واشنطن: ندد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاثنين في خطاب موجّه الى الشعب الأميركي بالعنصرية وإيديولوجيّة تفوّق العرق الأبيض، ردًا على الانتقادات الموجّهة الى تصريحاته المعادية للهجرة التي قد تكون ساعدت في تزكية العنف الذي كانت آخر فصوله مجزرتان أدّتا إلى مقتل 31 شخصا.

وفيما نُكّست الأعلام فوق البيت الأبيض وفي أنحاء البلاد، دان ترمب على غير عادته، بشكلٍ مباشر العنصريّين، في سعيه الى تهدئة مشاعر الأميركيين.&

وفي حين تحاول البلاد استيعاب حادثتي إطلاق النار السبت والأحد اللتين أدّت إحداهما إلى مقتل 22 شخصًا في متجر وولمارت في ال باسو بولاية تكساس، وأسفرت الثانية عن مقتل تسعة آخرين في حانة في دايتون في ولاية اوهايو، لم يقدّم ترمب أفكارًا جديدة تُعالج مشكلة الأسلحة او تخفّف آلام البلد الذي تعوّد على سماع انباء عمليات القتل الجماعية.&

وقال ترمب "يجب على أمّتنا أن تدين العنصريّة والتعصّب ونزعة تفوّق العرق الأبيض".&

وأكّد أنّ المرض العقلي هو السبب الرئيسي وراء عمليّات القتل الجماعي في أميركا، وليس الأسلحة المتوفرة بسهولة أو التفكير المتطرف بحسب ما يرى دعاة ضبط الأسلحة.&

وفي موقعي المجزرتين الأخيرتين -- وهما الهجوم 250 و251 هذا العام -- توافد السكان لتكريم الضحايا.&

وفي كلمته القصيرة، لم يتطرّق ترمب للفكرتين اللتين أوردهما في تغريدات سابقة وهي زيادة التدقيق في خلفيات مشتري الأسلحة، وأنّ أيّ إصلاح لقوانين الأسلحة يجب أن يرتبط بتغيرات في قوانين الهجرة.&

إلا أنه قال إنّه يدعم ما يسمّى قوانين "العلم الأحمر" التي تسمح للسلطات بمصادرة اسلحة من أشخاص بعد أن يتبيَّن أنّهم يشكّلون خطرا جسيما.

من جهته اعتبر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أنّه "يجب أن نرفض بحزم الخطابات التي يُلقيها أيّ من قادتنا والتي تُغذّي أجواء الخوف والكراهية أو التي تجعل المشاعر العنصريّة امرا طبيعيا"، من دون أن يسمّي ترمب مباشرة.

وأعلنت سلطات تكساس الاثنين أنّ هناك مواطنًا ألمانيًا بين الضحايا الـ 22 الذين سقطوا بإطلاق النار السبت في إل باسو.

واوضح قائد الشرطة المحلية غريغ آلن جنسيات الضحايا، قائلا "لدينا مواطن ألماني، و13 مواطنا أميركيا، وشخص غير محدد الجنسية، وسبعة مواطنين مكسيكيين".

واعتبر وزير الخارجية المكسيكي مارسيلو إبرارد ان ما حصل "عمل إرهابي يستهدف المكسيكيين". ويتوجه ترمب الاربعاء الى إل باسو بحسب ما اعلن المسؤول المحلي دي مارغو.

وركز عدد من النواب الاثنين في تصريحاتهم على أن مجلس النواب حيث الغالبية ديموقراطية، أقر في شباط/فبراير الماضي مشروع قانون يعزز التدقيق في سوابق طالب رخصة السلاح، لكنه لا يزال في الادراج بانتظار موافقة مجلس الشيوخ عليه حيث الغالبية للجمهوريين.

وقالت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي الاثنين على تويتر "على الجمهور التدخل للمطالبة بإقرار هذا القانون"، موجّهةً اللوم الى رئيس مجلس الشيوخ الجمهوري ميتش ماكونيل لانه لم يعرضه بعد على التصويت.

كما قال المرشح الديموقراطي في السباق الى البيت الابيض بيتو أوروكي المتحدر من ال باسو "وحده العنصري الذي تحركه الكراهية يمكن أن يكون شاهدا على ما حصل خلال عطلة نهاية الاسبوع، وبدلا من أن يثور ضد الكراهية يتماهى مع دعوة القاتل لجعل بلدنا أكثر بياضا".

وأصيب 25 شخصا في الهجوم في تكساس، بينما أصيب 26 آخرون في اوهايو حيث قُتل مطلق النار بعد 30 ثانية بنيران الشرطة التي كانت تُسيّر دورية في المكان. وتوفي اثنان من الجرحى الاثنين.&

خزان ذخيرة يتضمن 100 طلقة&

قال قائد شرطة دايتون ريتشارد بييل الاحد إنّ الرد السريع للشرطة كان "حاسما" وحال دون دخول مطلق النار إلى حانة "ووقوع إصابات وخسائر بشرية كارثية".

وقال بييل إن مطلق النار كان يضع قناعا ويرتدي سترة واقيقة من الرصاص ويحمل رشاشا مزودا بخزان يتسع ل100 طلقة. وقالت الشرطة إن مطلق النار رجل أبيض يبلغ 24 عاما يدعى كونور بيتس، وأن شقيقته من بين القتلى. وتبين أن ستة من القتلى التسعة من السود.&

وقالت الشرطة الاثنين انها لا تملك دليلا حتى الآن على أن العنصرية لعبت دورا في عملية إطلاق النار في دايتون. وفي تكساس قالت الشرطة إن المشتبه به استسلم على رصيف للمشاة قرب مكان المجزرة. وقالت وسائل إعلام إنه أبيض يبلغ من العمر 21 عاما ويدعى باتريك كروزيوس.

ويعتقد أن كروزيوس نشر بيانا يندد "بغزو ذوي الأصول اللاتينية" لتكساس. وتسكن إل باسو المحاذية للمكسيك غالبية من المتحدرين من أميركا اللاتينية.

خطاب الكراهية

وظهرت رسالة ضد المهاجرين نشرها مرتكب اطلاق النار في تكساس تعكس بشكل مقلق تصريحات ترمب في حملته الانتخابية بشأن "غزو" المهاجرين القادمين عبر الحدود المكسيكية للولايات المتحدة.

وكتب كروزيوس في بيانه أن الهجوم هو "رد على غزو ذوي الأصول اللاتينية لتكساس" وأشار الى حوادث اطلاق النار في كرايست تشيرتش في نيوزيلندا حيث قتل مسلح أبيض 51 شخصا من المصلين في مساجد في آذار/مارس.&

وقالت الشرطة ان مطلق النار وجهت اليه تهمة القتل ويمكن أن يواجه عقوبة الاعدام، وقال مسؤول فدرالي إن المحققين يتعاملون مع عملية إطلاق النار في ال باسو على أنها قضية إرهاب داخلي.&

ورغم سلسلة عمليات القتل الجماعي المروعة في الولايات المتحدة، لا تزال مسألة انتشار الأسلحة تثير الانقسام. إلا أن النقاد يقولون ان عادة الرئيس بالتحدث بشكل مهين عن المهاجرين تؤدي إلى انتشار نزعة كراهية الأجانب في الحياة السياسية وتشجع نزعة تفوق العرق الأبيض.&

وقال مركز "سوذرن بوفيرتي لو" لحقوق الإنسان "القول إنّ خطاب الكراهية الذي تستخدمه ادارته لا يلعب دورا في هذا النوع من العنف الذي شاهدناه بالأمس في ال باسو، لا ينم سوى عن جهل وانعدام مسؤولية".&

وتحدث المعهد عن وصف ترمب للمهاجرين المكسيكيين بأنهم مغتصبون وتجار مخدرات، وذكر كيف أن ترمب لم يفعل شيئا عندما هتف حشد في تجمع انتخابي "اعيدوها إلى بلادها" في إشارة إلى نائبة في الكونغرس.&