد.

وقال الهاشمي لقناة "الفرات" الفضائية في مقابلة تابعتها "إيلاف" الليلة الماضية، إن "عملية هروب تجار المخدرات من سجن القناة تفتح شهية بقية العصابات على الهروب من مراكز أخرى، فالجرائم المنظمة غير مشاهدة، وليست على المجهر، ولكنها أصبحت اليوم واضحة، وقزمت الدولة بشكل كبير".

أضاف أن الحادث "لم يكن هروبًا، بل تهريب متعمد، وهناك ساعة صفر مخططة وأيادٍ نسقت من داخل المركز لعملية الهروب".. مبينًا أن "هذا التراكم كان مستورًا لفترة طويلة، وبالتالي فإنهم قد انفضحوا بهذه الطريقة، وما تم ستره ربما أكثر من هذا، لانشغال البلد بجرائم الإرهاب".

وشدد الهاشمي على أن الهروب "فيه تواطؤ وفساد واستخفاف بقوة القانون على ردعهم، وأخطر ما في هذا الموضوع تحفيز العصابات على تنفيذ مداهمات بعيدة عن المركز".. مشيرًا إلى وجود مراكز شرطة في أطراف بغداد تضم عتات تجار المخدرات.

وأوضح أن "مركز القناة يعتبر من أهم مراكز شرطة بغداد، ومن الغريب أن نجد هشاشة في إجراءات حراسته".. ونوه بأن رجل الأمن الفاسد ينظر إلى تاجر المخدرات الموقوف كدجاجة تبيض ذهبًا.. لافتًا إلى "وجود لوبيات ومجموعات داخل وزارة الداخلية أقوى من قرار السلطة". وشدد على ضرورة إحداث تغيير جذري في بنية الوزارة للتخلص من لوبيات الفساد.

واعتبر الهاشمي أن هذه العملية قد هزت ثقة البغداديين بالشرطة، وأن من واجب الداخلية الآن إعادة الثقة بالقبض على الهاربين وعرض المتواطئين أمام الرأي العام. وأضاف أن "قضية سجن القناة كشفت عورة الحراس، ووضعت حكومة عبد المهدي ووزير الداخلية في مشكلة تستدعي مراجعات جدية".

وكشف الخبير الأمني عن إحصائية رسمية تفيد بتجريم 1000 سجين في قضايا مخدرات عام 2018.. وفي عام 2019 يتم أسبوعيًا تجريم بين 50 و60 متاجرًا بالمخدرات. وأضاف إن معظم السجون امتلأت بالمدمنين على المخدرات، في حين تجارها ينعمون بالحرية.. منوهًا بأن الكثير ممن ألقي القبض عليهم ورميوا في السجون سنتين أو ثلاث سنوات&خرجوا منها تجارًا للمخدرات.

&