باريس: رأى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الجمعة في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن مقترحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاولة احراز تقدم في الأزمة حول الاتفاق النووي الإيراني تسير "في الاتجاه الصحيح"، غير أنه يتعين بذل المزيد من الجهود.

وقال ظريف لفرانس برس بعد لقاء مع ماكرون في باريس أجرى خلاله محادثات نادرة، أن "الرئيس ماكرون قدم اقتراحات الأسبوع الماضي إلى الرئيس (حسن) روحاني نعتقد أنها تسير في الاتجاه الصحيح رغم أننا لم نصل بعد إلى مبتغانا بالتأكيد".

وتابع متحدثا لفرانس برس في مقر السفير الإيراني في باريس "أجرينا محادثات جيدة اليوم" موضحا "ناقشنا الاحتمالات. وسيبحث (ماكرون) الآن مع الشركاء الأوروبيين وشركاء آخرين لنرى في أي اتجاه يمكننا الذهاب انطلاقا من هنا".

وعقد اللقاء بين ظريف وماكرون عشية قمة مجموعة السبع التي تعقد لثلاثة أيام في بياريتس بجنوب غرب فرنسا، بمشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يكون الملف النووي الإيراني من مواضيع البحث الرئيسية خلالها.

وتصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني في الأشهر الماضية بعد انسحاب ترامب من الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2015 وأعاد فرض عقوبات على إيران. وردت طهران على ذلك بوقف التزامها ببعض بنود الاتفاق.

تحاول إيران الضغط على الأوروبيين الساعين للحفاظ على الاتفاق، لحملهم على اتخاذ تدابير تمكنها من الالتفاف على العقوبات الأميركية التي تضرّ باقتصادها وتتسبب للشعب الإيراني بـ"معاناة هائلة" بحسب ظريف.

وهددت بالتخلي عن التزامات أخرى في حال لم ينجح الأطراف الآخرون في مساعدتها للالتفاف على العقوبات الأميركية، خصوصا تلك المتعلقة ببيع النفط والغاز.

ويحاول الأوروبيون إقناع واشنطن بتخفيف العقوبات على النفط الإيراني بهدف دفع طهران لاحترام الاتفاق من جديد.

- واشنطن لا تمسك بكل الأوراق" -

وأكد ظريف مرة جديدة أنه إذا ثبُت لإيران أن أوروبا ستبدأ الالتزام بشقها من التعهدات بموجب الاتفاق النووي، فستعمد عندها إلى وقف التدابير التي اتخذتها لتفعيل برنامجها النووي.

وقال بهذا الصدد "حين تبدأ أوروبا تنفيذ تعهداتها، فستكون إيران أيضا جاهزة للعودة عن الخطوات التي اتخذتها".

وعند استيضاحه حول هذه التلميحات، امتنع ظريف عن إعطاء تفاصيل، مكتفيا بالقول أن على أوروبا أن تجد وسائل لتحفيف الضغط عن إيران حتى إن لم تعد الولايات المتحدة طرفا في الاتفاق.

واستحدثت فرنسا وألمانيا وبريطانيا آلية تعرف باسم "إنستكس" بهدف تسهيل الاستمرار في التعامل مع إيران رغم العقوبات الأميركية، غير أن إيران لم تحقق منها حتى الآن مكاسب تذكر.

وقال ظريف "إننا نبحث عن سبل يمكن لأوروبا من خلالها تنفيذ تعهداتها فعليا، بحيث يمكننا العودة عن الخطوات التي اتخذناها".

وتابع "المهم بالنسبة لنا هو أن نكون قادرين على الاستمرار في التعامل تجاريا مع الاتحاد الأوروبي".

وأوضح أن ما يجري بحثه هو كيفية القيام بذلك "سواء مع الولايات المتحدة أو بدونها".

وأكد موجها كلامه إلى أوروبا، إنه من الممكن تسوية المسألة حتى بدون التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي.

وقال "لا أعتقد أن الولايات المتحدة تمسك بكل الأوراق. إن قررت أوروبا والأسرة الدولية القيام بذلك، يمكنها في الحقيقية اتخاذ التدابير المطلوبة للحفاظ على الاتفاق".

ويهدف الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين طهران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) إلى الحد من أنشطة إيران النووية للتثبت من عدم سعيها لحيازة القنبلة النووية، لقاء رفع جزء من العقوبات المفروضة عليها.

- حوادث وأحداث -

وما ساهم في تصعيد التوتر في الأسابيع الأخيرة في المنطقة احتجاز إيران ثلاث سفن أجنبية في الخليج، بينها "ستينا إمبيريو" التي ترفع العلم البريطاني، فيما تم احتجاز ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق.

وسمحت السلطات البريطانية في جبل طارق للسفينة بمواصلة إبحارها، رافضة طلبا أميركيا لتمديد احتجازها للاشتباه بأنها تنقل حمولة من النفط إلى سوريا، ما يعد خرقا للعقوبات الأوروبية المفروضة على هذا البلد.

وندد ظريف ب"قيام الولايات المتحدة بمضايقات لسفننا في المياه الدولية ومنعها حرية الملاحة".

لكنه رفض أن يحدد وجهة ناقلة النفط "أدريان داريا" التي غادرت جبل طارق.

وقال "لن نعلن عن وجهتها لأن الولايات المتحدة ستقوم بتخريب أنشطتنا الاقتصادية أكثر".

وشدد ظريف على أن إيران لا تريد الحرب مع الولايات المتحدة، لكنه حذر بأن تكثيف الوجود البحري الغربي في الخليج زاد من مخاطر وقوع حوادث يقول المحللون إنها قد تكون سببا في اندلاع مواجهة واسعة النطاق.

وأضاف "من الواضح أن استقدام سفن إلى الخليج الفارسي (...) لن يزيد الأمن (...) بل احتمالات وقوع حوادث وأحداث".