إيلاف من لندن: كشفت منظمة حقوقية دولية اليوم عن طرد السلطات العراقية قسرا خلال الايام العشرة الاخيرة اكثر من الفي عراقي من مخيمات النازحين في محافظة نينوى الشمالية باعتبارهم من اسر تنظيم داعش.

وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات المحلية طردت منذ 23 أغسطس 2019 أكثر من الفي عراقي من مخيمات النازحين في محافظة نينوى وأجبر البعض منهم &على العودة إلى مناطقهم الأصلية رغم المخاوف حيال سلامتهم، بما فيها التهديد من جيرانهم السابقين الذين يعتقدون أن لهم علاقة بتنظيم "داعش" حيث هوجموا منذ إجبارهم على العودة إلى ديارهم.. فيما منعت السلطات في نينوى تحرك أُسر حاولت مغادرة المخيمات لتجنب الطرد.

المنظمة تعترض

وقالت لما فقيه رئيس قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش "يحق للنازحين، كما جميع العراقيين، التنقل بحرية في بلادهم واختيار الأماكن التي يرونها آمنة للعيش. لا يمكن للسلطات نقل أشخاص دون استشارتهم أولا، لا سيما إلى أماكن يتعرضون فيها وعائلاتهم للخطر".

كما أعلنت السلطات في صلاح الدين عن خطط لإغلاق مخيمات النازحين مع إجبارها الناس بالفعل على العودة إلى محافظاتهم الأصلية. وفي أوائل يوليو/تموز الماضي أصدر "مجلس الأمن الوطني"، الذي ينسق استراتيجية الأمن القومي والاستخبارات والسياسة الخارجية في العراق، القرار 16ولكن لم يُنشر القرار علنا، فيما وصف مسؤولون محتوياته في رسائل إلى المنظمات الإنسانية بأنه يأمر بمغادرة مَن هم مِن خارج نينوى، وتعدادهم على الأقل 38,040 شخصا، المخيمات في نينوى.&

زيادة الاجراءات الامنية

كما يفرض القرار على قوات الأمن إنشاء قاعدة بيانات للسكان وعزل الأسر التي ينظر إليها على أنها مرتبطة بـ داعش.. ويدعو ايضا إلى زيادة الأمن لمنع الناس من دخول المخيمات أو مغادرتها دون إذن، وتعيين المزيد من رجال الشرطة في المخيمات للسيطرة على حركة الناس وتقييم عمل المنظمات غير الحكومية العاملة في المخيمات والتدقيق فيها.

تدقيق.. وطرد عائلات

واستجابةً للقرار، بدأت السلطات بعمليات تدقيق في جميع أنحاء مخيمات نينوى. وقال عاملو إغاثة إنه في 21 أغسطس، أبلغ مسؤولو وزارة الهجرة والمهجرين عمال إغاثة في مخيّمين حيث انتهت عمليات الفحص في نينوى عزمهم على طرد القاطنين من المحافظات الأخرى، بدايةً من الأنبار التي كانت معقلا سابقا لداعش.

وفي 23 أغسطس، طردت قوات الأمن في قيادة عمليات نينوى 36 عائلة من الأنبار، ومعظم معيلاتها نساء، بإجمالي 150 شخصا، وأعادتها إلى مناطقها الأصلية في الأنبار ضد إرادتها أو السماح لها بإحضار ممتلكاتها. أُبلغت العائلات بأنها ستُنقل إلى مخيم في الأنبار، بحسب ما ابلغت ثلاث عائلات منها هيومن رايتس ووتش. واتصلت العائلات بموظفي الإغاثة للتعبير عن مخاوفها عندما وجدت أنها أُعيدت في الواقع إلى ديارها، وحاول عمال الإغاثة التدخل دون جدوى.

هروب عائلات بعد تهديدها

وقال عامل إغاثة في الرمادي إن إحدى العائلات فرت إلى مخيم للنازحين على بعد 25 كيلومتر، بعد أن هدد السكان المحليون بقتل أفرادها لانتمائهم المفترض إلى داعش.&

وتعيش 16 عائلة أعادتها قوات الأمن قسرا في منطقة الحديثة منذ 25 أغسطس في مدرسة عامة محاطة بالشرطة على بُعد ثلاثة كيلومترات تقريبا لشعورها بالخوف، على حد قول اثنين منها لـ هيومن رايتس ووتش واوضحت إنه في 28 أغسطس ألقى شخص قنبلة يدوية على المدرسة ولكن لم يصب أحد في الداخل.

كما قال عاملا إغاثة إنه في مكان آخر في الأنبار قالت قوات الأمن المحلية إنها منعت ست عائلات على الأقل من دخول مسقط رأسها لانتمائها المفترض إلى داعش. واوضحا إن العديد من العائلات اتصلت بمجموعات الإغاثة طلبا لمساعدتها في الانتقال إلى المخيمات القريبة لشعورها بالخوف.

ارغام عائلات مغادرة على العودة الى المخيمات

ولم يكن لدى إدارة المخيم الوقت الكافي لإصدار رسائل مغادرة لعائلات الأنبار المُرَّحلة لمساعدتها على تجاوز نقاط التفتيش، والحصول على تصاريح أمنية في المناطق التي عادت إليها، والتقدم بطلب للحصول على الأموال المتوفرة للأسر العائدة.

بعد عمليات الطرد، بدأت عائلات أخرى من خارج نينوى بمغادرة المخيمات لتجنب الطرد، لكن في 25 أغسطس، أمرت الفرقة 16 في الجيش العراقي إدارة مخيمين على الأقل بمنع العائلات من المغادرة.&
وقال ثلاثة أفراد من العائلات وعمال إغاثة إن الجيش أجبر بعض العائلات المغادِرة على العودة إلى المخيمات تحت تهديد الاعتقال.

في 28 أغسطس، طردت قوات الأمن بالقوة من نفس المخيمات 151 عائلة - 610 وأشخاص على الأقل - أصلهم من الحويجة، وهي منطقة في غرب كركوك لا تزال تعاني من هجمات داعش والعمليات العسكرية، إلى مخيمات في منطقة كركوك، بحسب عامل إغاثة هناك، ما تسبب في نقص الغذاء في المخيمات التي نُقلوا إليها. لكن قال عامل إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن محافظ كركوك وافق فيما بعد على السماح للعائلات بالاستمرار في العيش في المخيمات هناك، بدلا من إجبارها على العودة إلى ديارها.

قنابل باتجاه المخيمات

كما طردت قوات الأمن 671 شخصا على الأقل من مخيمات نينوى إلى مخيم في صلاح الدين في 31 أغسطس. وقالت عائلتان إنه في صباح اليوم التالي لوصولهما، أصابت قنبلتان سياج المخيم. قال رجل (50 عاما) إنه شعر وعائلات أخرى بالخوف بعد أن حثت مواقع التواصل الاجتماعي السكان المحليين على الاحتجاج على وجود العائلات، مع احتواء بعضها على تهديدات مبطّنة بالإعدام.&

وقال عمال إغاثة مطّلعون إن قوات الأمن نقلت العائلات إلى مخيم آخر في صلاح الدين في 2 سبتمبر بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة للعائلات. قام السكان في موقع المخيم الجديد باحتجاجات عندما سمعوا بوصول العائلات.

إغلاق مخيمين

في 2 سبتمبر، طردت السلطات 481 شخصا آخرين من مخيمات نينوى إلى صلاح الدين، بعد تركهم ينتظرون الحافلات زهاء خمس ساعات بلا حمّام أو طعام.

أخبر نائب محافظ صلاح الدين، التي تضم حاليا 105,390 نازحا، عمال الإغاثة في يونيو أنه يستهدف إغلاق معظم مخيمات النازحين ومواقع الإقامة غير الرسمية بحلول أوائل سبتمبر، مع تصريحات من المسؤولين المحليين في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر أنه سيتم إغلاق مخيمين على الأقل بحلول أوائل سبتمبر. بحلول 24 أغسطس، طردت قوات الأمن أكثر من 500 أسرة من مستوطنة غير رسمية في صلاح الدين، بحسب عامل إغاثة.

حقوق النازحين

تضمن "المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن النزوح الداخلي" حقوق النازحين في حرية الحركة واختيار مكان إقامتهم، وكذلك حقهم في التنقل بحرية داخل المخيمات وخارجها.

ينبغي للسلطات في العراق ألا تجبر الناس على العودة إلى أماكن محددة أو البقاء فيها، واحترام حقهم في حرية الحركة.&

وشددت المنظمة على انه ينبغي لها فورا تسهيل عودة العائلات التي ترغب في العودة إلى مناطق غير متأثرة بالعمليات العسكرية الجارية وإذا لم تستطع السلطات ضمان سلامة الأسر، ينبغي لها السماح للعائلات بالبقاء في المخيمات أو الانتقال إلى أخرى تتيح حرية الحركة أو إلى مناطق أخرى يمكن للسلطات حمايتها بالشكل الكافي.

وتماشيا مع هذه المعايير، ينبغي للسلطات ضمان إخطار النازحين قبل سبعة أيام على الأقل من عمليات إجلائهم وعرض مجموعة من الخيارات التفصيلية لمساعدتهم في الانتقال بأمان.&

سلامة النازحين

وشددت "هيومن رايتس ووتش" على انه ينبغي على السلطات ضمان أن يكون لدى إدارة المخيم الوقت لإصدار رسائل المغادرة اللازمة للسفر، وإعادة التوطين، والتقدم بطلب للحصول على المساعدة، وقدرة الناس على أخذ ممتلكاتهم معهم.

وقالت فقيه في الختام "خلال الأسبوعين الأخيرين، نقلت الحكومة فعليا أشخاصا إلى أماكن يُستهدفون فيها بقنابل يدوية ويُهددون بالقتل. قبل أن يستقل الناس الحافلات الحكومية لنقلهم خارج المخيمات، ينبغي للسلطات توضيح وجهة الحافلات كي تتمكن العائلات من اتخاذ قرار مستنير بشأن سلامتها".