كشف أحد أقارب زعيم داعش عن أوضاع الأخير الصحية والتنظيمية والخلافات التي يعانيها مع مقربين منه.. فيما اعتبر خبير أمني عراقي أن فيديو التنظيم المتداول حاليًا حول مبايعة البغدادي دليل على أن التنظيم قد تخلى عمّا يسمى أرض التمكين من قتال المدن إلى قتال خارجها من خلال أسلوب المكامن.

إيلاف: كشف مقرب من أبو بكر البغدادي أن زعيم تنظيم داعش هذا يعاني من مشاكل صحية وآلام ناتجة من عملية جراحية. وأكد عضو التنظيم رباح علي إبراهيم علي البدري ابن عم البغدادي، والمقرب منه، في اعترافات نشرتها صحيفة القضاء الناطقة باسم المجلس الأعلى للقضاء العراقي، واطلعت عليها "إيلاف"، أن الأخير يعاني من مشاكل صحية.&

وأشار البدري إلى أنه كان يعمل في ديوان الزراعة قسم الثروة الحيوانية، حيث كان يقتصر عمله على تربية الأغنام والمواشي وبيعها وإرسالها إلى بيت المال للتصرف بها.. وأوضح أن "ديوان الزراعة كان يشكل موردًا ماليًا مهمًا للتنظيم، فضلًا عن الموارد الأخرى".

أضاف إن لقاء جمعه مع البغدادي قد أظهر أنه يعاني من التعب والإرهاق وعلامات التقدم في السن، كما يعاني من ألم نتيجة للعملية الجراحية التي أجراها في وقت سابق في أذنه اليسرى في منطقة البوكمال السورية.&

خلافات تعصف بقيادة التنظيم
وأوضح أن تنظيم داعش قد شهد قبل اندحاره وطرده من المدن في أواخر عام 2017 خلافات حادة ‏عصفت به، ووصلت إلى حد انقلاب قادة مقاتلين أجانب وعرب، لاسيما المقاتلون التونسيون، بسبب اختفاء "الخليفة" البغدادي، وتأخر ظهوره على الساحة.. منوهًا بأن هذا قد ترك أثره على البغدادي.

الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف

روى البدري الذي يمثل أمام القضاء العراقي حاليًا، في معرض اعترافاته أمام محكمة تحقيق الكرخ في بغداد المتخصصة في قضايا الإرهاب ‏أبرز ما دار بينه وبين ابن عمه في اللقاء الوحيد الذي جمعهم منذ إعلان "دولة الخلافة"، موضحًا أن المقربين هؤلاء قد تعرّضوا للمنع والتحذير كأقرباء للخليفة من محاولة التقرب له أو اللقاء به، خشية‏ ملاحقته أو كشف مكان تواجده.‏

وقال "كنت مقربًا من البغدادي، نشأنا معًا منذ الطفولة، وافترقنا في نهاية ‏الثمانينات عندما انتقل إلى الدراسة في بغداد حتى حصوله على شهادة الدكتوراه، وخلال تلك الفترة ‏كنا نلتقي بين الحين والآخر".‏ وأضاف "كان البغدادي هادئًا وبعيدًا عن الأفكار المتطرفة والمتشددة، وقد اعتقل عام 2007 من ‏قبل القوات الأميركية، ووضع في معتقل بوكا الأميركي في مدينة البصرة الجنوبية، ثم خرج من المعتقل عام 2008، وعندها التقيت ‏به، وكان اللقاء الأخير قبل توليه خلافة تنظيم (الدولة الإسلامية). وبيّن أنه علم بعد العام 2010 بأن البغدادي قد أصبح مطاردًا لانخراطه في صفوف ‏التنظيمات الإرهابية.‏

وأشار البدري في اعترافاته أمام القاضي المتخصص في نظر قضايا جهاز المخابرات الوطني العراقي، ‏والذي تولى التحقيق معه قائلًا "عيّنت للعمل في ديوان ‏الزراعة قسم الثروة الحيوانية، حيث كان يقتصر عملي على تربية الأغنام والمواشي وبيعها ‏وإرسال الأموال إلى بيت المال للتصرف بها"، منوهًا بأن "ديوان الزراعة كان يشكل موردًا ‏ماليًا مهمًا للتنظيم، فضلًا عن الموارد الأخرى".‏

أضاف "عمل أولادي الثلاثة في المفارز العسكرية ضمن ولاية نينوى، وأنيطت بهم واجبات ضد ‏القوات العسكرية العراقية المتقدمة والاشتباك معهم، بعد صدور أوامر من والي نينوى آنذاك ‏بحل جميع التشكيلات الإدارية، وتنسيب مقاتليها إلى المفارز العسكرية عند تقدم القوات لتحرير ‏المدينة".‏&

وأوضح أنه "عند تحرير مدينة الموصل من قبل القوات العراقية انتقلنا بصحبة عائلاتنا إلى ولاية ‏الفرات، وعملت هناك في ديوان الزراعة أيضًا، وبعد تقدم القوات لغرض تحرير محافظة الأنبار ‏انتقلنا عبر الحدود إلى سوريا، منطقة شعفة تحديدًا".‏

اللقاء مع البغدادي
وعن محاولاته للقاء بابن عمه البغدادي، قال البدري "تلقينا تحذيرات عديدة، ومنعًا ‏من محاولة التقرب أو اللقاء بالخليفة أبو بكر البغدادي كأقرباء له من قبل شقيقه، وهو المكلف ‏بحمايته وحارسه الشخصي، خشية ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية أو معرفة مكان تواجده، ‏لذلك لم أفكر حتى بالحديث في الأمر".‏

وبيّن رباح أنه "في أحد الأيام أثناء ما كنت متواجدًا في إحدى الدور في منطقة شعفة حضر ‏لي الإرهابي أحمد شقيق أبو بكر البغدادي وحارسه الشخصي بصحبة شخص لا أعرفه يكنى ‏أبو هاجر، وطلب مني الذهاب معه إلى مكان لم يحدده".‏ وزاد "ركبت العجلة، وهي من نوع كيا حمل، وقاموا بعصب عينيّ حتى لا أتمكن من مشاهدة ‏الطريق أو المكان الذي كنا قد ذهبنا إليه، وبعد وصولنا إلى المكان وفتح عيني فوجئت بوجود ‏ابن عمي وصديق الطفولة أبو بكر البغدادي، ما شكل صدمة لي ومفاجأة كبرى لم أتوقعها قط".‏

البغدادي يسكن في بيت&صغير&قرب الحدود مع سوريا
وأوضح "كان أبو بكر يقطن في بيت بسيط صغير لا تتجاوز مساحته 150 مترًا، وكان ‏بصحبته رجل عربي، يبدو أنه سعودي، فبدأ يسألني عن أخباري وعن أحوالي ‏ومصير الأسرة، وطلب مني نقل العائلات إلى مكان آمن، خشية من تعرّضهم لمكروه، لكون ‏المعارك أخذت تشتد فضلًا عن الخلافات التي بدأت تعصف بالتنظيم".‏

وأكد بالقول "أخبرت الخليفة أبو بكر أن هناك خلافات حادة عصفت بالتنظيم سببها اختفاؤك ‏او تأخر ظهورك على الساحة وادعاء المقاتلين العرب بعدم وجود خليفة، حتى انه في إحدى ‏المرات اثناء ما كنا متواجدين في احد المساجد، خرج احد المقاتلين التونسيين وقال لا يوجد ‏خليفة؟، متسائلاً بصوت عال: أين الخليفة؟".‏

وقال ان "البغدادي اخبرني بالنص بأننا غرقنا بالأشخاص الذين يعملون ضدنا، وإنه كان ‏على علم بكل ما يحدث، هذه الخلافات أخذت تشتد حتى تطور الأمر ليصل الى مرحلة ‏الانقلاب قاده مقاتلون أجانب وعرب"، مبينًا أن "ابرز من كان يروّج للخلافات ويدعي بعدم ‏وجود خليفة هم التونسيون في صفوف التنظيم، وكنا نعاني أيضاً من السعوديين المنخرطين ‏في صفوف التنظيم لتشددهم وتطرفهم المبالغ فيه".‏

ثم قال البدري في الختام "ودّعني أبو بكر البغدادي، وخرجت بالطريقة نفسها التي دخلت بها معصوب ‏العينين، وكان قد كرّمني بمبلغ من المال، وكنت انا الوحيد من أقربائه الذي التقيت فيه، وهو ‏اللقاء الأول والأخير، بعدما أصبح زعيم تنظيم الدولة الإسلامية".‏

داعش انتقل من حرب المدن الى خارجها بأسلوب الكمائن
اعتبر خبير امني عراقي ان فيديو التنظيم المتداول حاليا حول مبايعة البغدادي دليل على ان التنظيم قد تخلى عما يسمى أرض التمكين من قتال المدن إلى قتال خارجها من خلال اسلوب المكامن.

فقد انتشر فيديو قصير على وسائل التواصل الإجتماعي خلال الساعات الاخيرة يبايع فيه مجموعة من المقاتلين من العراق أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، حيث يظهرهم وهم يرتدون المعاطف، ما يوحي بأن الفيديو قم تم تصويره قبل أشهر، وربما قبل ظهور البغدادي في أبريل الماضي.

تقرب داعش من القاعدة وطالبان
وعن الرسالة التي اراد إيصالها هذا التسجيل المصوّر اوضح الخبير العراقي في الجماعات المتشددة فاضل أبو رغيف في مقابلة مع قناة "أخبار الآن" وتابعتها "إيلاف" الخميس تفاصيل ومعطيات هذا الفيديو وتوقيت نشره وما الرسالة المراد توجيهها منه قائلًا إن
هذا التسجيل إختاروا له عنوان "والعاقبة المتقين" والمتقين هي آية قرآنية وردت في سور عدة "القصص" و"طه" و"الأعراف" و"موسى"، حيث بشر النبي موسى بدولة التمكين، وكذلك على لسان قارون، وقد وردت في التسجيل مفاهيم عدة للتنظيم، لكن الأبرز ان هذه المرة تجنبوا ذكر الرافضة او السنة على انهم من الكفرة، فقالوا فقط انهم من المرتدين، ومشايعتهم للمقتول أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة سابقًا، والحال ان الزرقاوي ينتمي إلى القاعدة، وتنظيم داعش يختلف إختلافا واضحا عقائديا مع القاعدة، وفي هذا الفيديو تظهر إشارة إلى انهم يحاولون التقرب من القاعدة وطالبان للتمكين وتوحيد صفوفهم.

داعش يتخلى عن قتال المدن الى القتال خارجها
وحول الملاحظات التي تلفت الإنتباه في هذا التسجيل اشار ابو رغيف الى انه قد مرّت في الفيديو عبارة دقيقة جدا "وضعت الحرب أوزارها"، ما معناه أن التنظيم ماضي قدماً في حربه على شكل مفارز ومجاميع وأفراد، التنظيم تخلى عما يسمى أرض التمكين من قتال المدن إلى قتال خارج المدن، هذا طريق الجديد يعني اتباع اسلوب المكامن.

اضاف ان التنظيم الجديد فقد قيادات الصحراء، منهم بدر الزرقودي وابو هاشم وابو ثابت الجميلي، وهو والي ولاية الجنوب في العراق، لكن مع ذلك يحاول ان يعيد الى الذاكرة بان التنظيم باق في الجنوب وشمال العراق، والحال ان ولاية جنوب بغداد تمامًا قد فككت، ولم يتبق منها إلا عين بعد أثر.

تصدع وتشتت التنظيم
عن سبب ارسال تنظيم داعش العراق تجديدات البيعة هذه، قال الخبير الامني انه تم في الفيديو الاشارة الى ان البيعة تعطى بعد الإبتلاء، وان كل إبتلاء تتبعه منحة، لذلك بعد التشرذم الكبير الذي وقع، وبعد تنصيب عبدالله قرداش في العراق مساعدا للبغدادي فإن التنظيم تصدع وتشتت، وهو يعمل اليوم في اسلوب لا مركزية العمل، لذلك تجديد البيعة هي عملية تصوير، وهذا التصوير يحاول ان ينفخ في الصورة البنيوية للتنظيم، وبث الروح المعنوية من جديد، والدفع من جديد لشحن التنظيم الذي يحاول ان ينفخ بركامه بعد انهياره.

تراحع تقنيات تصوير فيديوهات داعش
في ما يخص بعض الملاحظات التقنية التي خرج بها التسجيل، والتي تدل على تراجع التقنيات في التصوير والمونتاج، بيّن ابو رغيف ان التصوير تم في كاميرات ضعيفة جداً ولم يتم بطريقة جودة الصورة كما كان سابقا، ولم تكن هناك حتى طريقة زوايا التصوير المستخدمة سابقا، السبب الرئيس هو أن التنظيم يمر بحالة قلقة، وهذا التسجيل إستغرق أيامًا لإنجازه، وهذا جلي في تاريخ التسجيل وتاريخ بثه.

وأضاف ان ضعف التصوير سببه القبض على الكثير من المصورين، منهم أبو حمزة البلجيكي، الذي كان المصور الأساسي للتنظيم، وهنالك مصور بريطاني أيضا القي القبض عليه، وكذلك من العرب الذين قتلوا او قبض عليهم، وهم كانوا يعملون في المونتاج والتصوير.. اضافة الى ان المخابرات العراقية فككت الأجهزة الصوتية الخاصة بهم، والقت القبض عليهم، وهذا نتيجته ذلك التصوير السيء الذي لم نعتد عليه سابقاً، ما يعكس الحالة الإقتصادية التي يمر بها التنظيم.

&
&