نيودلهي: أحدث قرار الهند إلغاء وضع الحكم الذاتي الدستوري لكشمير غضبا وانقساما في الإقليم النائي الواقع في منطقة الهيمالايا حتى مع ابتهاج انصار رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالخطوة المفاجئة.

ومنذ صدور مرسوم مودي الصادم الاسبوع الفائت، أدت الاحتجاجات والاحتفالات في العديد من المدن إلى توسيع خطوط الصدع الديني بين المجتمعات في هذه المنطقة الاستراتيجية.

وكشمير مقسّمة إلى شطرين هندي وباكستاني منذ استقلال البلدين في عام 1947. ويشهد الشطر الهندي من كشمير تمرّدا انفصاليا أوقع عشرات آلاف القتلى.

وينص القرار الجديد على تقسيم الشطر الهندي من كشمير إلى منطقتين خاضعتين مباشرة لسلطة نيودلهي.

وانصب التركيز الدوليّ على وادي كشمير، حيث تم نشر آلاف القوات وقطع خطوط الهواتف والانترنت لمنع تحركات المعارضة للاحتجاج على قرار الحكومة الهندية.

لكن تلك الترتيبات لم تمنع امتداد التوتر الى مناطق اخرى من الولاية التي سيتم اقتطاعها لنصفين بموجب الترتيبات الإدارية الجديدة.

ففي مقاطعة لاداخ الواقعة على منحدر جبلي على الحدود مع الصين، رحّبت الاقلية البوذية بقرار مودي لاقتطاع المنطقة من وادي كشمير ذي الغالبية المسلمة.

وقال الدبلوماسي الهنديّ السابق فونشوك ستوبدان الذي يدير حاليا مركزا بحثيا في ليه كبرى مدن المنطقة إنّ "لاداخ حازت أخيرا حريتها".

وأوضح أنّ البوذيين عانوا من التهميش والاستبعاد من المناصب الحكومية والفرص الأخرى.

ورغم عدد سكان مقاطعة لاداخ القليل، فإن محاذاتها لإقليمي التبت الصيني من الشرق وشينجيانغ من الشمال ضاعف من أهميته الاستراتيجية لنيودلهي.

وقال ستوبدان إنّ المنطقة بحاجة لتنمية.

وتابع "لا يمكنك الإبقاء على المنطقة في حالة متجمدة عندما تحصل المنطقة الكاملة على الجانب الآخر (في الصين) على الطرق والسكك الحديدية في إطار مشروع الحزام والطريق".

وأوضح "كان على نيودلهي القيام بذلك لتغيير الوضع الراهن. هذه ضربة كبرى".

- "خطوة غير ديموقراطية" -

وفي الجهة المقابلة في لاداخ، تعرض الكثيرون من الطائفة الشيعية المسلمة التي تشكّل غالبية سكان مدينة كارغيل للصدمة. وأغلق التجار محالهم لعدة أيام بعد الإعلان الحكوميّ، وسط مواجهات متفرقة بين المتظاهرين والشرطة.

وقال اسغار علي كاربالاي العضو السابق في البرلمان المحلي لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "هذه خطوة غير ديموقراطية. يجب التراجع عنها".

وبموجب الترتيبات الجديدة، لن تحظى لاداخ ببرلمان محليّ.

وقال كاربالاي الذي قاد بعض الاحتجاجات "إنهم يصادرون صوتنا".

وتابع أنّ "الجدل حول هذه المسألة قد يصبح طائفي الآن. أشعر أن معظم المسلمين في لاداخ يعارضون (القرار) والبوذيين يدعمون الخطوة".

لكّن حتى في كارغيل، يتطلع كثيرون لتعزيز الاقتصاد البدائي كما تعهد مودي الذي قال إنّ قطاعي السياحة وتصوير الأفلام سيطوران لاداخ وكشمير إذا ساد السلام.

وقال غولزار حسين الذي يدير متحفا يضم قطعا أثرية من طريق الحرير القديم الذي كان يمر بالمنطقة إنّ القرار "سيؤدي بالتأكيد لفرص اقتصادية وسياحة ونمو أكبر لكل شخص".

- احتفالات بالشوارع -

وفيا لا تزال سريناغار كبرى مدن كشمير والبالغ عدد سكانها 1,2 مليون نسمة خاضعة لحظر تجول، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في جامو الواقعة جنوبا والبالغ عدد سكانها أكثر من 500 ألف شخص.

ويشكّل الهندوس والسيخ أكثر من 60 بالمئة من سكان جامو وقد اشتكى سكانها مرارا من هيمنة كشمير ذات الغالبية المسلمة على شؤون السياسة وقطاع الأعمال.

وشوهد عدد من قادة المجتمعات المحلية يرقصون في شوارع جامو وهم يلوّحون بأعلام الهند بعد قرار مودي المثير للجدل.

وقال سكرتير غرفة جامو للتجارة والصناعة غازراف غوبتا لفرانس برس "بعد 70 عاما من التمييز، لحسن الحظ تم سماعنا أخيرا".

وتابع أنّ "شباب جامو الذين انتقلوا لمدن هندية أخرى من أجل التعليم والبحث عن وظائف سيكون بوسعهم العودة مع فتح أراضينا أخيرا للاستثمارات الهندية والنمو".

وذكرت تقارير إعلامية أنّ القيود الأمنية الحكومية تم رفعها في عدة مناطق في المدينة، إلا أن ذلك لم يمنع المسلمين من تنظيم بعض التظاهرات الصغيرة.