إيلاف من لندن: اتهمت منظمة حقوقية دولية السلطات العراقية اليوم بحرمان آلاف الاطفال من التعليم بشبهة انتماء عائلاتهم لتنظيم داعش محذرة من إن ذلك يدفعهم إلى التطرف واصفة ذلك بالعقاب الجماعي داعية السلطات إلى ضمان الحق في التعليم لجميع الأطفال من دون أي تمييز واعتماد تدابير بعدم انقطاع التعليم اثناء الازمات السياسية.&

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الاميركية الدولية في تقرير الاربعاء إن الحكومة العراقية تحرم آلاف الأطفال، الذين يُشتبه بانتماء أهاليهم إلى تنظيم داعش من حقهم في الحصول على التعليم.&

واضافت في تقرير لها تابعته "إيلاف"، ان الأطفال، الذين ولدوا أو عاشوا في مناطق خاضعة لسيطرة داعش بين عامي 2014 و2017 يفتقدون إلى الوثائق المدنية التي تطلبها الحكومة العراقية للتسجيل في المدارس، ويصعب&حصولهم عليها.

وأشارت إلى أنّ وثيقة صادرة في سبتمبر 2018 ووقعها مسؤولون كبار في وزارة التربية ايدت مناقشة يبدو أنها تسمح بتسجيل الأطفال الذين يفتقرون إلى الوثائق المدنية في المدارس، لكنّ المسؤولين يُعلِمون مُديري المدارس ومجموعات الإغاثة، التي تقدم خدمات الدعم من أجل التعليم أن الأطفال غير الحاملين للوثائق لا يزالون ممنوعين من التسجيل في المدارس الحكومية.

عقاب جماعي

وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش"، إن "حرمان الأطفال من حقهم في التعليم بسبب أمر قد يكون أهاليهم ارتكبوه، هو شكل مضلل، على نحو صارخ، من العقاب الجماعي إذ يقوّض أي جهود حكومية محتملة لمكافحة الفكر المتطرف عن طريق دفع هؤلاء الأطفال إلى هامش المجتمع".

وقال عامل إغاثة يُنسق برنامجا تعليميا في نينوى وثلاثة مديري مدارس هناك للمنظمة، إن مسؤولي الوزارة أخبروهم أن رغم قرار سبتمبر 2018، واعتبارا من 1 يناير 2019، يمكن للتلاميذ الذهاب إلى المدرسة فقط إذا تعهد أهاليهم شخصيا في المديرية العامة المحلية للتربية في محافظتهم بالحصول على وثائق الطفل المدنية قبل نهاية العام الدراسي أو خلال 30 يوما بعد هذا التعهد.

تعليمات بطرد التلاميذ

وأشار مدير مدرسة ابتدائية مجاورة لمخيم للعائلات النازحة، على بعد 30 كيلومترا جنوب شرق الموصل إلى أن الوزارة أصدرت تعليمات للمدارس بطرد التلاميذ الذين لم يلتزم أهاليهم بتعهدهم، حيث يعيش على الأقل 1,080 طفل في سن الدراسة، في المخيم المجاور للمدرسة، حسب ما أكدت إدارة المخيم لكن 50 فقط من هؤلاء الأطفال، الذين لديهم جميعا وثائق صالحة، مسجلون في المدرسة.

وقال مدير مدرسة في مخيم على بعد 30 كيلومترا جنوب الموصل إنه كان يسمح منذ 2018 لجميع الأطفال في المخيم بالتسجيل "لكن بعد استلامه التعليمات الجديدة للوزارة، "توقف 100 طفل على الأقل عن الحضور إلى المدرسة إما لأن أهاليهم لا يستطيعون تحمل تكلفة الذهاب إلى الموصل لتقديم التعهد، أو أنهم غير مقتنعين بجدوى ذلك، لأنهم يعرفون أنهم لن يتمكنوا من الحصول على الوثائق المدنية لهم في غضون 30 يوما".

واوضحت فتاة (13 عاما)، كانت في الصف السادس، إنها أُجبرت على التوقف عن الحضور في يناير،&لان والدتها لا تملك شهادة وفاة الوالد الذي، وفقا للأم، انضم إلى داعش وتوفي، وبالتالي لا يمكنها الحصول على بطاقة هوية صالحة لابنتها.&

وأكدت الابنة "أود أن تعلم، وأريد أن أستمر في الدراسة، وأن أصبح معلمة، ولكن لا أعرف إذا كانوا سيسمحون لي بذلك".

افتقار للوثائق

ويفتقر&العديد من الأسر، التي عاشت تحت سيطرة داعش بين 2014 و2017، إلى وثيقة مدنية أو أكثر التي تطلب المدارس من الأهالي تقديمها لتسجيل هؤلاء الأطفال.&

وقابلت "هيومن رايتس ووتش" ان أكثر من 20 أسرة التي لا يزال أطفالها غير قادرين على التسجيل في المدرسة لهذا السبب بعد قرار سبتمبر 2018. لم تتمكن من تحديد أي أسرة لا تملك وثائق واستطاعت تسجيل أطفالها في المدرسة.

داعش أصدرت وثائقها الخاصة في مناطق سيطرتها

وخلال سيطرتها على المنطقة، كانت داعش عادة ما تُصادر الوثائق المدنية العراقية وأصدرت وثائقها الخاصة، والتي لا تعترف بها السلطات العراقية.&

كما صادرت قوات الامن &العراقية وثائق بعض العائلات أثناء فرارها من القتال أو لدى وصولها إلى مخيمات النازحين. واجهت الأسر التي وُلد أطفالها في مستشفيات تديرها داعش صعوبات في الحصول على شهادات الميلاد وجميع الوثائق اللاحقة لأطفالهم، خاصة إذا كان الزوج ميتا، أو مفقودا، أو معتقلا. تطلب السلطات من النساء شهادة الوفاة أو الطلاق صالحة لإصدار وثائق لهن ولأطفالهن، والتي لا تتوفر عليها معظم النساء في هذه الوضعية.

وأوضحت عشر&نساء في هذا الوضع إنه في ظل هذه الظروف، يجب أن يوقّع مخاتير الأحياء، وهم زعماء محليون تدفع لهم الحكومة رواتبهم، لكي تصدر قوات الأمن التصاريح الأمنية المطلوبة لحصول الأم وبعدها الطفل على الوثائق المدنية.&

ومع ذلك، قال مختار من سنجار، منطقة في محافظة نينوى كانت داعش تسيطر عليها في السابق، إن قوات الأمن هناك أمرته وغيره من المخاتير بعدم ختم وثائق النساء اللواتي انضم أزواجهن إلى داعش ما لم تمثل المرأة أمام قاضٍ وتفتح شكوى جنائية ضد زوجها لعضويته في داعش. قال لسن كلهن راغبات أو قادرات على القيام بذلك.
&
لا شهادات طلاق أو وفاة

وأشارت العائلات إلى أنّه نتيجة لذلك، لم تتمكن العديد من النساء المتزوجات من رجال انضموا إلى داعش، من الحصول على شهادات الطلاق أو الوفاة. حتى أن القوات الحكومية هددتهن بالاعتقال أو غير ذلك من أشكال العقاب الجماعي عندما حاولن الحصول على الوثائق المدنية.&

وقالت امرأة من مدينة القيارة في نينوى، إنها عندما قدمت شهادة ميلاد صادرة عن داعش لابنها (3 أعوام) في مديرية الأحوال المدنية المحلية في أوائل 2018، في محاولة للحصول على شهادة ميلاد صادرة عن الدولة، مزّقها المسؤول. قالت: "قال لي، لن نمنح ابنك شهادة ميلاد، أبوه كان داعشيا".

نصف الأسر لم تتمكن من تسجيل أطفالها في المدارس

وبينت المنظمة ان هناك عقبة أخرى تعترض بعض الأسر تكشف عنها دراسة مشتركة مرتقبة بين "المجلس النرويجي للاجئين"، و"مجلس اللاجئين الدنماركي"، و"لجنة الإنقاذ الدولية"، بعنوان "الأشخاص بلا وثائق ثبوتية في العراق ما بعد النزاع: حرمان من الحقوق ومنع الاستفادة من الخدمات الأساسية وإقصاء عن جهود إعادة الإعمار".&

وقد خلصت الدراسة إلى أن المسؤولين في بعض المدارس كانوا يشترطون ليس فقط وثائق الطفل، بل أيضا أنواع مختلفة من الوثائق المدنية للأهالي بما في ذلك بطاقات الهوية، أو شهادة الوفاة أو الطلاق الخاصة بأحد الوالدين غير الموجود.

وحتى الأطفال الذين يملكون وثائق صالحة لأنهم ولدوا قبل سيطرة داعش في 2014 قد يتعرضون للإقصاء من قبل المدارس التي تطلب هذه الوثائق، في حال لم يعد والدهم موجودًا، وليست لدى والدتهم شهادة الطلاق أو الوفاة.&

ووجدت الدراسة المشتركة أن نحو نصف الأسر التي تمت مقابلتها لم تتمكن من تسجيل أطفالها في المدارس دون تقديم بطاقة الهوية المدنية للأب أو شهادة وفاته.

طلب توضيحات

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" انها كتبت في 26 يوليو إلى الحكومة العراقية تطلب منها توضيحا بشأن موقفها من قدرة الأطفال الذين ليست لديهم وثائق مدنية على التسجيل في المدرسة لكنها لم تستلم بأي رد.

وقالت المنظمة انه بالإضافة إلى واجبها الأساسي بضمان الحق في التعليم لجميع الأطفال، دون أي تمييز، إن على الحكومات اعتماد تدابير لضمان عدم انقطاع التعليم اثناء الازمات السياسية.&

دعوة البرلمان الى إلغاء قوانين تقيد تسجيل الاطفال بالمدارس

واوضحت المنظمة ان المادة 18 من الدستور العراقي تنص على منح جميع الأطفال المولودين لأب أو أم عراقيين الجنسية وبالتالي يحق لهم الحصول على وثائق الهوية.&

ودعت مجلس النواب إلى تعديل أو إلغاء القوانين والسياسات الأخرى السارية والتي تُبطل هذا الحق الدستوري.&

كما طالبت مجلس النواب النظر في تفعيل الاقتراح الذي قدمته لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في يونيو إلى القضاء لإنشاء محاكم خاصة لإصدار الوثائق المدنية لأطفال الأسر التي يُشتبه بانتمائها لداعش.&
وقالت انه في جميع الحالات، على العراق إلغاء اشتراطات حصول العائلات على تصريح أمني من الأجهزة الأمنية كشرط أساسي للحصول على الوثائق المدنية.&

وأشارت إلى أنّه لضمان أن الأطفال يمكنهم التسجيل بحلول 15 سبتمبر&في بداية العام الدراسي، على وزارة التربية إخطار العاملين في جميع المدارس على وجه السرعة بألا يطلبوا الوثائق المدنية كشرط للتسجيل، أو لتقديم الامتحانات، أو للحصول على شهادات، حتى يتم وضع آلية تُيسّر إصدار الوثائق المدنية لجميع الأطفال العراقيين.&

وشددت على الوزارة، بضرورة التعاون مع وكالات المعونة، لابلاغ الأهالي الذين يعيشون في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش وفي مخيمات النازحين بأن اشتراط الوثائق المدنية قد ألغي.

وشددت لما فقيه مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في الختام قائلة لقد "أضاع بعض الأطفال العراقيين ثلاث سنوات من التعليم تحت سيطرة داعش. على الحكومة أن تبذل كل ما في وسعها لضمان ألا يُضيع الأطفال أي سنوات أخرى من التعليم الضروري".