نصر المجالي: وجهت اتهامات من سياسيين بريطانيين وقادة أحزاب في المعارضة وأركان حزب المحافظين ومن داخل حزبه أيضا لزعيم حزب العمال جيرمي كوربين بالتخطيط لانقلاب "يائس"، وتنادت أصوات سياسية كبيرة لإسقاط "الانقلاب الماركسي".

وعبرت ردات الفعل الصادرة، اليوم الخميس، عن غضب عارم على اقتراح كوربين بترؤس حكومة انتقالية قبل الدعوة لانتخابات عامة وتشكيل تحالف عابر للأحزاب لإسقاط رئيس الحكومة وإطلاق حملة من أجل إقرار إجراء استفتاء ثان بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وجاء تحرك كوربين من خلال رسائل بعث بها الليلة الماضية لكبار أعضاء البرلمان من زعماء المعارضة وأعضاء البرلمان المتمردين من حزب المحافظين الذين يعارضون خروج بريطانيا من دون اتفاق.

ويقول تقرير لصحيفة (ديلي تلغراف) إنه كان من المتوقع منذ فترة طويلة أن يقوم كوربين بتحرك لإيقاف مغادرة بريطانيا من دون اتفاق، لكن كان من المعتقد أنه لن يتحرك قبل عودة أعضاء البرلمان من عطلتهم الصيفية في الثالث من سبتمبر المقبل.

البطاقة الأخيرة&

ويضيف التقرير أن كوربين قد يكون اضطر إلى التحرك الآن ولعب بطاقته الأخيرة، عقب تدخلات من قبل توم واتسون نائب رئيس حزب العمال وإيحاءات بأنه بدأ يفقد سيطرته على الحزب.

وفجر اقتراح كوربين جدالا بين مؤيد ومعارض قد لا ينتهي لفترة من الزمن قبل انعقاد البرلمان بعد نحو أسبوعين، لكن نسبة المعارضين يبدو أكثر من المؤيدين، وخصوصا بعد أن أن سكب زعماء المعارضة الماء البارد على فكرة منح زعيم حزب العمال مفاتيح داونينغ ستريت ليصبح&رئيس وزراء انتقاليا.

موقف الوطني الاسكوتلندي

وقال النائب إيان بلاكفورد، رئيس فريق الحزب الوطني الاسكوتلندي (SNP ) في مجلس العموم إن أولوية حزبه تتمثل في إيقاف الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق وليس "تثبيت السيد كوربين في الرقم 10".

وأضاف: أعتقد أنه يمكننا بناء أغلبية يمكن أن تسمح لنا بالسيطرة على جدول الأعمال في البرلمان وطرح تشريعات لمنعنا من الخروج من الاتحاد الأوروبي في نهاية أكتوبر".

ومن جهتها، قالت آنا سوبري، زعيمة المجموعة المستقلة من أجل التغيير، والمعروفة سابقًا باسم Change UK، إنها لا تستطيع أن تنصّب كوربين "لجميع أنواع الأسباب".

وقال نواب سابقون وحاليون من حزب المحافظين الذي يتزعمه بوريس جونسون من بينهم نيك بولس وكارولين سبيلمان ودومينيك غريف والسير أوليفر ليتوين، إنهم كانوا على استعداد للقاء السيد كوربين لمناقشة وقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنهم لم يناقشوا تأييد التصويت بحجب الثقة عن الحكومة.

موقف سوينسون

وقالت جو سوينسون، الزعيمة الجديدة لحزب الديموقراطيين الأحرار (14 نائبا في البرلمان) في تصريحات اليوم الخميس إن جيرمي كوربين ليس هو الشخص الذي سيكون قادرًا على بناء أغلبية موقتة في مجلس العموم لمهمة قيادة حكومة انتقالية.&

وعن رسالة كوربين قالت سوينسون: "هذا هراء. هذه الرسالة ليست سوى خطوط حمراء تتعلق به وموقفه وليست محاولة جادة لإيجاد الحل الصحيح وبناء توافق في الآراء لإيقاف خروج بريطانيا من الصفقة".

وعلى صلة قال متحدث باسم مقر 10 جاونينغ ستريت: "هناك خيار واضح: إما جيريمي كوربين كرئيس للوزراء والذي سيؤدي إلى إلغاء الاستفتاء وتدمير الاقتصاد ، أو بوريس جونسون كرئيس للوزراء الذي سوف يحترم الاستفتاء ويقدم المزيد من الأموال للهيئة الوطنية للصحة والمزيد من الشرطة لحفظ الأمن في شوارعنا".

وهاجم نواب محافظون بريطانيون السيد كوربين على الخطاب ووصفوه بأنه "يائس". وقال زعيم حزب المحافظين السابق إيان دنكان سميث: "كوربين حالة ذعر يدرك أنه لن يفوز في تصويت الثقة لأنه لا يوجد طرف آخر يثق فيه. إنه يائس للفوز في التصويت وهذا هو في حالة من الذعر".

وقال النائب عن حزب المحافظين فيليب ديفيز: "جيريمي كوربين يائس. لقد تعهد في الانتخابات العامة الأخيرة بمغادرة الاتحاد الأوروبي وتكريم نتيجة الاستفتاء".

واتهم ديفيز كوربين بأنه "سوف يفعل أي شيء للاستيلاء على السلطة لإيقاع تطرفه الماركسي بالبلاد - حتى يتخلى عن وعوده للناخبين". وأكد: "لن يغفر أحد من أي عضو في البرلمان المحافظ تصرف لإحداث رئيس وزراء ماركسي. هذه محاولة انقلابية ماركسية".

وقال النائب عن حزب المحافظين بن برادلي: "إن فكرة وجود أغلبية في مجلس العموم لحكومة كوربين هي فكرة مضحكة للغاية".

وقال نايجل إيفانز: "يجب أن يكون وقف كوربين هو الطموح الأول لكل عضو في البرلمان من المحافظين - إذ سيكون رئيس الوزراء بمثابة زلزال اقتصادي ستكون له عواقب على غرار فنزويلا لجيل أو أكثر".

موقف هاموند

يذكر أن اقتراح كوربين جاء غداة فشل هدنة داخل حزب المحافظين في شأن "بريكست" بسبب خلاف بين رئيس الحكومة جونسون ووزير الخزانة السابق فيليب هاموند.

وكتب هاموند رسالة مفجعة إلى جونسون، وقّع عليها 20 من زملائه في حزب المحافظين، أشار فيها إلى أن رئيس الوزراء "وضع العتبة على درجة عالية بحيث لا توجد فرصة واقعية" لإبرام اتفاق طلاق جديد مع الاتحاد الأوروبي.

كما انه هاجم في مقال كتبه في صحيفة (التايمز) دومينيك كامينغز ، مساعد جونسون الأول ومستشاره وقائد حملة الاستفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي اتهمه "بنسج الخيوط" لتوجيه بريطانيا نحو انفصال بـ"لا صفقة" عن الكتلة.

ويشار في الختام، إلى أن حزب العمال الذي يتزعمه كوربين يشغل حاليًا 247 مقعدا في البرلمان ومن أصل 650 نائبا، وهو ما يقل كثيرًا عن "الرقم السحري وهو 320 للحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة.&

هذا فضلا عنه ليس هناك ما يضمن أن جميع مؤيدي كوربين سيدعمونه في أن يصبح رئيسًا للوزراء نظرًا لأن بعضهم يعارض قيادته، في حين أن البعض الآخر يصرون على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مرة أخرى.