واشنطن: دخل وزير الدفاع الأميركي الجديد مارك إسبر حقل ألغام سياسيا خلال أولى لقاءاته العلنية مع وسائل الإعلام الأربعاء لكنه تجنب كل ما يمكن أن يثير غضب رئيسه دونالد ترمب.

وبعد ساعات من اعتبار سلفه جيم ماتيس أن سياسات ترمب تجاه حلفاء الولايات المتحدة تلحق ضررا بالأمن الأميركي، التزم رئيس البنتاغون الجديد الخط الرسمي إدراكا منه أن ترمب يستمع الى المقابلات المتلفزة لوزراء حكومته ويجري تقييما لما يقولونه.

وطوال أكثر من عامين، تجنب ماتيس الظهور امام الكاميرات، مدركا أن التعبير عن رأيه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم العلاقة المتوترة مع البيت الابيض بسبب خلافات أساسية حول سياسة الدفاع الأميركية.

قدم ماتيس استقالته أواخر العام الماضي.

وأوضح إسبر، الحليف الوثيق لوزير الخارجية مايك بومبيو الذي اصبح مستشار الأمن القومي الرئيسي لترمب حاليا، أنه لن يغير رأيه حتى في ظل سياسة الرئيس غير التقليدية والتحولات الحادة في مبادئ الدفاع الأميركية القديمة.

-"جميع الخيارات على الطاولة"-
لم يتفاعل الوزير لدى سؤاله عن تأكيد ترمب أن الجيش الأميركي يمكنه تسوية النزاع في أفغانستان بسهولة.

وقد صرح ترمب الأسبوع الماضي "يمكننا كسب تلك الحرب في أسبوع إذا أردنا خوضها، لكنني لا أتطلع إلى قتل 10 ملايين شخص"، مرددا تعليقات مماثلة سابقا اثارت تكهنات بأن الأسلحة النووية فقط يمكنها القضاء بسرعة على مثل هذا العدد الكبير.

وقال اسبر "نحتفظ بحق إبقاء جميع الخيارات مطروحة".

وتابع "نأمل أن نتمكن من التوصل إلى نوع من الاستنتاجات التي يمكن أن تؤدي إلى اتفاق سياسي" وإحلال السلام في البلاد.

كما تبنى الوزير التغيير في سياسة ترمب تجاه إيران التي كان وصفها بأنها العدو الأول بعد توليه منصبه في كانون الثاني/يناير 2017.

وكان ترمب صرح الاثنين أنه مستعد للجلوس والتفاوض مع قادة طهران بعد عرض لترتيب قمة اعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال اسبر للصحافيين "نأمل أن يوافق الإيرانيون على الاجتماع والتحدث ومساعدتنا في حل هذه القضايا".

-الصين هي المنافس الرئيسي للولايات المتحدة-
وخلال عرض عناوين سياساته، سلط الوزير الضوء على الصين باعتبارها المنافس الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة، مع الإشارة بشكل طفيف إلى روسيا التي يعتبرها ترمب شريكا محتملا.

وفي الوقت نفسه، ركز اسبر على إطلاق قيادة الفضاء الأميركية، مشروع ترمب الذي عارضه ماتيس باعتباره غير ضروري.

وقال اسبر إن "سلاح الفضاء هو الخطوة الحاسمة التالية نحو إنشاء قوة فضائية مستقلة كخدمة مسلحة إضافية".

وقد خدم اسبر، وهو زميل بومبيو في الأكاديمية العسكرية الذائعة الصيت "ويست بوينت"، في الجيش عدة سنوات قبل ان ينضم إلى صناعة الدفاع ليصبح مديرا تنفيذيا لاحد كبار مزودي البنتاغون، شركة "رايثيون".

وكوزير للجيش خلال ولاية ماتيس، كان أقرب إلى بومبيو وتجنب المعارك السياسة التي خاضها ماتيس مع البيت الأبيض.

لم يكن اسبر خيار ترمب الأول لقيادة البنتاغون، ومع ذلك فقد حصل على مباركة الرئيس عندما أدى اليمين في 23 تموز/يوليو.

وقال الرئيس "لا يوجد شخص آخر أكثر أهلية لتولي منصب وزير الدفاع".

-التحولات في سياسة ترمب-
&لكن فترة ولايته في المنصب قد تكون أسهل إذ يبدو أن ترمب قد تراجع عن السياسة المتشددة تجاه ايران التي لم يوافق عليها ماتيس، وبالطريقة نفسها تحرك لخوض محادثات نزع السلاح النووي مع كوريا الشمالية بشكل بطيء كما نصحه ماتيس.

إضافة إلى ذلك، فإن السياسة التي أدت الى استقالة ماتيس- الانسحاب من أفغانستان- اصبحت حاليا قيد التنفيذ في مفاوضات مع طالبان، ومن المحتمل أن لا يتمكن اسبر من عكس العملية لو أراد ذلك.

لكن في مقال رأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأربعاء، أبرز ماتيس ما قد يشكل التحدي الأكبر الذي يواجهه خليفته في خدمة ترمب.

فقد هاجم ترمب لتمزيقه التحالفات الأميركية، وبعد أيام من قمة مجموعة السبع ظهر أن الرئيس يخالف خطوات شركاء بلاده الرئيسيين.&

وكتب ماتيس في أول تعليق علني منذ استقالته إن "المعاتبة الاكثر تداولا في قوة المارينز هي انك عندما تذهب إلى معركة بالأسلحة، أحضر جميع أصدقائك مع البنادق".

وأضاف "يجب على القائد أن يبدي فطنة استراتيجية تتضمن احترام الدول التي وقفت معنا عندما لاحت في الأفق المشاكل".

وختم ماتيس ان "الأمم تزدهر مع الحلفاء، أما تلك التي بدونهم فانها تذوي. أميركا وحدها لا تستطيع حماية شعبنا واقتصادنا".